وزير الرياضة يهنئ القيادة بحلول شهر رمضان المبارك    خادم الحرمين عبر منصة «X» : أهنئكم بشهر رمضان المبارك، شهر التراحم والبذل والعطاء    بلدية محافظة الأسياح تزين الطرق والميادين استعداداً لشهر رمضان    ت وزارة الداخلية تبدأ في تنفيذ إجراءات العفو عن النزلاء والنزيلات المحكومين في الحق العام    " ضياء عسير" تحتفل بحصولها على شهادة المنظمة الموثوقة    «سلمان للإغاثة» يوقع اتفاقية تعاون مشترك مع منظمة الصحة العالمية    نيوم يكسب الحزم ويلامس النقطة 50    وزير الخارجية يهنئ القيادة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك    أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك    النصر يفقد" لابورت وماني" أمام العروبة    الملك سلمان: نحمد الله الذي بلغنا رمضان شهر الرحمة والمغفرة    اتحاد القدم ينفي التفاوض مع كامبوس    شاهد.. الجمارك تحبط 4 محاولات تهريب أكثر من 500 ألف حبة محظورة    نزاهة: إيقاف 131 شخصا تورطوا بقضايا فساد في 8 جهات حكومية    مفتي المملكة يهنئ القيادة والمسلمين بحلول شهر رمضان    عملية جراحية دقيقة استغرقت 6 ساعات.. نجاح فصل التوأم الملتصق البوركيني "خديجة وحواء"    بعد محادثات إسطنبول.. موسكو تعين سفيراً جديداً في واشنطن    السعودية ترفض أي خطوات غير شرعية تتم خارج إطار عمل المؤسسات الرسمية للسودان    خطيب المسجد الحرام: فريضة الصيام فرصة كبرى لاعتياد مجاهدة النفس وكفّ الألسن عن السوء    المملكة تعرب عن رفضها لأي خطوات أو إجراءات غير شرعية تتم خارج إطار عمل المؤسسات الرسمية لجمهورية السودان قد تمس وحدته ولا تعبر عن إرادة شعبه    نجاح عمليات انسداد الأنف بجهاز الكوبليشن تحت التخدير الموضعي في تخصصي بريدة    «الغذاء والدواء» تحذّر من مرقة الدجاج «maragatty» وتدعو إلى التخلص منها    الجدعان: السعودية تتبنى نموذجاً يسمح ل«الخاص» بتطوير البنية التحتية    "البيئة" تطلق حملة «سفرتنا من أرضنا»    خطيب المسجد النبوي: استقبلوا رمضان بالتوبة والطاعة والدعاء    الصين تُبدي اعتراضها على تهديدات ترمب الجمركية وتتعهد بالرد    تراجع التضخم في فرنسا إلى أدنى معدلاته خلال 4 سنوات    محافظ خميس مشيط يدشن معرض يوم بدينا لجسفت عسير    نتنياهو يخطط لتمديد المرحلة الأولى من الهدنة    ضربت مدير أعمالها.. سجن المؤثرة وحيدة قروج    الشباب يواجه ضمك    القادسية يتفق مع هيئة الصحفيين على «شراكة إستراتيجية»    مبادرة أمانة الطائف توفر كراسي متحركة لخدمة كبار السن وذوي الإعاقة    الجوير وموسكيرا وبلان يحصدون جوائز الافضلية لشهر فبراير    الاتحاد الآسيوي يوقف مدافع التعاون الاحمد ثلاث مباريات    ديوانية القلم الذهبي تتناول الرواية وعلاقتها بالسينما في لقاءها الأسبوعي    اختتام بطولة الخليج للجولف بتتويج الأبطال    العديلي يعود للقصة ب«وقت للحب وقت للحرب»    مثقفون يخصصون «رمضان» لإنجاز مشاريعهم المؤجلة    خدمات رمضان جندي خفي في مناطق الصراع    أمير تبوك يستعرض التقرير السنوي لقوات الأمن والحماية    5 خطوات لتعزيز صحة قلب الأطفال    لاعبون مصابون ب«فوبيا الطيران»    تراثنا في العلا    الصين.. حوافز مالية للإنجاب!    