عندما سمعت فاطمة تيكايفا بان ابنها على وشك العودة إلى روسيا من معسكر الاعتقال الأمريكي في خليج غوانتانامو بكوبا تملكها شعور بالخوف. وتوسلت فاطمة إلى من يسمع بان لا يرسل ابنها إلى وطنه وهي تقول: نعم ،الوضع سيئ هناك ولكنه أسوأ هنا. غير ان توسلاتها لم تلق آذاناً صاغية فقد وضع ابنها رسول كودايف على طائرة حملته إلى ارض الوطن. وبعد إطلاق سراحه عاد كودايف إلى منطقة القوقاز وهو لا يشبه بطل المصارعة العريض المنكبين الذي ذهب لتعلم الإسلام على يد جماعة طالبان في أفغانستان. عند عودته لم يكن رسول قادراً على السير بدون مساعدة. كان يعاني من مرض الصفار وقلبه يخفق بقوة كما ان رأسه يرتجف. كان كودايف يقضي ساعات الليل جالساً في المطبخ يحكي لأخيه كيف اجبره الحراس في معسكر غوانتانامو على تناول دواء جعله يمرض وتركوه يتجمد ويختنق من خلال التناوب على فتح وإغلاق نظام التهوية في زنزانة معزولة ضيقة. وعندما ينبلج الصباح يتوقف كودايف عن الكلام ويروح في نوم عميق. وانتهى الأمر حسبما كانت تخشاه الأم فاطمة. ففي يوم 23 أكتوبر حضرت ثلة من الجنود وألقت القبض على كودايف بعد توجيه التهمة له بالمشاركة في هجوم شنه مسلحون إسلاميون على مراكز شرطة الحكومة في نالتشيك قبل عشرة أيام.و ألقت فاطمة بجسدها أمام شبح ابنها الضعيف. ورغم توسلات الأم الملتاعة إلا ان كودايف اختفى في دهاليز وحدة مكافحة الجريمة المنظمة المرهوبة الجانب في جمهورية كاباردينو- بالكاريا. وبعد ايام قلائل على اعتقال كودايف-27 عاماً-تم استدعاء محاميه ليشهد على اعترافاته. وقالت إيرينا كوميساروفا «كان منظره مخيفاً. لم يكن قادراً حتى على الجلوس أو الوقوف باعتدال بسبب الآلام المبرحة التي كان يعاني منها. كان يجر إحدى قدميه جراً ولا يستطيع التوكؤ عليها في المشي. كان وجهه مغطى بجروح وكدمات». وتقدمت كوميساروفا بشكوى نيابة عن موكلها غير أن السلطات الروسية ردت عليها بحرمانها من الدفاع عن رسول. ولكن كوميساروفا لم تتوقف عن متابعة شكاواها. وفي الأسبوع الماضي وبعد أن ادعت بان كودايف قد تعرض لضرب مبرح مرة أخرى حتى كسرت ساقه قامت السلطات بفتح تحقيق جنائي ضدها بتهمة إفشاء أسرار التحقيق. وكان كودايف الذي حصل على بطولة المصارعة في بلاده في عام 1996 قد غادر موطنه لدراسة الإسلام في المملكة العربية السعودية ومن هناك غادر إلى أفغانستان. ولا يعلم أحد متى وكيف غادر على أفغانستان. وقال ارسين موكايف شقيق كودايف بان أخاه كان يحاول الفرار من أفغانستان مع آخرين من طاجيكستان واوزبكستان ودول آسيا الوسطى عندما ألقت قوات تحالف الشمال المدعومة من الولاياتالمتحدة القبض عليهم و أودعتهم سجن قلعة جانقي بمزار الشريف. وسحق مقاتلو تحالف الشمال والضربات الجوية الأمريكية انتفاضة استمرت لثلاثة أيام في السجن في نوفمبر 2001 ولم ينج من السجناء الخمسمائة سوى 50 سجيناً فقط. وتم تسليم كودايف والعديد من السجناء غير الأفغان إلى القوات الأمريكية لنقلهم إلى غوانتانامو. وعندما أعادت السلطات الأمريكية كودايف وستة آخرين من غوانتانامو إلى روسيا في مارس 2004 قالوا بانهم لا يزالون يعتبرون الرجال السبعة خطراً على الأمن وتعهدت السلطات الروسية بحبسهم والتحقيق معهم ولكنها قامت بإطلاق سراحهم في أواخر يونيو من ذلك العام. وقالت والدة كودايف بأنها تعرفت على ابنها كودايف بصعوبة لدى وصوله إلى منزلها بضواحي نالتشيك. ومنذ وصوله لزم كودايف المنزل الذي كان نادراً ما يغادره وكان لا يستطيع السير إلا بصعوبة لأن رصاصة بقيت في فخذه منذ أيام أفغانستان. ولاسباب غير معلومة لم يقم الأمريكيون بإخراج الرصاصة ولم يتمكن كودايف من إجراء جراحة في بلده لأن السلطات الروسية رفضت إرجاع جواز سفره الذي يحتاجه للحصول على علاج مجاني. واصيب كودايف وعدد من السجناء الروسيين بتضخم في الكبد نتيجة لإصابتهم بمرض اليرقان(الصفار) الذي اصيبوا به في غوانتانامو. وعانى كودايف أيضا من ارتفاع ضغط الدم ومشاكل في القلب تركته أحيانا عاجزاً عن النهوض من فراشه. وقالت عائلة كودايف بان أشباح غوانتانامو ما تزال تطارد ابنها. وقال شقيقه موكايف بان شقيقه يعاني من ضغوط نفسية رهيبة «تخيل شخصاً محبوس في قفص لأيام وتحت المراقبة الدورية وهناك شخص يقوم باحصاء حركاته وسكناته وكل شيء يفعله ويتجاهله عندما يتحدث إليه. والإضاءة ساطعة طوال الوقت. تخيل ذلك». وقال موكايف ان شقيقه اخبره عن تصفيده في أوضاع مؤلمة ورشه بمادة تسبب له طفحاً جلدياً مؤلماً في كل مرة ترش عليه ثم يحمل وهو مصفد ويرش بماء بارد باستخدام خرطوم. وقال كودايف وعدد من السجناء بان الحراس يقومون بوضع نظام التكييف على درجة التجمد ثم يطفئونه حتى يكادوا يختنقون ويصبح التنفس عملية شاقة جداً. وقال كودايف بأنه اجبر على تناول حبوب غير معروفة تصيبه بالآم في الصدر وتجعل عضلاته تتيبس. وقالت أمه تيكايفا بان الحراس كانوا يجبرون ابنها على تناول هذه الأدوية ويضربونه حتى يقبل بتناولها وبعد ذلك يخمد ويجلس في وضع الجنين داخل بطن أمه. وفي يوم 13 أكتوبر قام 200 من المسلحين بمهاجمة أهداف عسكرية وحكومية في نالتشيك قتل فيها اكثر من 135 من المهاجمين والشرطة والمدنيين. وتصر عائلة كودايف بأنه لم يغادر المنزل في ذلك اليوم الدموي غير ان المدعين يقولون بانه ترأس مجموعة من ثمانية مسلحين هاجمت استراحة للشرطة ومقر رئيس الجمهورية. ووجهت لكودايف في 22 نوفمبر الماضي تهمة الإرهاب وقطع الطريق وقتل ضابط شرطة وارتكاب مذبحة والاتجار غير القانوني في الأسلحة والذخائر والمتفجرات. ٭ (لوس انجلوس تايمز)