تحت غطاء نداءات السلام التي يتشدق بها حكام تل أبيب، مضت دولة الاحتلال في مشاريعها التوسعية الاقتلاعية، لتحسم من طرف واحد مستقبل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وكافة قضايا الوضع النهائي وفي مقدمتها الحدود والقدس. ففي خطوة تهدف الى تصفية الوجود الفلسطيني نهائيا في القدس، قررت حكومة شارون تطبيق قانون املاك الغائبين في الشطر الشرقي من المدينة، وذلك خلافا للسياسة التي اتخذتها حكومات اسرائيل منذ فرض القانون الاسرائيلي في هذا الشطر بعد حرب الايام الستة. وبموجب هذا القرار فإن الاف الفلسطينيين، الذين يعيشون في الضفة الغربية سيفقدون ملكيتهم لاملاكهم في شرقي القدس.. وحسب تقديرات، فان نحو نصف الاملاك في شرقي المدينة هي فلسطينية. وقد اتخذ القرار في تموز 2004، للمصادقة على قرار اتخذته اللجنة الوزارية الاسرائيلية لشؤون القدس في حزيران من ذات السنة. وعرضت صيغة القرار على رئيس الوزراء والمستشار القانوني للحكومة ميني مزوز وحظيت بموافقتهما. ولم ينشر القرار حتى الان بل ولا يظهر ضمن القرارات التي تنشرها الحكومة في موقع ديوان رئيس الوزراء على الانترنت. وكان قانون أملاك الغائبين سن في العام 1950، وهو يقضي في ما يقضي بان الغائب هو من كان في عهد (حرب 1948) «يتواجد في كل جزء من (أرض إسرائيل) خارج الاراضي الاسرائيلية». بمعنى في الضفة الغربية وقطاع غزة. وحسب القانون، فان املاك الغائبين تنتقل الى صلاحية حارس املاك الغائبين، دون ان يكون للغائب الحق في اي تعويض. ومع تطبيق القانون الاسرائيلي في شرقي القدس، أصدر المستشار القانوني للحكومة في حينه مئير شمغار، توجيهات بعدم تطبيق القانون بالنسبة لسكان الضفة ممن لهم أملاك في ذات المناطق من شرقي القدس والتي اصبحت جزءاً من الكيان الإسرائيلي. وقد اعتمد رئيس الوزراء الاسبق اسحق رابين هذه التعليمات في 1993. يشار الى ان سلطات الاحتلال بدأت بتنفيذ هذا القرار بصورة غير علنية، وقد تم الافصاح عن الامر عندما توجه اصحاب اراضٍ فلسطينيين من بيت لحم وبيت جالا بطلب للسماح لهم بمواصلة فلاحة اراضيهم الزراعية، التي توجد داخل نطاق البلدية الاسرائيلية للقدس، بعد اقامة الجدار في شرقي القدس في الاونة الاخيرة وجاء في رد الدولة بان الاراضي «لم تعد لهم بل لحارس املاك الغائبين». من جانبه، اعتبر خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية، اقدام الحكومة الاسرائيلية على تطبيق قانون الغائبين على مدينة القدسالشرقية انما يعني ان حسم قضية القدس قد دخل بالنسبة للاسرائيليين مراحله النهائية. واكد ان القرار «سيؤثر على اكثر بكثير من نصف الاملاك الفلسطينية في القدس» وأضاف «بعد مصادرة 35٪ من ارض المدينة واخراج نحو 52٪ من الارض بحجة المخططات الهيكلية تبدأ اسرائيل بهذا القانون عملية الدخول الى الاملاك ومشاركة السكان بيوتهم وعقاراتهم». واشار التفكجي الى ان هذا القانون يعني عمليا ان كل شخص له املاك في مدينة القدسالمحتلة، ويسكن في خارج حدود ما يسمى بلدية القدس سواء في الضفة الغربية وقطاع غزة او في الدول العربية فان القائم على املاك الغائبين الاسرائيلي يضع يده على هذه الممتلكات بحجة ان صاحبها غائب وقال «استخدمت اسرائيل هذا القانون بشكل محدود منذ الاحتلال العام 1967 وتركز استخدام هذا القانون في القدس القديمة وسلوان وعلى ما يبدو فان اسرائيل تخطط لاستخدام هذا القانون على نحو واسع في المدينة الان». ولفت التفكجي في هذا الصدد الى ان اسرائيل استخدمت منذ الاحتلال العام 1948 هذا القانون لوضع يدها على نحو 97٪ من اراضي فلسطين العام 1948، وقال في القدس تم استخدامه في سلوان والبلدة القديمة وايضا في الشيخ جراح واستخدامه يأتي في سياق عمليات تهويد المدينة «وأضاف لا استبعد ان تكون السلطات الاسرائيلية قد استكملت وضع قوائم بالممتلكات التي من الممكن ان تضع يدها عليها في اطار هذا القانون، وقد نشهد في الفترة القادمة عملية تنفيذ له». واشار التفكجي الى انه غالبا ما تم استخدام هذا القانون للاستيلاء على منازل عربية ومن ثم تأجيرها الى جماعات استيطانية يهودية كما حصل في القدس القديمة وسلوان وقال «بعد تطبيق القانون اما ان تؤجر الاملاك لجماعات يهودية او تبدأ السلطات بممارسة الضغط على اصحاب الاملاك لدفع ايجارات للقيم على املاك الغائبين فضلا عن انه لن يستطيع أي انسان ان يؤجر او يبيع او يشتري أي عقار ينطبق عليه هذا القانون الا بعد استئذان القيم على املاك الغائبين». واعتبر التفكجي «ان ما يجري هو عملية تهويد القدس باستخدام القوانين، فالسلطات الاسرائيلية ستستخدم المحاكم الاسرائيلية لتهويد المدينة باسلوب هادئ ومريح وتظهر نفسها امام العالم وكأنها تطبق القانون». واشار الى عدة حالات استخدمها القيم على املاك الغائبين لوضع يده على عقارات منها فندق شبرد في حي الشيخ جراح وايضا نحو 20 بناية وبيتاً في القدس القديمة وضع القيم على املاك الغائبين يده عليها ومن ثم اجرها لجماعات استيطانية.