إن نوبات الصرع تحدث فجأة أحياناً ويصعب توقع حدوثها، فقد عكف العلماء على إجراء البحوث والدراسات لمعرفة متى تحدث النوبة، ومن المعروف أن حدوث نوبات الصرع المفاجئة بدون سابق إنذار أو تحذير قد يؤدي إلى الإعاقة أو الوفاة في بعض الأحيان، ويعتمد ذلك على شدة النبوة ووقتها ومكانها وعمر الطفل. لكن فريقاً من مستشفى بباريس يعتقد أنه قد يكون من الممكن توقع موعد النوبة الصرعية عن طريق جهاز لرسم موجات المخ. ويسجل هذا الجهاز النشاط الكهربائي من أجزاء مختلفة من المخ ويتعقبها، وحلل هذا الفريق الفرنسي ستة وعشرين تسجيلاً للنشاط الكهربائي من فترات تصل إلى ستين دقيقة قبل حدوث النوبة. وتوصل الباحثون إلى وجود علامات معينة في الإشارات الكهربائية التي تخرج من المخ قبل حدوث النوبة وأن هذه العلامات تستمر لعدة دقائق وتمكن الباحثين من توقع النوبة قبل حدوثها بنجو سبع دقائق في خمس وعشرين حالة من ست وعشرين تم تحليل تسجيلات الإشارات الكهربائية للمخ فيها، وقال الباحثون في مجلة لانست الطبية أن الجهاز المستخدم رخيص الثمن نسبياً وأنه يمكن للمرضى تسجيل نشطات المخ الكهربائية على جهاز كمبيوت شخصي في المنزل، وقالوا إن القدرة على توقع نوبة الصرع يمكن أن تكون لها تأثيرات كبيرة على عدد كبير من المرضى الذين يعانون من الصرع الخارج عن السيطرة. وأضافوا أن هذه الطريقة أثبتت فاعليتها، كما أن بامكانها تقليص العواقب الطبية لنوبة الصرع وتحسين حياة المرضى عن طريق تقليص احتمالات الإصابة، وأيضاً عن طريق التخلص من الإحساس بالعجز الناجم عن عدم القدرة على توقع موعد النوبات. وقال الدكتور ديفيد فيش من معهد الأمراض العصبية في لندن إن هذه الدراسة تمثل تقدماً مدهشاً يمكن أن يكون له تأثير كبير على علاج الصرع، لكنه حذر من أن هذه الطريقة لا تزال بحاجة للمزيد من الاختبارات حتى يتم التأكد من فاعليتها، كما أن المرضى بهذه الطريقة سيظلون مرتبطين بهذا الجهاز طوال حياته، لكنه قال في الوقت نفسه أن التمكن من رصد التغيرات الانتقالية في نشاط المخ والذي يسبق الإصابة بنوبة الصرع يمكن أن يساعد في تطوير عقاقير جديدة لعلاج المرضى، وقال فيليب لي رئيس الجمعية البريطانية للصرع إن هذا البحث تطور مهم ومثير، وأنه يزيد من قدرة الأطباء على فهم طبيعة المرضى مما سيؤدي إلى تطوير طرق العلاج في المستقبل.