الوسيط العالمي الموثوق به    جيسوس يُبرر معاناة الهلال في الكلاسيكو    موعد مباراة الإتحاد القادمة بعد الفوز على الهلال    "نيوم للهيدروجين الأخضر" تبني إرثاً مستداماً باستغلال موارد المملكة التي لا تنضب    النفط يسجل خسارة أسبوعية مع تلاشي المخاطر في الشرق الأوسط    رقمنة الإعلام    نهج راسخ    الملك: نهج الدولة راسخ على الأمن والعدل والعقيدة الخالصة    الرافع للرياض : يوم التأسيس تاريخ عريق    بوتين يشكر ولي العهد على استضافة المحادثات مع أميركا    أمانة تبوك تنفذ فعاليات متنوعة إحتفاء بيوم التأسيس    الاتحاد يقسو على الهلال برباعية في جولة يوم التأسيس    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. سمو ولي العهد يشرّف حفل سباق الخيل على كأس السعودية    في افتتاح كأس قدامى الخليج.. الأخضر يتعادل سلبيًا مع البحرين    جمعية رعاية الأيتام بضمد تشارك في احتفالات يوم التأسيس    الأحساء.. الاقتصاد المستدام والفرص الواعدة !    افتح يا سمسم.. أُسطورة الآتي..    «الفترة الانتقالية» في حالات الانقلاب السياسي.. !    لقاء الرياض.. رسالة وحدة في زمن التحديات    سفير الاتحاد الأوروبي يحتفل بيوم التأسيس    برعاية نائب أمير مكة.. محافظ جدة يشهد بطولة البحر الأحمر الدولية للخيل    بنزيما: الاتحاد ليس قريبا من لقب الدوري    فجر صناعة السيارات في السعودية    محطات الوطن حاضرة في تبوك    من التأسيس إلى الرؤية.. قصة وطن    مسؤولات جمعية كيان للأيتام يهنئون القيادة الرشيدة بيوم التأسيس    أهالي القصيم يعبّرون عن فرحتهم بالملابس التراثية    125 متسابقاً يتنافسون على جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن.. غداً    وزير الشؤون الإسلامية: يوم التأسيس يجسد مرحلة تاريخية مفصلية في تاريخ مسيرة المملكة    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي ينجح في زراعة منظم ضربات القلب اللاسلكي AVEIRTM️ الحديث ل"ثمانيني"    حماس: جاهزون لمرحلة تبادل شامل    عون يطالب بضغط أميركي على إسرائيل للانسحاب من جنوب لبنان    الحياة رحلة ورفقة    البنيان يزور مبادرة الداخلية «مكان التاريخ» ويطّلع على الإرث الأمني    منيرة آل غالب إلى رحمة الله    «تسميات ميادين الرياض».. تعزيز الهوية والانتماء وإبراز إنجازات الأئمة والملوك    الشرقية تكتسي بأعلام الوطن ولوحات التعبيرية والإنارات الجمالية احتفاء بيوم التأسيس    د. عادل عزت يشكر المعزين في وفاة والده    فريق الوعي الصحي التابع لجمعية واعي يحتفي بيوم التاسيس في الراشد مول    ضبط أكثر من 21 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    عقد ورشة عمل "الممارسات الكشفية للفتيات في الجامعات"    «الدباغ القابضة» تتقدم بالتهاني لمقام خادم الحرمين وولي عهده بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    أسرة حسام الدين تحتفي بعقد قران أحمد ويوسف    القيادة الإماراتية تهنئ خادم الحرمين وولي العهد بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    السعودية.. أعظم وحدة في العصر الحديث    العز والعزوة.. فخر وانتماء    الدرعية.. ابتدينا واعتلينا    تنبع من تراث الدولة السعودية.. 5 عناصر في «شعار التأسيس» تعكس الأصالة    انخفاض درجات الحرارة في عدد من مناطق المملكة    الدولة الأولى ورعاية الحرمين    لائحة الأحوال الشخصية تنظم «العضل» و«المهور» ونفقة «المحضون» وغياب الولي    غبار المكابح أخطر من عادم السيارات    السعودية منارة الأمل والتميز الطبي    السعودية من التأسيس إلى معجزة القرن ال 21    قرارات ترمب المتطرفة تفاقم العزلة الدولية وتشعل التهديدات الداخلية    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    قطر تؤكد أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صرخة معاذ
نشر في الرياض يوم 09 - 12 - 2005

توالت الساعات ومضت الأيام وتتابعت السنوات، وهاهو ذلك الطفل الصغير معاذ يعيش آلامه حيناً وآماله حيناً آخر. يعيش آلامه لأنه عاش يتيماً منذ ساعته الأولى التي خرج فيها إلى الدنيا من رحم أمه، حيث إن والدته خرجت روحها مع خروجه من رحمها، وليس هو الوحيد الذي يتعرض لفقد والدته في هذه اللحظة العصيبة، ولكن الذي زاد عليه الأمر أن والده قد تخطفه المنون قبل شهرين من ولادته وذلك بعد تعرضه لحادث من حوادث السير، وربما أن الذي جعل والدته تتراجع حالتها الصحية أثناء الولادة وقبلها بقليل تذكرها لزوجها الطيب الصالح الذي عاشت معه فترة لا تتجاوز العامين، والتي كانت مليئة بالمحبة والمودة والرأفة والحنان والمثالية، جاء معاذ إلى الدنيا ليعيش وحيداً، فوالداه قد ماتا وهو لم يرهما ولو لمرة واحدة ولم تكتحل عيناه ولم تقر برؤيتهما البتة. أطلق صرخته الأولى في هذه الحياة وهو ينتظر أن يلقى ما يجده المولود من عطف وحنان من أمه ونظرة الشفقة من أبيه، لم يجد من ذلك شيئاً هذا هو قدره وهذا ما كُتبَ له اللهم لا اعتراض.
