أكد المتخصص العمراني المهندس تركي بن سليمان المديفر ان أسلوب اعتماد المخططات السكنية يشكل قضية جوهرية في نجاح التنمية العمرانية في مدينة الرياض، مما يستوجب على العمرانيين والمهتمين بالمدينة دراستها من جديد ومراجعة منهجيتها، مشيرا الى ان «أحياءنا السكنية بشكلها الحالي تفتقد المتعة في التغيير والتجديد». وقال إننا نعيش في مدينة متشابهة الأحياء، نمطية الشكل خالية من الإبداع والابتكار في تشكيل مخططاتها، فلا يزال ذات النمط الرتيب يتكرر في مربعات دوكسيادس مهيمنا على معظم مخططاتنا السكنية المعتمدة مع إضافات بسيطة لا تكاد تذكر في كل مخطط عن آخر. وقال «ان هذه النمطية وهذا التكرار الممل في مخططاتنا السكنية يدعونا لطرح التساؤلات حول مطوري العقار وسبب تشابه مخططاتهم؟ ترى هل يتعاملون مع مكتب هندسي واحد يصمم لهم هذه المخططات المتشابهة، أم يتبادلون هذا النموذج فيما بينهم فينتقل من مخطط لآخر، أم إنه ليس إلا توارد خواطر عمرانية بين كل هذه المكاتب الهندسية المختلفة؟!!». واوضح المديفر أن قضية النمطية ليست مشكلة المطورين بقدر ما هي مشكلة لجنة التخطيط بأمانة منطقة الرياض، كما يتفق على ذلك معظم المكاتب الهندسية، فهذه اللجنة لا تعتمد إلا رؤيتها العمرانية الخاصة ومدرستها التخطيطية، ولا مجال للخروج منها إلا ما ندر.. وقال «هذا ليس انتقاصاً بقدرات اللجنة وإمكاناتها، بل جميعنا يدرك حجم المؤهلات العلمية المشاركة، وثقل الأسماء التخطيطية ومكانتهم في البيئة العمرانية. إلا أن الاعتماد على فريق واحد تابع للأمانة ومدرسة عمرانية معينة في اعتماد مخططات الأراضي يجعل من تلك المخططات ذات طعم ولون واحد دون أن تشعر تلك اللجنة الموقرة، فجلسات المناقشة لاعتماد المخططات تكون أشبه بفرض رؤية عمرانية ثابتة لا تتغير على جميع مخططاتنا السكنية إذا ما افترضنا أن معظم المكاتب الهندسية تدرك الاشتراطات والمعايير التخطيطية الثابتة في التطوير وتلتزم بها». وبين «لذا تجد تلك المكاتب الهندسية تتحاشى قدر الإمكان التغيير والتطوير في نمط المخططات العمرانية خشية رفضها، وتأخر موافقتها ومن ثم يبحث المطور العقاري عن مكتب بديل يطبق ما تريد هذه اللجنة دون زيادة أو نقصان، وبالتالي جعلوا من رؤية اللجنة منهاجاً يسيرون عليه، وطريقاً يجب عدم الانحراف عنه، حتى وصل الحال ببعض المكاتب الهندسية أن تمنع خيالات وإبداعات مهندسيها التخطيطية وأفكارهم الحديثة المتجددة وتفرض عليهم الالتزام بمحاكاة مخططات سابقة معتمدة من خلال هذه اللجنة، وبذلك تستمر معاناة مخططاتنا السكنية في مواجهة النمطية، وتظل أحياؤنا متشابهة مملة لا تقبل التجديد». وقال المهندس المديفر «لا يشك أي مستخدم لمدينة الرياض في سعي أمانة مدينته لكل ما فيه رقي المدينة وتنميتها، وأدرك شخصيا بأن لجنة التخطيط في الأمانة هي أحرص ما يكون على الحفاظ على مدينة الرياض وتطويرها، لكن يجب ان تسأل اللجنة نفسها متى تنتهي هذه النمطية والتكرار في شكل أحيائنا، لماذا نشهد نقلة متميزة في تصميم المباني والمجمعات السكنية وتجديد مستمر في أنماطها بينما أحياؤنا لا تتغير؟! وهل من المعقول أن خيالات مكاتبنا الهندسية بمختلف فئاتها عاجزة عن تجديد الشكل الحالي؟!!». وقال ايضا «من هذا المنطلق نجد أن أمانة المدينة مطالبة بإيجاد حلول إيجابية نحو تجديد مخططاتنا السكنية، ولن يكون ذلك إلا من خلال لجان مختلفة المدارس التخطيطية والرؤى العمرانية مستقلة من خارج الأمانة، لديها سعة الأفق في رؤية مخططات سكنية متميزة على مستوى العالم ومحاكاتها في ظل خصوصيتنا واحتياجاتنا الخاصة، وأظن أن مثل تلك الخطوات كفيلة بأن تنهي هذه النمطية القاتلة للإبداع العمراني في مدينتنا».