يتحدث د. احميدة النيفر عن موقع الجامع في العالم المعاصر وفي ورقته: في عالم يتميز بتحولات متسارعة مثلت ثورة المعلومات تطوراً غير مسبوق لوسائل الاتصال؛ مما جعلها العنصر الأبرز في اصطباغ تلك التحولات بصبغة جذرية، لا يمكن لأي مجتمع أن يتجنبها، أو أن يقاومها. شمل هذا النسق الحياة الدينية طارحاً عليها جملة من الأسئلة والتحديات، لعل أوضحها تعذر البقاء ضمن عالم مغلق، يتيح لأبنائه استنساخ القيم الاجتماعية نفسها والتصورات الحضارية التي درج عليها آباؤهم وأجدادهم. اعتماداً على هذا السياق تبرز مجموعة من الأسئلة الحافة بمسألة الإصلاح والحكم الرشيد نذكر منها: ٭ هل حدد القرآن الكريم وصفاً للدولة التي على المؤمن أن يؤسسها، أم انه اعتنى أساساً بالقيم التي تحفظ الاجتماع، وتركز النظام السياسي الداعم لذلك الاجتماع؟ ٭ ماذا نعني بالديمقراطية والحكم الرشيد، هل يعنيان منظومة اجرائية تضبط طرائق التداول على السلطة فحسب أم انهما يمثلان رؤية مغايرة للإنسان والمجتمع ترفض الرضا بواقع محدد على أنه الأفضل والأنجع؟ ٭ كيف نجيب القائلين بأن الإسلام على الرغم من اعتماده للشورى يظل خصماً للتطور الاجتماعي والسياسي، وأن خطابه الثقافي لا يرسخ سوى الطاعة والخنوع؟ مساهمة في الاجابة عن مثل هذه الأسئلة، وقع تحديد جانب يتعلق بموقع الجامع في المجتمع المعاصر، لارتباط هذه المؤسسة العتيدة بقيم وتصورات مشكوك في امكانية انصهارها ضمن علاقات اجتماعية وسياسية حديثة. ويمكن القول: ان غاية المداخلة هي معالجة الخطاب المعتمد في مساجدنا وهل فيه ترسيخ لمشروع تسلطي استبدادي أم انه يفتح السبيل لديناميكية التجديد والابداع؟