يقول «بيتر دراكر»، مؤسس علم الإدارة: إن على كل منشأة سواءً في القطاع الحكومي أو الخاص أن تضع لها أهدافاً واضحة تسعى إلى تحقيقها، وأن تكون كافة المستويات الادارية والموظفين على علم ودراية بهذه الأهداف وكيفية تحقيقها». وعلى عكس ما هو شائع عند الكثيرين فإن تحديد الهدف أو الأهداف الدقيقة لكل منشأة يعد أمرا ليس يسيراً، وأحيانا يشوبه صعوبة كبيرة كما يكتنفه مخاطر عديدة، لعل أبرزها احداث ضرر وخسائر للمنشأة من جراء توجيه الموارد نحو أهداف خاطئة أو غير دقيقة، ولا تعود بالنفع والربحية المتوقعة للمنشأة، لذا فان تحديد الأهداف وآلية تحقيقها مع تحديد المسؤوليات والمهام والمتطلبات لكل ادارة وقسم بل وكل موظف يعد الركيزة الأساسية لإدارة فعالة تنتهج «الإدارة بالأهداف». كما أن هذه الأهداف يجب أن تتسم بما يلي: - الوضوح، الدقة، تحديد الوقت المتوقع لتحقيقها، وضع آلية محددة لكيفية تحقيق الأهداف وان تكون الأهداف واقعية أي يمكن تحقيقها، وأن تكون مكتوبة ومعروفة لدى كافة الموظفين والعاملين. وغني عن القول إنه يتوجب على كل منشأة تهدف إلى النجاح اشاعة روح الفريق لكي تحول الجهود الفردية إلى جهد عام يسهم في تحقيق أهداف واضحة ومحددة. والادارة الفعالة لابد أن توجه كافة الموارد والجهود نحو تحقيق الاهداف المرسومة، وأن تغرس روح الانتماء والولاء لدى كافة الموظفين وعلى مختلف المستويات الادارية للمنشأة وأن تستثمر في العنصر البشري باتاحة فرص التدريب والتأهيل وكسب الخبرات والمعرفة، مع عدم اغفال التحفيز واشاعة مناخ الابتكار والابداع. ولا شك ان الاستثمار في العنصر البشري باتاحة فرص التعليم والتأهيل له يعد امراً بالغ الاهمية، وحينما ابتعثت المملكة بدءاً من نهاية السبعينات الميلادية اعداداً كبيرة من السعوديين للدراسة في بريطانيا والولايات المتحدة بلغ نحو 60,000 (ستين ألف) مبتعث على مدى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن جنت المملكة نتائج متميزة بايجاد قوة بشرية متعلمة ومؤهلة ساهمت في تفعيل برامج التنمية في المملكة، وخلقت عناصر بشرية مؤهلة وفي مختلف التخصصات. ولا شك ان الادارة عن طريق الأهداف تعد إحدى الاستراتيجيات الادارية الفعالة التي تتيح المجال لتوظيف كافة الموارد المتوفرة، ويمنح في نفس الوقت توجيها مشتركا للجهود نحو الرؤية، وايضا خلق روح الفريق ومواءمة اهداف الفرد «الموظف» مع المصلحة المشتركة والعامة للمنشأة. وفي اليابان على سبيل المثال توجد بعض الشركات لديها اهداف واضحة ومحددة قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد، يصل اقصاها إلى 250 عاما «مئتين وخمسين عاماً». وقد يرى البعض أن هذا لا يخلو من المبالغة، ولكن لا شك ان وضع أهداف قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد يعد مبدأ اداريا متفقاً عليه لمواجهة التحديات الادارية بأنواعها من أجل البقاء والمنافسة، وأرى أنه كلما زادت قوة ومكانة الشركة كلما كانت الأهداف بعيدة الأمد تتجاوز 30 عاما على أقل تقدير. وفي المملكة توجد بعض التجارب الإدارية الناجحة والرائدة والتي تنتهج التخطيط الاستراتيجي بشكل فعال وعصري، ولكن في كثير من الجهات في القطاع الخاص والحكومي تفتقد إلى النظرة الاستراتيجية البعيدة المدى. وخلاصة القول، إن الادارة بالأهداف (Management By Objectives) لا غنى عنها لأي منشأة لكي تستمر في المنافسة في مناخ عمل يتسم بالعولمة، وعدم اليقين، والمنافسة الشرسة. ٭ خبير في الإعلام البترولي