تنفيذ أكثر من 26 مليون عملية إلكترونية عبر منصة «أبشر» في يناير 2025    زراعة عسير تستعد ب 100 مراقب لضبط أسواق النفع العام والمسالخ    صائم ونفسي رأس خشمي    روحانية دون نظير    البكيرية تحتفل باليوم العالمي للفراولة    التسوق الرمضاني    روسيا تغزو الفضاء    مع عيد الحب    «فنّ المملكة» في جاكس    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير مكافحة المخدرات بالمنطقة    جامعة أمِّ القُرى تحتفي بيوم التَّأسيس لعام 2025م    الأردن يؤكد دعم سيادة سوريا والتنسيق لضبط الحدود    أمير تبوك يترأس اجتماع الادارات الحكومية والخدمية لاستعدادات رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دجاجات أم سالم «من أحاديث القرى»
بالفصيح
نشر في الرياض يوم 02 - 12 - 2005

عندما نجحنا من المرحلة الابتدائية، اشترى لنا الوالد بندقية صيد نصف شوزن «Shotgun» كهدية النجاح. وقد غضب عمي لهذه الهدية، واحتد على والدي وقال: أتضع مثل هذا السلاح الخطر في يد هؤلاء الأطفال..؟ والنخيل مليئة بالعمال والخرافين..!! فقال له: لا تخف.. فالله خيرُ حافظ.
وراح الوالد يدربنا عليها ويعلمنا طريقة استعمالها، وكيف يجب علينا أن نكون حذرين متيقظين عند شحنها وعند اطلاق النار.. وصرنا ننطلق مع الفجر في مواسم قدوم الطيور المهاجرة كالصفاري، والخواضير، والغرانيق، التي تأوي إلى النخيل في موسم التمر.
وكانت هناك عجوز يقال لها «أم سالم» تسكن في طرف قصي من إحدى المزارع في بيت بسيط تربي فيه الحمام والأغنام، والدجاج.. فقد كانت تمون معلمي المدرسة وبعض العاملين بمركز التنمية الاجتماعية بالبيض، والحمام. وكانت تجني من عملها هذا أرباحاً جيدة، فقد راجت تجارتها بين الوافدين للعمل في البلدة.. ولم ينغص عليها ويؤذيها إلا ثعلب صار يغدو عليها باكراً أو يهجدها ليلاً فيأكل دجاجاتها ويعبث ببيضها.
ولقد ضاقت ذرعاً بهذا الثعلب، وبذلت جهوداً كبيرة في القضاء عليه فلم تفلح، وذهبت إلى بعض محترفي الرماية وعرضت عليهم قتل الثعلب بأي ثمن يطلبون، ولكن أحداً لم يقبل لأنه لا يريد أن يقال عنه إنه صياد «حصاني».
وذات يوم كنت وأخي نسير في أحد الأسواق بين النخيل نطارد الحمام والطيور الأخرى إذ وافتنا تسحب عباءتها وعلى رأسها قفة، فلما حاذتنا ورأت البندقية، استوقفتنا وعرضت علينا قتل الثعلب، فاشترط أخي حمد عشرين ريالاً فضحكت في تعجب وقالت: عشرون ريالاً..؟! هذه كثيرة يا ولدي..! فرد قائلاً: وتدفعينها مقدماً. فضحكت عليه وعلى شرطه، ثم قال: امش ياشيخ هذي عجوز خظاطة أي «خراطة» وكان ألثغ.
