أدار الأستاذ رئيس التحرير الأستاذ تركي بن عبدالله السديري جلسة نقاش حول «التغطية الاعلامية: الوصول الى الحقيقة» وذلك على هامش مؤتمر الإعلام العربي والعالمي في يومه الأول، وشارك معه في الجلسة كل من الأستاذ عبدالعزيز الصقر رئيس معهد الخليج للابحاث، والدكتور خالد الدخيل الكاتب الصحفي، والزميلة دونا ابو نصر مراسلة وكالة (الاسوسيتد برس) في المملكة. واستهل الأستاذ تركي السديري النقاش بسرد لمحة موجزة عن دور الاعلام السعودي في تغطية الحدث المحلي في المملكة، ومدى التطور الذي طرأ على الاعلام في المملكة في السنوات الخمس الماضية، حتى بات منافسا قويا للاعلام الرسمي وللمؤسسات الاعلامية العالمية الاخرى، وقال السديري: «يعد هذا تطورا ملحوظا في اداء الصحفيين والصحفيات السعوديين، وابرز دليل على ذلك حجم المشاركة الكبيرة من قبل الاعلاميين السعوديين في تغطية الاحداث المحلية والاقليمية والدولية، في اشارة من قبل الأستاذ السديري الى ان 15 اعلامية سعودية يشاركن في مؤتمر الاعلام العربي والعالمي الحالي في دبي، وهو ما لم يكن ليحدث في الماضي. واضاف السديري ان المملكة فوجئت بهجمة شرسة ضدها من قبل المؤسسات الرسمية والاعلامية في الولاياتالمتحدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وربطت هذه الهجمات بالمملكة مباشرة، وانا كاعلامي سعودي اقف ضمنا بالتالي مع حكومتي، لأن هذه الهجمة استهدفت تقويض المجتمع بكامله في ارضه ودينه وتراثه، واضاف السديري أن : «المجتمع السعودي لا ينتظر منه ان يخلع عباءته فجأة ويرتدي المعطف الامريكي». وقال رئيس التحرير: «اننا هنا لاستعراض التطور المرحلي الذي جرى على الاعلام السعودي، وليس للحديث عن الماضي، اذ شهدت المؤسسات الاعلامية في المملكة تطورا ملحوظا في السنوات الخمس الماضية، وإن الاعلام السعودي لا يستطيع ان يسافر وحده الى امريكا ليغير القناعات، رغم ان احد محرري الصحيفة التي اراس تحريرها قام بعمل سلسلة من اللقاءات والتحقيقيات في خمس مناطق مختلفة من امريكا، ودائما كنا نحاول ان نردم هذه الهوة بيننا وبين القارئ أو المسؤول او الاعلامي الامريكي من خلال اللقاءات والزيارات المتبادلة والتي كانت تخرج بانطباعات ايجابية، ولكننا بعدها نتفاجأ بنشرهم آراء وافكاراً على خلاف الانطباعات التي ابدوها لدينا». ونوه السديري الى ان العلاقة بين المملكة والولاياتالمتحدة لها طابع من الخصوصية الشديدة، الا أن الاعلام الغربي كان دائما يوجه الينا تهما، كثيرة منها غير موجودة وتجانب الواقع والحياد والموضوعية. وردا على مداخلة احد الصحفيين العرب الذي طالب بوجود صحفيين عرب يعملون في الصحافة السعودية، اجاب رئيس التحرير قائلا: «ان الصحفيين العرب كان لهم دور كبير في تأسيس الصحافة في المملكة ومنطقة الخليج، ولكن الوضع الصحفي في المملكة الآن حاله مثل بقية الدول العربية إذ يوجد لدينا عدد كبير من الصحفيين السعوديين الآن، واصبحت الصحافة السعودية قادرة على الاعتماد عليهم دون الحاجة الى الاعتماد على صحفيين عرب بالشكل الذي كان بالسابق، ونظرا للكثافة السكانية وقضايا العمل فان الوظيفة الصحفية تكون مشغولة للمواطن». من جهته قال الأستاذ الدكتور خالد الدخيل ان:«تعاطي المجتمع السعودي مع التحقيقات والتغطيات الصحفية والمعلومات تغير عما كان في السابق»، وأضاف :«عندما نتكلم على موضوع الصحافة السعودية وهو موضوع كبير وله خصوصية تجعله مختلفا عن الدول الاخرى، حيث ان هناك قضية الاصلاح والارهاب فضلا عن خصوصية المجتمع والقيم الدينية، وجميعها مسائل بحاجة الى جهد من قبل الاعلاميين السعوديين لتوضيحها للآخرين». واضاف الدخيل أن هناك تشويهاً للحقائق والوقائع يأتي من الاعلام الامريكي ضد المملكة، ونحن نعاني من هيمنة الاعلام الامريكي أسوة بالغربيين ايضا، وصحيح انه ليس هناك صوت او رأي واحد في الاعلام الامريكي، ونجد من يتعاطف مع القضايا العربية ولكنهم قلة. كما اعترف الدخيل ان الاعلام السعودي فشل في مواجهة هذه الهجمة الاعلامية من الغرب وقال :« اتصور ان الاعلام الامريكي نجح ليس لامتلاكه الدعم المادي وامتلاكه للتقنية، بل لأن هناك عوامل سياسية ساعدته ليكون للاعلام الامريكي أكبر الأثر». واضاف الدخيل :« ان المملكة عانت لمدة اربع سنوات متواصلة لحملة مسعورة من المؤسسات الاعلامية الغربية، والاعلام السعودي يواجه تحديا كبيرا لمواجهة هذه الحملة وتفنيد هذه المزاعم ولا شك ان هذا يحتاج الى حرية المعلومة وحرية التعبير، معتبرا ان مرد الضعف في التغطية الاعلامية في المملكة سببه قلة المعلومات وافتقارها وهو ما ينعكس سلبا على صورة المملكة في الخارج ايضا» واختتم الدخيل أن :« الهجمة تستهدف السعودية والفكر الوهابي السعودي، ما يجعلها مسألة لا تستهدف المسلمين والاسلام بشكل عام، بل هي أمر مبيت ضد المملكة فقط وهذا ما يجعل السعوديين جميعا بحاجة الى اكثر من اي وقت مضى الى الانفتاح تدريجيا على الآخر لنقل الصورة الصحيحة عن السعودية، وهذا الانفتاح مشروط بحيث لا يحدث فوضى في المجتمع». اما الأستاذ عبدالعزيز الصقر رئيس معهد الخليج للابحاث في دبي، فقد اشاد بالتطور الذي حل بالاعلام السعودي من ناحية المصداقية والشفافية، معتبراً ان ارتباط المؤسسات الاعلامية السعودية بوكالة الانباء السعودية لفترة طويلة وارتباط الصحفي بالدولة أخّر التطور المهني للصحفي واسلوب تغطيته للحدث، الا أن الأمر تغير عن السابق عندما اصبحت الصحافة السعودية والمؤسسات الاعلامية في المملكة حرة في تغطية الاحداث المحلية او الخارجية. وشدد الصقر على ان الاعلام السعودي شهد نقلة نوعية وتطورا ملحوظا واصبح منافسا للاعلام الاجنبي في تغطية الاحداث السياسية، ودليل ذلك تغطيته لعملية (المحيا) مثلا او عملية (ادراة المرور) بالرياض من قلب الحدث وبشفافية منقطعة النظير. أما الصحفية دونا ابو نصر مراسلة وكالة (أ. ب) فقد تحدثت عن تجربتها خلال الاربع سنوات الماضية في العمل الصحفي كمراسلة اجنبية داخل المملكة، وذكرت ان هناك تطورا ملحوظا في التعاطي مع مهنة الصحافة بالنسبة للدولة وحتى المجتمع، رغم ان هناك ما زال العديد من القيود، واشارت الى تجربة تعيين ناطق رسمي للداخلية السعودية ما وفر المعلومات بشفافية وصدق للصحفيين لنقل الاحداث الداخلية في المملكة بكل مصداقية وموضوعية. هذا وامتازت الندوة بحوارات ساخنة ومداولات ومداخلات ادارها رئيس التحرير باسلوب مميز مختتما في النهاية ان المقصود من الندوة استعراض حجم التطور في العمل الصحفي في المملكة والتطور النوعي في تغطية الاخبار والاحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك كله من دون التهجم على احد او التشكيك بمصداقية أحد.