ليست كغيرة الأطفال من الأطفال، ولا مثل غيرة الزوجات على أزواجهن في أيّ حضور أنثوي آخر بل هونوع من أنواع الحسد يأتي من زملاء المهنة حين ينتقصون من جهود أحدهم لا لعدم كفاءته أو ضعف مُنتجه بل لغرضٍ يعتلج في نفس يعقوب..! الغيرة أو الحسد ذلك الموضوع الشائك كلّما هممتُ الكتابة عنه قلت في نفسي (لا) فالأمر لايستحق العناء ولكنّي أعود للتفكير فيه كلّما خاب ظني فيمن كنت أعتقد بنضج وعيهم حين تأكلهم الغيرة وهم يشاهدون أو يسمعون بنجاحات زملاء مهنتهم وحين تسألهم عن إبداء رؤيتهم قلّما تجد عبارات الاعجاب والثناء ،أعرف أنه أمر وارد ألاّ نتوقع تطابق أذواق البشر فما يعجب (زيداً) قد لايعجب (عمراً) لكن مايؤسف له ذلك التسفيه والانتقاص لإنتاج الآخرين سواء في حقول الفكر أو الأدب والفن أو حتى بقيّة نتاج المهن الأخرى لمجرّد الغيرة غير المحمودة تلك التي لاتدخل في تفسيرات المنافسة الشريفة بل يبدو أنها نوع من أنواع الحسد تقول الحكمة اليونانيّة «الغيرة هي الألم لرؤية الآخرين يتمتعون بما نرغب فيه والحسد هو الألم لرؤية الآخرين يملكون مانملكه ويقول الفرنسيون «إن بين الغيرة والمنافسة هناك البعد نفسه فيما بين الخطيئة والفضيله» المشكلة حين تصل الغيرة أو الحسد الى حدود المرض عندها توصي الطبيبة النفسيّة ريجينا تامكوس من المانيا الحسود بأن يقف مع نفسه لحظة هدوء ليسأل «كيف أُفكّر بهذه الطريقة غير السويّة ..؟؟» وتشير الى إن من بين وسائل التخفيف من وطأة مشاعر الحسد لدى الانسان الإعراب عنها في غلاف من الاعجاب فمثلاً كلمة «إنني أحسدك على نجاحك» أفضل كثيراً من «إنني أحسدك» ..! ربعنا فيما يبدو يمقتون رؤية الشهرة أو النجاح موزّعة بينهم وبين أشخاص آخرين يعتقدون بأنهم أقلّ قدراً ومكانة منهم لهذا فالمخرج الأسهل لاقناع النفس الأمّارة بالسوء هو تسفيه نجاح الغير والانتقاص من قيمة نتاجهم الابداعي ولو أنهم فكّروا قليلاً لعرفوا أن الحياة تتسع للجميع وأن الابداع هبة يمنحها الخالق عز وجل لبعضٍ من عبيده فلا مبرر لتلك النظرة الضيّقة في نجاح الآخرين. حتى تعرف مستوى وعي الفرد اسأله عن عمل الآخرين وخصوصاً أولئك الذين يعملون في نفس الحقل وكيفيّة تقبّله نجاحاتهم ..؟؟اسأل روائياً على سبيل المثال عن رواية كتبها زميل له ومن جنسيته؟؟ وأسأل شاعراً عن قصيدة لشاعر منافس واسأل لاعب كرة قدم ومطرباً وممثلاً ومهندساً عن تصميم قام به مهندس زميل له لاقى نجاحاً مدويّاً اسأل صحفياً وطبيباً وممثلاً ومُذيعاً تلفزيونياً وخطيبً اسأل تاجراً عن بضاعة يستوردها تاجر آخر لاقت اقبالاً من المتسوقين، اسأل شخصاً عن أيّ نجاح حققه شخص آخر وستجد في الإجابة ما يجعلك تعتقد بإن الدنيا أضيق من خرم ابرة رغم أنها وسعت كل الملايين من الناجحين، اللهم لاحسد.