إحراق آبار البترول الكويتية عام 1991 لايزال أعظم حادث تلوث نفطي في التاريخ.. وأذكر حينها أن صحيفة الشرق الأوسط خصصت جزءاً من صفحاتها لتلقي اقتراحات القراء حول أرخص طريقة مبتكرة لإطفاء النيران. ورغم سذاجة معظم الاقتراحات إلا أن بعضها كان ذكيا وعمليا وزهيد التكلفة (مثل صنع قبة برونزية ضخمة تنزل فوق البئر المشتعلة فتطفأ النار تلقائيا - قبل أن تنقل بالهيلوكبتر الى بئر أخرى). وحينها كانت هذه الاقتراحات جزءاً من اقتراحات عربية كثيرة للمشاركة في «قمع» هذا التلوث بأبسط طريقة ممكنة. ولكن للأسف لم يتم تبني أي منها - لأسباب عديدة - أهمها ضغوط الشركات الأمريكية المتخصصة التي هبت لتقاسم الكعكة (بكذا مليون دولار لكل بئر)!!. .. وهذه الأيام حدث استفتاء مشابه في ولاية فلوريدا - بخصوص الأعاصير بدل آبار النفط؛ فبسبب موقعها الفريد كثيرا ما تتعرض فلوريدا لأعاصير ورياح مدمرة. وبعد أن تعرضت في سبتمبر الماضي الى إعصار مدمر (قدرت خسائره بالبلايين) افتتحت حكومة الولاية موقعا على الانترنت لتلقي اقتراحات الناس بخصوص تغيير مسارات الاعاصير أو تلافي أخطارها المدمرة.. وبسرعة امتلأ الموقع باقتراحات كثيرة غريبة مثل إنشاء مراوح نفاثة ضخمة وتبريد قلب الاعصار بالنيتروجين وعكس أشعة الشمس نحو المكسيك وتغطية شواطئ الولاية بزيت الزيتون (وعجزت شخصيا عن فهم الاقتراح الأخير).. أما كلية الطقس في جامعة فلوريدا فقدمت اقتراحاً يقضي بتفجير قنابل نووية لتغيير مسار الإعصار (من خلال الإخلال بتوازن الضغط حوله). في حين قدمت كلية الهندسة تصاميم لمنازل مضادة للأعاصير اقتبست من بيوت الدبابير!!. انا شخصيا على ثقة بأنه - من بين آلاف الأفكار المجنونة - سيظهر اقتراح او اقتراحان قابلان للتطبيق.. وأذكر أن إحدى الشركات الكندية عرضت على الحكومة الليبية في الثمانينات بناء برج معدني (هائل الارتفاع) يعمل على تكثيف السحب وتلطيف الجو حوله (بفضل ارتفاع الهواء الساخن تلقائيا الى أعلى البرج وسحب الهواء البارد والرطب الى المناطق المحيطة حوله).. ومن الأحلام التي راودت الروس في سبعينيات القرن الماضي حمل مرايا ضخمة الى الفضاء الخارجي وعكس ضوء الشمس (طوال 42 ساعة) على المناطق الباردة في سيبيريا بغرض تدفئتها وزراعتها.. أما الأمريكان فعمدوا خلال حرب فيتنام إلى تشكيل اعاصير ممطرة سببت فيضانات مدمرة على فيتنام الشمالية (من خلال نثر يوديد الفضة أو نترات الأمونيا فوق السحب الركامية الموجودة في تلك الأنحاء)!. وكنت قد كتبت مقالاً قديماً تحدثت فيه عن امكانية سحب بعض الجبال القطبية العذبة الى السعودية (وهو خيار تم طرحه في عهد الملك فيصل - يرحمه الله - ضمن خيارات كثيرة استقرت في النهاية على تحلية مياه البحر). وبعد نشر المقال بفترة اطلعت (في عدد 1017 من جريدة الشرق الأوسط) على تقرير علمي يعيد طرح هذا الاقتراح وينادي بالاعتماد على الجبال القطبية العذبة لإرواء الجزيرة العربية وتلطيف الأجواء فيها. على أي حال رغم إيماني بصعوبة التحكم بالطقس إلا أنني لا أستبعد إمكانية التحكم ببعض عناصره - والحد من أخطاره الكبيرة - في المستقبل القريب. الأكيد أكثر أن تقنية كهذه ستستخدم أيضا كسلاح عسكري!!.