وأردنا الانسحاب فوافقت.. واتفقنا على أن نأتي اليها بعد صلاة المغرب لنتعرف على المكان، وفعلاً ذهبنا هناك وفحصنا المكان بدقة وتمعن، فوجدنا أفضل مكان لرصد الثعلب هو سطح المنزل، فقد كان قريباً من حوش الدجاج ومشرفاً عليه، وجهزنا أنفسنا واعددنا عدتنا، وقد أخذت تشجعنا وتقول: حيا الله النشامى.. أبوكم بواردي، وجدكم بواردي.. وأعدت لنا عشاءً طيباً شهياً ووافراً.. وبعد العشاء حملت الينا إبريق شاي يكفي لعشرين شخصاً، وأخذت تصب لنا، وتشجعنا على شرب المزيد خوفاً من أن يدركنا النوم أو النعاس.
وبعد أن تأكدت من حماستنا، وعزمنا، ويقظتنا، هبطت إلى غرفتها مطمئنة.. وبعد ساعتين أدرك أخي النعاس فأسند رأسه للجدار فأيقظته واتفقنا على أن نتناوب النوم، ينوم بعض الوقت ثم أوقظه، فإذا تعب يوقظني هو، وهكذا بدأنا في التناوب، وطال الليل ولم نر الثعلب، ولم نسمع له صوتاً أو حساً، وقبيل الفجر وكانت النوبة نوبة أخي فزعت فجأة من نومي على إطلاق النار مرتين، متتابعتين، قفزت واقفاً إلى جنب أخي وقد تعالى صوت الطلقات ممتزجاً بأصوات الحيوانات، فقد صاح الدجاج، وطار الحمام، وتثاغت الأغنام وخارت الأبقار، ونبحت الكلاب، وسمعنا صوت نهيق حمار من بعيد وكأن القيامة قامت، وهبطنا مسرعين والتقينا بأم سالم عند باب البيت وفي يدها السراج وهي تقول: «عاشوا النشامى.. بعدي بعيالي».. وحينما فتحنا حوش الدجاج وجدنا عشر دجاجات قد أسلمن الروح، ومثلها مصابات في أجنحتهن وارجلهن، ولهن ضجيج مفزع.. أما الثعلب فقد هرب سالماً غانماً معافى. فأخذت العجوز تصيح وتصرخ في وجوهنا، وتقلب دجاجاتها وتضرب رأسها بكفيها.. فتسللنا تحت الظلام هاربين مهزومين، خائبين، وأخذت ألوم أخي وأعنفه على تعجله وعدم تحريه الدقة في التصويب، فصار يسبها ويسب دجاجها معها، وكان يقول: سمعت صياح الدجاج والدنيا ظلام فأطلقت النار..!! وحينما وصلنا البيت اندسسنا في فرشنا خائفين، وجلين من غزوتنا الدجاجية الفاشلة.. وفي الصباح جاءت أم سالم حاملة معها كيساً مليئاً بالدجاج الميت، وألقت به أمام والدي وكان جالساً مع والدتي وجدتي رحمها الله، يتناولون قهوة الصباح، وحكت له القصة فضحك ضحكاً صار يسمعه كل من في البيت وأخذ يفحص برجله على الفراش، ويضع طرف شماغه في فمه من شدة الضحك. وأم سالم تولول وتعول وتدعو بالويل، والثبور، وعظيم الأمور.. وتصيح وتقول: يا محمد شف فعل عيالك..!! فأجلسها وطيب خاطرها ودفع لها دية دجاجها كاملة ومعها مثلها، وصارت هذه الحكاية تروى فترة طويلة بل صاريضرب بها المثل في حينا فيقال: «سالفة دجاج أم سالم».
كلما تذكرت هذه الحكاية أخذتها مأخذ الجد والعبرة وقلت في نفسي: هل العرب بهم عاهة مستديمة، وآفة متوارثة، انطبعت وانصبغت بها جيناتهم، صغاراً وكباراً، شعوباً وحكومات، فلا يجمعون أمرهم، ولا يظهرون شجاعتهم، وبسالتهم، وفروسيتهم، ولا يستعملون اسلحتهم الفتاكة إلا في ذبح أنفسهم، أو ذبح دجاجهم الضعيف المسكين، ويعجزون عن قتل عدوهم حتى ولو كان ثعلباً كثعلب أم سالم؟!.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة