وصف الأمير د. نايف بن ثنيان آل سعود رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال ورئيس قسم الإعلام في جامعة الملك سعود في الرياض، العلاقة بين الإعلام والاقتصاد ب "القوية" مبيناً انها تجاوزت مفهوم الإعلام الاقتصادي إلى درجة كبيرة، لتشمل الإعلام بمعناه العام. وقال في حواره مع "الرياض" بمناسبة انعقاد المنتدى السابع للجمعية السعودية للإعلام والاتصال، امس الاول "إن المجموعات الاحتكارية في المجال الاعلامي كرست فلسفة الهيمنة على العالم ليس اعلاميا واتصاليا فحسب بل اقتصاديا أيضا" ،لافتا أن الشركات متعددة الجنسيات تسيطر على صناعة وسائط الاتصال وأجهزة الارسال والاستقبال المختلفة والتقنيات الحديثة وأجهزة الحواسيب وبرامجها، موضحاً أن 18 شركة أميركية في مجال الالكترونيات تهيمن على 75% من الانتاج الصناعي الالكتروني العالمي في مجال أجهزة الاتصال، وهو ما يؤكد أن عولمة الاعلام أصبحت جزءا أصيلا من عولمة الاقتصاد، نظرا للدور الكبير لقطاع الاتصالات والاعلام والمعلومات في اقتصاديات الدول الكبرى والأسواق العالمية، فإلى الحوار التالي. التكامل بين المؤسستين الإعلامية والاقتصادية *اختارت لهذا العام الجمعية السعودية للإعلام والاتصال "الإعلام والاقتصاد" ليكون موضوعا للمنتدى السنوي السابع الذي افتتح امس الاول.. ما السبب؟ - هناك تفاعل مستمر أدى إلى التكامل بين المؤسستين الإعلامية والاقتصادية في المجتمع، فالمؤسسات الإعلامية أضحت مؤسسات اقتصادية، وتحول الإعلام فيها إلى صناعة تعتمد بشكل كبير على المردود الاقتصادي للإعلان التجاري، والمؤسسات الاقتصادية لا تستغني عن الإعلام والإعلان والعلاقات العامة، لخدمة أهدافها ومساعدتها على البقاء والتفاعل في بيئتها الاقتصادية والجماهيرية، ومن هذا المنطلق، اختارت الجمعية السعودية للإعلام والاتصال "الإعلام والاقتصاد" ليكون موضوع المنتدى السنوي السابع، حيث ناقش 32 خبيرا في مجالي الإعلام والاقتصاد من داخل وخارج المملكة عبر ثماني جلسات علمية مجموعة من المحاور الهامة للغاية في ضوء التحولات الكبيرة التي يشهدها العالم، وأهم هذه المحاور: الإعلام والاقتصاد والعلاقة بينهما وتكامل أدوارهما في تحقيق التنمية الاقتصادية من جهة، والبحث في التحديات التي تواجههما والحلول المقترحة لهذه التحديات، دور وسائل الإعلام في التحول الوطني، المعالجة الإعلامية للقضايا الاقتصادية وأداؤها خلال الازمات الاقتصادية فضلا عن تسليط الضوء على الإعلام الاقتصادي السعودي واقتصاديات الإعلام الرقمي والمجموعات الاحتكارية. * ما أهمية الإعلام الاقتصادي وكيف تقيم الأداء المهني للوسائل الإعلامية المحلية المتخصصة بالاقتصاد؟ - الإعلام الاقتصادي يتخصص بتغطية الاحداث الاقتصادية عموما لكن دوره اكبر كونه يعمل وبشكل يومي على توفير المعلومات للمتخصصين والقراء حول الأوضاع الاقتصادية محليا وعالميا، والتعريف بفرص الاستثمار والمتاجرة في الاقتصاد وتحريك عجلة التنمية، والدور الأهم تقييم الاخطاء والمشاكل الاقتصادية والعمل على ايجاد الحلول لها، والوسائل الإعلامية المحلية سواء كانت مرئية أو مقروءة أو إلكترونية في غالبها تؤدي دورا مهنيا جيدا وتلعب دورا مهماً في التنمية من خلال عدد من البرامج التلفزيونية والتقارير الصحفية وشبكة من المراسلين والمحررين الذين اكتسبوا المهنية المبنية على تأسيس أكاديمي من خلال اجتهادهم وحبهم للعمل الإعلامي، ومازلنا بحاجة إلى الارتقاء بمستوى العاملين في وسائط الإعلام الاقتصادية من خلال التأكد من تأهيلهم الأكاديمي وخبراتهم العملية وتمكينهم من الالتحاق بدورات ومعاهد لتحسين إمكانياتهم والارتقاء بمهنيتهم. عولمة الاقتصاد والإعلام *تؤكد البحوث تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات وسعيها المستمر نحو الاحتكار وعولمة الاقتصاد والإعلام، ما رأيكم بذلك؟ - بالفعل هذا هو الواقع، وبحسب دراسة للدكتورة سميرة بلعربي أحد الابحاث المشاركة في المنتدى تسيطر الشركات متعددة الجنسيات على صناعة وسائط الاتصال وأجهزة الارسال والاستقبال المختلفة والتقنيات الحديثة وأجهزة الحواسيب وبرامجها، وتهيمن 18 شركة أميركية في مجال الالكترونيات على 75% من الانتاج الصناعي الالكتروني العالمي في مجال أجهزة الاتصال، وتبين الأرقام أن 97% من أجهزة التلفزيون و87% من أجهزة الراديو و95% من مصادر الأخبار في دول العالم الثالث مستوردة من دول تتبنى سياسات الاقتصاد الحر، وهناك تقريبا 300 شركة اعلامية هي الأولى في العالم بينها 144 شركة أميركية و80 أوروبية و49 يابانية، ومن بين الشركات ال75 الأولى في مجال نقل المعلومات إلى الجمهور هناك 39 شركة أميركية و 25 أوروبية وثماني شركات يابانية، ويمكن القول هنا ان عولمة الاعلام أصبحت جزءا أصيلا من عولمة الاقتصاد، وذلك بالنظر إلى الدور الكبير لقطاع الاتصالات والاعلام والمعلومات في اقتصاديات الدول الكبرى والأسواق العالمية، فالإعلام أصبح صناعة وقطاعا مؤثرا في الاقتصاد العالمي ودوره كبير لا يستهان به. دور وسائل الإعلام السعودية في الأزمات الاقتصادية *يعيش العالم بين الفينة والأخرى أزمات اقتصادية متنوعة.. كيف تُقيّم دور وسائل الإعلام السعودية في الأزمات الاقتصادية تحديدا؟ -المملكة -ولله الحمد- من منطلق السياسات الاقتصادية الحكيمة الواعية لم يتعرض اقتصادها لأزمات حادة وإنما مرت بفترات ركود اقتصادي تأثرا بالاقتصاد العالمي، وما حصل عام 2006 من أزمات اقتصادية عالمية كان لها تأثير محدود ظهر هذا التأثير في سوق الأسهم السعودية، والإعلام السعودي بأنواعه أسهم بشكل مقبول في رفع مستوى الوعي الاقتصادي وتزويد المجتمع بالمعلومات الصحيحة المؤدية إلى إرشاد المواطنين والمقيمين بإيجابيات وسلبيات وأخطار أسواق المال محليا وعالميا، ولهذا الإعلام أصبح صناعة متكاملة في عصرنا الحاضر مثلها مثل الصناعات الأخرى. التحديات المؤسسات الصحفية السعودية * برأيكم ما أهم التحديات الاقتصادية التي تواجه المؤسسات الصحفية السعودية في ضوء البيئة الاتصالية الجديدة؟ - ان انحسار مقروئية الصحف الورقية أدى إلى زيادة الرجيع من أعداد الصحف وانعكس ذلك سلبا على طباعة النسخ الورقية وضعف التوزيع فأصبحت في حاجة إلى تقنين الأعداد المطبوعة عاما بعد عام نتيجة وجود الصحافة الإلكترونية والمواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعية التي تتسم بسرعة نقل الأخبار وتحميل المادة المرئية أو المسموعة ومواكبة الأحداث، وهذا الأمر يعتبر تحديا كبيرا أمام المؤسسات الصحفية التي بدأت تغيّر وتعدّل في مسارها الصحفي لتواكب التطورات المتسارعة في عالم التواصل الإنساني، ويبقى أن التخصص واستقصاء وصناعة المحتوى المحترف هو السبيل في حماية المؤسسات الصحفية واستمرارها بقوة. *هناك تحولات في الموارد الاقتصادية للمؤسسات الصحفية من ناحية التوزيع والإعلانات.. هل هناك بدائل جديدة؟ - ما زالت المؤسسات الصحفية السعودية في غالبها ذات مستوى اقتصادي مقبول ووضعها الاقتصادي مستقر وتستشعر التغيرات الناتجة عن تطور وسائل التواصل الاجتماعي مما اضطرها للبدء في تطوير مواقعها الإلكترونية وتنويع مواردها الاقتصادية مثل فتح مطابعها للقطاع الخاص والعمل على تحسين مواردها المالية. *المنشآت الاقتصادية الكبيرة والصغيرة بدأت بالتحول للإعلان عن منتجاتها وأنشطتها إلى مواقع التواصل الاجتماعي حيث رأت أنها فرصة جيدة لاسيما أن الإعلان شبه مجاني وغير مكلف.. ما تأثير ذلك التحوّل على المؤسسات الإعلامية التي يُعد الإعلان المصدر الأساسي لها؟ - التوقعات تشير إلى ارتفاع معدل الانفاق الاعلاني في مواقع التواصل الاجتماعي إلى 100 مليار دولار سنويا في غضون السنوات القليلة القادمة كون المؤسسات الاقتصادية تبحث عن الإعلان الذى يتسم بالانتشار وبأقل الأسعار، وشبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية تحقق هذا المطلب، ما سينعكس سلبا على المؤسسات الإعلامية التي بدأت منذ فترة تشكو من اتجاه المعلن لهذه الوسائل الإعلامية الجديدة، والمؤسسات الإعلامية بدأت خطوة فعلية لمسايرة العصر من خلال إنشاء نسخ إلكترونية لمطبوعاتها الورقية تتسم بالتفاعلية لتحاول ردم الفجوة بينها وبين وسائل الإعلام الجديد وتحويل الاعلانات الى النسخ الالكترونية. * ما مدى إمكانية تكوين قاعدة إعلامية قويّة في ضوء تعدد التحديات وتراجع أرباح المؤسسات الإعلامية؟ - وسائل الاتصال التقليدية بأشكالها لا بد أن يكون لها مرادف من نسخ إلكترونية ويكون لها مواقع في شبكات التواصل الاجتماعي ويجب أن تطور أداءها المهني لرفع مستوى دخولها الاقتصادية والاستثمار في مجالات إعلامية متنوعة. التدريب *هناك دعوات ومطالبات مستمرة بالاهتمام بتدريب الكادر البشري العامل في مجال الإعلام والإعلام الاقتصادي تحديدا وهو الذي يقوم بالممارسة الفعلية للعمل.. والحاجة تزداد أكبر في ظل التطور المتسارع على مستوى الممارسة والوسائل والمفاهيم.. ما هي الجهات المسؤولة عن التدريب وما أهم مقومات هذه البرامج إن وجدت؟ - جهات التدريب متعددة لا تحصر في جهة مؤسساتية واحدة فهناك الجامعات السعودية من خلال أقسام الإعلام الأكاديمية وأيضا المعاهد والمراكز التدريبية الخاصة.. وأحبذ التوسع في هذا المجال من خلال دعم إنشاء المراكز التدريبية المتطورة ومنح شهادات الدبلوم في المجال الإعلامي المتخصص لكي ندعم مهنية الإعلامي الساعي إلى الإبداع والتفوق.