لا يتناسب عدد الخريجات من الجامعات والكليات مع ما يتوفر من وظائف لهن، فتجدهن في نهاية المطاف يلجأن للمدارس الأهلية بحثاً عن وظائف تعليمية أو إدارية، وهذا مثال للجد والعزيمة. والقاعدة التجارية تقول «إذا زاد العرض قلت الأسعار»، وهذا ما تتبعه بعض المدارس الأهلية ذات اللهفة التجارية وراء المادة، متيقنة من عدم وجود الرقابة عليها، فهي تستغل كثرة طلبات الباحثات عن العمل لديها، فتقوم بفرض شروط لا تقبلها أدنى هيئات الحفاظ على حقوق الإنسان في العالم، إلا أن حاجة الخريجات للعمل لدى هذه المدارس الأهلية يجبرهن على الموافقة والمضي في العمل رغم الصعوبات والتعنتات التي تواجههن من إدارة المدرسة. فتجد بعض المدارس الأهلية تساوم كل من تطلب العمل لديها، فإن جازت لك الحال أيتها الخريجة للعمل لدينا بشروطنا نحن أو بدلاً منك ألف أخرى تطلب العمل. وهذه أمثلة لبعض من هذه المدارس المادية. إحدى المعلمات توقع شهرياً في كشف استلام الرواتب على استلام 1350 ريالاً إلا أنها لا تستلم إلا 1000 ريال مع العلم بأنه لا يوجد لها اشتراك بالتأمينات الاجتماعية، وعندما سألت إدارة المدرسة عن الفرق، أخبروها بأن الاتفاق معها كان في الأصل أن تعمل لديهم براتب قدره 1000 ريال فقط، وهاهي الآن تستلم هذا الألف دون نقص فأين المشكلة وما على الورق يظل على الورق. وهذه إدارية تحمل بكالوريوس إدارة أعمال، عملت في مدرسة أهلية وكان هناك شرط من قبل إدارة المدرسة، وهو خضوعها لمدة تجريبية فترة ثلاثة اشهر، وهذا مشروع في كل قوانين العمل والعمال، لكن غير المشروع في هذا الشرط هو عدم استحقاق الموظفة لراتب أو أجر خلال هذه المدة التجريبية، وطبيعياً بعدما انتهت المدة التجريبية واستفادت المدرسة من هذه الموظفة الطموحة اخبروها بأنها غير صالحة للعمل لديهم، وقد تبين لهذه الموظفة فيما بعد بأن إدارة المدرسة تستخدم هذا الأسلوب للحصول على موظفات إداريات بالمجان بشكل دوري. معلمة أخرى تحمل بكالوريوس حاسب آلي تعمل في مجمع مدارس أهلية مرموق فوجئت بعدم استحقاقها لرواتب أشهر الإجازة الصيفية مع العلم بأن زميلاتها المعلمات في نفس المدرسة استلمن رواتبهن عن اشهر الاجازة، وعندما راجعت إدارة المدرسة عللوا لها بأن مدة عملها عندهم بالمدرسة كانت تسعة اشهر فقط، فهي لا تستحق رواتب الاجازة لأن مدة خدمتها في المدرسة لم تتجاوز السنة. صورة أخيرة لمعلمة تعمل بمدرسة أهلية، تقول صاحبتنا المعلمة بأن المديرة عرضت عليهن إن كن يردن التسجيل بالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وفي نفس الوقت قدمت لهن المشورة بأنهن لن يجنين من التأمينات أي فائدة سوى خصم قدر معين من رواتبهن، مما شكك بعضهن بالمؤسسة فصرفن النظر عن الاشتراك بالتأمينات ووقعن على رفضهن للاشتراك، وبذلك نجحت المديرة في إعفاء المدرسة (المنشأة) من دفع الجزء المخصص عليها للتأمينات، مستغلة بذلك جهل بعض المعلمات عن دور المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية إضافة إلى إستغلالها لثقة المعلمات بها. هذا التلاعب وغيره سببه يكمن في أن هذه الأمور تدور بين هذه الإدارات السيئة والمعلمة مباشرة دون اطلاع أي جهة رقابية أخرى، لدرجة أن بعض المدارس تطلب من المعلمة أن تقوم بشراء مكتبها من حسابها الخاص. فلو كان هناك نموذج لعقد عمل موحد صادر من الادارة العامة للتعليم الأهلي بوزارة التربية والتعليم، عقد عمل يلزم جميع المدارس الأهلية بالتعاقد من خلاله مع من يرغب بالعمل لديها في وظائف إدارية أو تعليمية، ويوضح بالعقد البنود الرئيسة والالتزامات والمستحقات لكل طرف، إضافة لخانات يتم تعبئتها بالاتفاق بين الموظف والمدرسة عند توقيع العقد كالمعلومات الشخصية والراتب وترسل نسخة منه للوزارة، عندها ستقوم الوزارة بإيقاف أي تلاعب أو تحايل أو ظلم، وبذلك نضمن سير الحركة التعليمية بكل وضوح وإخلاص فالعقد شرعة المتعاقدين. عندها ومتى ما أحس المعلم أو المعلمة بأنه يأخذ حقه بالعدل دون نقص فإن إنتاجه يتضاعف وهذا سينعكس على الطلاب والطالبات.