كلما سمع بول شرايدر أخبارا عن مصرع عدد من الجنود الأمريكيين في العراق تتملكه حالة من الرعب والفزع. لدى استيقاظه من النوم في الصباح يغمر شرايدر شعور بالارتياح لخمس أو عشر ثوان ثم يتذكر بان ابنه وكيل العريف إدوارد اوغست شرايدر لم يعد على قيد الحياة فيعود ليغرق في حالة من الحزن والأسى تظلل ملازمة له بقية يومه. لقد كان وكيل العريف إدوارد شرايدر الابن -32 عاماً-واحداً من 14 جندياً من قوات المارينز قتلوا أغسطس الماضي في انفجار قنبلة مطورة على جانب الطريق في مدينة الحديثة غربي العراق. قبل يومين فقط من مقتل إدوارد ورفاقه قتل ستة من رفاقهم في نفس فوج الاحتياط الخامسة والعشرين التابعة للكتيبة الثالثة في اوهايو في كمين. وقال شرايدر الأب عندما يقتل جندي أو جنديان فان أخبار مصرعهما لا تنشر في الصفحات الأولى ولكن عندما يقتل عشرون جندياً من نفس الوحدة في غضون 48 ساعة فان ذلك خبر جلل. وقد حظي مقتل عشرة من جنود المارينز الأسبوع الماضي بتغطية كبيرة وحملت الصحف النبأ في عناوين بارزة على غير العادة. ويعتقد شرايدر وزوجته روزماري بالمراللذان يعيشان في كليفلاند ويستقبلان ذكرى الميلاد هذا العام بعيون منتفخة من البكاء أن السيل قد بلغ الزبا وعبرا علانية عن معارضتهما للحرب التي وصفاها بأنها مدمرة ولا تستحق أن تفقد من اجلها الأرواح. وقال شرايدر الأب» يجب ان نضع خطة تخرجنا من هناك. ما نقوله هو اننا بحاجة إلى مناقشة جادة حول جميع الخيارات المتوفرة لإنهاء هذه الحرب يجب ان لا تستمر هذه النهاية المفتوحة والسير حتى النهاية لانها تقتل الناس». وقال شرايدر انه لا هو ولا زوجته يناديان بانسحاب القوات الأمريكية فوراً من العراق ولكنهما يؤمنان بضرورة وضع خطة عملية لانسحاب منظم وعلى جناح السرعة لان السياسة الراهنة التي اكد عليها الرئيس بوش في حديثه في انابولس الأسبوع الماضي لم تنجح. وحسب رأي شرايدر إن سياسيات بوش الحربية كانت مأساوية وعقيمة. وقال شرايدر إن سياسة «السير على الطريق» مثل الاستمرار في صب الماء في جحر في الرمل على الشاطئ وهي بمثابة «عملية لا تقود إلى أي مكان». وقال شرايدر «لقد اخبرنا ابننا قبل أسبوعين من موته بان الحرب لا تستحق خوضها وقد اشتكى من تكرار ما يقومون به والعودة لنفس المدن لإجلاء نفس المتمردين بدون القدرة على السيطرة عليها أو تأمينها وأن هذه السياسة لا تعمل». وقد عارض شرايدر الفكرة القائلة بان نقد الإدارة والحرب دليل على عدم مساندة النساء والرجال الذين يقاتلون في العراق قائلاً«يمكن أن تساند القوات وفي ذات الوقت تنتقد السياسة التي أوصلتهم إلى هناك». ويتذكر شرايدر آخر محادثة له مع ابنه حيث قال «لقد سألته هل تحس بانك تحمي عائلتك وبقية الأمريكيين هنا؟ أجاب» لا. ليس على الإطلاق». وقد اطلق شرايدر-65 عاماً- وهو شريك في شركة تجارية وزوجته-85 عاما- وهي مدرسة للغة الإسبانية منظمة طوعية صغيرة سمياها «عائلات ضحايا التغيير» ويأملان بان تدفع الكونغرس لاتخاذ خطوات لإنهاء مشاركة الولاياتالمتحدة في الحرب. وسألت شرايدر كيف يشعر وزوجته بالحياة منذ رحيل ابنهما. وقد صمت لبرهة طويلة ثم قال «الحياة ليس لها نفس الطعم السابق. والعطلات ليست نفس العطلات وهذا العام لن نحتفل بذكرى الميلاد لأننا فقدنا طعم الحياة». ٭ «نيويورك تايمز»