وفي هذه اللحظة الحرجة امتدت إليه رحمة وضعها الرحمن في قلب إحدى خالاته حيث قررت أن تتولى رعايته وأن تقوم بشؤونه وذلك بعد أن أخذت رأي زوجها الذي لم يتردد في الموافقة على طلبها في ذلك الحين.
أخذت الخالة معاذ ووضعته في حضنها وهي تُجهشُ بالبكاء، تسيل دموعها أسى على فراق أختها ورحمة بذلك الطفل اليتيم الضعيف، وبعد برهة من الزمن قصيرة أعدت حليباً صناعياً لمعاذ ولكن هيهات أن يكون مثل حليب أمه الممتزج بحبها وعطفها وحنانها، رفض معاذ الحليب أول الأمر ولكن شدة الجوع جعلته يقبله مضطراً إليه اضطراراً.
بدأت الخالة منذ أول يوم تطبيق دور الأم في تربية معاذ لا تفرق بينه وبين أولادها، ومضت الأيام وبلغ الستة أشهر وتعلق قلب خالته به أحبته محبة كمحبة أولادها وعطفت عليه عطف الوالدة على ولدها ولكن حالة من الضجر عند زوجها بدأت تظهر على وجهه وتبدو في بعض الكلمات التي يُطلقها بصورة مباشرة أو غير مباشرة!! فبدأت حالة من القلق ولكنها لم تُناقش زوجها في هذا الأمر.
بدأت تصرفات زوج الخالة تكون أكثر شدة مع زوجته وبدأ يُصرّحُ عن تضجره أكثر من المرحلة السابقة، حتى طلب من زوجته أن تُخرج معاذاً من المنزل وتذهب به إلى إحدى خالاته الأخريات، فرفضت ما طلب زوجها جملة وتفصيلاً، لكنه أصر والح عليها إلحاحاً فقالت له: لا استطيع تركه أبداً، فقال لها لسنا ملزمين برعايته، فقالت: له إنه يتيم وفي رعاية اليتيم أجرٌ عظيم.
وما زالت نظرات معاذ ابن الستة أشهر تنظر إلى زوج خالته تارة وإلى خالته تارة أخرى وهو لا يفقه من حوارهما شيئاً وتبدو على محياه بسمة من بسمات الطفولة والبراءة.
لم تكن الخالة الرحيمة مقصرة في واجبات زوجها ولا متأخرة في متطلبات أولادها حتى يكون من زوجها هذا الموقف تجاه معاذ، فما الذي جعل زوجها يتصرف بهذا التصرف؟
مضت الأيام سريعة كعادتها واسترجع زوج خالة معاذ وراجع موقفه وتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في رعاية اليتيم، فأبدى ندمه وأسفه على ما كان منه من المواقف السابقة، وعقد العزم والنية على الإحسان لمعاذ، أخذ هذا الرجل يعطي معاذاً كثيراً من الاهتمام ومزيداً من الشفقة مما جعل زوجته الحنون ينشرح صدرها وينزاح همها، كبُرَ سن معاذ وبدت عليه علامات النبوغ واضحة، دخل المدرسة فكان من الأوائل في جميع المراحل، كما كان من الأوائل في الأدب والخُلق الرفيع، وكان من حفظة كتاب الله الذين يتلونه حق تلاوته، وكان متمسكاً بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفع الله قدره وأعلى مكانته بين أقرانه، تخرج من الثانوية العامة والتحق بكلية الطب وبعد مُضي سنوات الدراسة تخرج بتفوق ونجاح وتعين في أحد المستشفيات جراحاً ماهراً، فسُرتْ به خالته وزوجها، وذاع صيته بين الناس، وكان أبناء خالته عاقين لها ولوالدهم، فخفف معاذ ذلك العقوق ببره بهما فكان أشد براً من بر الأبناء بأهليهم، وعوضهما الله بمعاذ خيراً فلم يشعرا بتقصير أولادهم، وما زال معاذ يبر بخالته وزوجها فترة طويلة من الزمن حتى أصيب زوج خالته بحالة الفشل الكلوي وكان الأمر يتطلب تبرع أحد الناس له، فتهرب أبناؤه وكأن الأمر لا يعنيهم، وتقدم معاذ متبرعاً بكليته فرفض زوج خالته لكنه أصر عليه واقنعه بذلك فوافق الرجل بعد عدة محاولات، وأُجريت الكشوفات الأولية اللازمة لزراعة الكلية فوجد الأطباء توافقاً كبيراً وقاموا بزراعة الكلية بنجاح، وعاد زوج خالته للحياة من جديد، وكان يُكثر الدعاء في سجوده لمعاذ وفي أواخر الليل أكثر من دعائه لأبنائه.
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
لا يذهب العرف بين الله والناس
وقفة: قال الله تعالى {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً}.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.