طالب الدكتور عبدالعزيز الدخيل رئيس المركز الاستشاري للاستثمار والتمويل بعدم منح تراخيص للبنوك وأن يكون هناك مزايدة ومنافسة على تراخيص البنوك وفق ضوابط وأهداف معينة يفوز بها الأفضل، إضافة إلى العمل على منح مؤسسة النقد استقلالية عن وزارة المالية وفك هذا التلاحم بينهما. وذكر الدخيل خلال طرحه لورقة «الاستثمار والبيئة الاستثمارية في المملكة» ضمن محور (حوافز الاستثمار.. الواقع ومقومات التطوير) برئاسة الدكتور عبدالله صادق دحلان عضو مجلس الشورى خلال فعاليات المعرض والملتقى الدولي لآفاق الاستثمار أمس بالرياض، إن حجم الدولة مترهل بشكل كبير وأن هناك لجنة على مستوى مجلس الوزراء تسمى «لجنة الإصلاح الإداري»، إلا أن هذا الإصلاح لا يزال متأخرا، وأن رواتب الموظفين تستهلك نحو 50 في المائة من الميزانية وهذا غير مقبول. وأكد الدخيل ان خطط الحكومة الخاصة بعملية السعودة جيدة، إلا أن أسلوب تطبيقها غير سليم، حيث إن إحلال السعوديين بالوظائف من دون تطويرهم سيؤدي إلى خلل، وأن تطوير الإنسان أولا مسؤولية الدولة من حيث إعادة منهج التعليم، مضيفا «لا بد من الموازنة والبدء أولا بالعملية الشاقة». وشدد الدخيل على الحاجة الملحة للمحاسبة ووضع حد للفساد المالي والإداري، وأنها من الأمور التي تعطل عجلة التنمية، إضافة إلى أن النظام القضائي يحتاج أيضا إلى تطوير لكي يساعد في عمليات الاستثمار، فضلا عن الأنظمة التجارية والاقتصادية التي عفا عليها الزمن وتحتاج إلى تحديثها وتغييرها وإيجاد أنظمة ملائمة للمرحلة الحالية. وذكر ان الاستثمار هو الآلية التي تؤمن الاستمرار في عمليات الاستهلاك، وأنه عملية مهمة في الاقتصادات الوطنية وخاصة في المملكة لأن جزءا كبيرا من اقتصادها يعتمد على البترول، وأنها في الحقيقة ليس عملية إنتاج وإنما استهلاك، مبينا أن الاستثمار ليس بالمال فقط وإنما بالإنسان أيضا من خلال تأهيله.وأوضح الدخيل ان هناك تأثيرا ودورا رئيسيا للدولة على البيئة الاستثمارية نظرا لاستحواذها على القوى التشريعية والتنفيذية والقضائية، مبينا أنه لا بد من فصل هذه القوى. وذكر الدخيل ان الميزانية في المملكة تشكل حجر الزاوية سواء للقطاع العام أو الخاص، والمهم هو كيفية إعدادها وكيفية صرفها، موضحا أن آلية الإنفاق قديمة جدا ولم تتغير ولم تتطور، ولا تزال تعتمد على مركزية وزارة المالية، وأن الصرف مقيد بشكل كبير. وقال الدخيل إن وزارة المالية هي الخصم والحكم، وأنه لا بد من تفعيل دور مجلس الشورى في هذا الخصوص، مطالبا بعرض مسودة الميزانية على مجلس الشورى لإبداء المقترحات والآراء والموافقة عليها، إضافة إلى تقييد قرارات الاستدانة، وأنه يجب أن لا يكون هناك حق مباشر لوزارة المالية بذلك. وحول فرض ضرائب على الدخل أوضح الدخيل أنه يجب البدء في تأسيس نظام ضريبي حتى وإن كان بسيطا، مبينا أن النظام الاقتصادي بدون ضرائب سيقود إلى العجز، وأنه بوجود هذا النظام سيساعد على تعزيز الشعور بالوطنية والمشاركة في ميزانية البلد، فضلا عن تحقيقه للعديد من المزايا الجيدة. واختتم الدخيل ورقته بالمطالبة بوضع السياسات الملائمة لإعطاء المرأة كامل حقوقها وفق الشريعة الإسلامية والضوابط الاجتماعية. من جانبه تطرق المتحدث الثاني في هذا المحور الدكتور فهد السلطان أمين عام مجلس الغرف التجارية الصناعية خلال ورقته التي جاءت بعنوان «دور الغرف التجارية ومجلسها في دعم وتشجيع الاستثمار» إلى واقع الاستثمار في المملكة، والاقتصاد السعودي من المنظور العالمي، وعوائق الاستثمار والتحديات المحلية والدولية، والعولمة وتحدياتها، والدور المطلوب من القطاع العام والخاص. وبين السلطان ان معطيات العولمة تتطلب تغييرا جذريا في المفهوم ووضع علامات استفهام على المسلمات الإدارية بغرض المراجعة، وأن هذا مطلب شرعي وديني وإداري. وقال السلطان إن الهيئة العامة للاستثمار رخصت ل2595 مشروعا استثماريا بإجمالي تمويل يفوق 80 مليار ريال، مبينا أن المملكة لديها موقع جغرافي استراتيجي، وسوق حر، واستقرار سياسي واقتصادي، ووفرة من المواد الخام بأسعار منخفضة، وقوة شرائية جيدة، فضلا عن كونها تمتلك 25 في المائة من احتياطيات النفط في العالم، ورابع أكبر احتياطي غاز طبيعي، وأكبر اقتصاد عالمي، وأكبر دولة منتجة للبتروكيماويات في العالم العربي. وذكر السلطان أن هناك فرصا استثمارية في العديد من القطاعات في المملكة من أبرزها قطاعات النفط، والغاز، والتعدين، والسياحة، والبتروكيماويات، وتقنية المعلومات، والطاقة، مشيرا إلى بعض العوائق التي تواجه المستثمرين التي منها ما يتعلق بالأنظمة والسياسات، والبنية التحتية، والإدارية والتنظيمية، والبيئة التشريعية والقضائية، والتمويل. وبين السلطان ان هناك تحديات عديدة محلية من أهمها تدني كفاءة الاستثمار في تحقيق النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل، ومحدودية القدرة على جذب الاستثمارات، وتدني معايير تقييم كفاءة البيئة الاستثمارية، إضافة إلى تحديات دولية من أهمها العولمة وتحرير التجارة بعد الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، والتكتلات الاقتصادية الدولية، والمنافسة الدولية في جذب الاستثمارات، والثورة المعلوماتية، مؤكدا أن التوجه العالمي ليس في محله لأنه مبني على تكافؤ الفرص، ولكنها غير متحققة. وقال السلطان إن الدور المطلوب من القطاع العام هو إعادة هيكلة المفهوم والآلية، والإسراع في برنامج الإصلاح الاقتصادي، وإصلاح الاختلال في الأسعار، والإسراع في برنامج الخصخصة، والعمل على تعزيز الصادرات وتذليل الصعوبات التي تواجهها، واتخاذ سياسات فعالة لمعالجة البطالة، وتطوير البيئة الأساسية للتقنية، ورسم السياسات التي تساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية وإعادة توطين رؤوس الأموال المهاجرة، وتفعيل مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد،وإضافة إلى هذا الدور هناك دور مطلوب من القطاع الخاص يتمثل في لعبه دورا نشطا في صياغة الأنظمة واللوائح والقرارات الاقتصادية المؤثرة على البيئة الاستثمارية، والتركيز على التوجه نحو الاندماجات فيما بين المؤسسات المتوسطة، والتركيز على العمل المؤسسي.