من أي لسان شعبي جاءت ال «بلحطي» هذه.. لا أدري.. لكنها شتيمة.. ربما مهينة للتقليل من الشأن. هل هي معادله لل «غجري» مثلاً.. يمكن..؟! اما وأنها شتيمة فلابأس بذلك.. ولامانع من استخدامها لسبب يعود لتواري بذاءتها.. وكل ما عليك هو أن تبحث عن الشخص المناسب لها.. ربما تستطيع تخيله واستدعاء مواصفاته في مخيلتك وفق الايحاء الشكلي للكلمة بعد ربطه بإيقاعها الصوتي.. والشخص المناسب يمكن ان يكون مثقفاً.. ولم لا. أما الذي استدعته مخيلتي فهو بمواصفات فنية وابداعية يصلح لأن يكون بطل قصة ما.. او شخصية مساندة في عمل تمثيلي او روائي. وصفته الثقافية يكتسبها بحكم مهنته وليس بحكم قيمته.. فهو من ذوي المواقع وليس من أصحاب القيمة. بعد هذه المقدمة الهجائية.. عليك أن تتأكد من أن الهجاء سيكون التالي وليس ما مضى.. وكلمة «بلحطي» على إشاريتها تشبه الشفرة فهي مشبعة وموحية.. تغني عن الوصف.. ويكفي أن تنعت بها تلك الشخصية الابداعية الافتراضية.. لتجد أنها تغنيك عن الوصف.. او رسم ملامح قد تجعلك كاتبا يقع في دائرة إسقاط وصف يمكن أن تجد شبيهاً له في الحياة حولك.. او بالقرب منك.. او تجد من يؤكد لك أنه يعرف هذا «البلحطي».. فتخرج من دائرة الشتيمة المهذبة او السيئة التي لاتعنى بها أحداً بعينه الى خطأ فادح يعاقب عليه القانون في حال أن جرؤ أي امرئ للأدعاء بأنه هو ال «بلحطي» المقصود.. وساعتها يا عمنا الكاتب خلص نفسك من الاتهام والمساءله التي سوف يتبعها بالتأكيد محاوله تقليل شأنك من زملائك.. وربما من اعدائك- هذا اذا كان لك اعداء- اما اذا كنت مثلي.. لالك ولا عليك.. فليس اقل من أن تنعت بقله الادب. بعد هذا عليك أن تحسن استثمار الإيقاع الموسيقي للكلمة اما من خلال المشاهد التمثيليه او الموقف الدرامى.. فإيقاع الكلمة بالنسبة لي يوحي بالغدر والخيانه ودناءة النفس وحقارة السلوك داخلياً والتجمل الخارجي المبالغ فيه لمعادل لل «البلاء» وما يتبعه من: «طي» الذي يشير إليه تفكيك الكلمة.. لذلك على الكاتب الذي يريد اختزال المعنى.. ان يركز على البعد التحليلي النفسي ويرصد ايقاعه وتباينه والمشين فيه.. دون أن يهمل البعد التجميلي الخارجي الذي يرصد عليه اي بلحطي أجل وهي هنا تعادل أي غجري أجل. وكل ما يتطلبه اتقان رسم الشخصية يقوم على وضعها في إطار يناسب تلك الشخصيات النبيلة التي توحي بالثقة مظهراً أو مخبراً.. أي أن عليك أن تضعه في إطار شكلي خارجي يوحي بالكثير من الثقة.. كأن تكون مشيته مهيبة.. وثيابه أنيقة تمتاز بشدة بياضها.. كمعادل أساسي لسواد الجزء المسود من لحيته وشاربه.. وبس.. ستوب عليك ان تتوقف عند هذا الحد حتى لاتفسد على القارئ عفوية رد فعله ازاء الأفعال المشينة التي هذا من السمات الأساسية لشخصيته. هذه السمات ليست نادرة.. ففي السينما قد تجدها مسجدة في بعض رجالات المافيا مثلاً.. وفي الروايات تجد منها في الأدب الروسي أعدادا كبيرة. صحيح أنها شبه نادرة في الأدب العربي.. ولاوجود لها في الأدب السعودي غير أنها ماثله في الحياة بأشكال متعددة.. ولكثير منها موقعه ووجاهته التي يحرص عليها ويزداد تشبثاً بها كلما ازدادت قذارته الداخلية وازداد بياض ثيابه وسواد صبغه حفه شاربه ولحيته.. إلا أن اختزال مثل هذه الشخصيات في كلمة واحدة صعب جداً.. خاصة في مجتمع مثل مجتمعنا مازالت حساسيته الشعبية عاجزة عن ابتكار كلمات وتراكيب جديدة موحية مثل تلك التي نجدها في الحس الشعبي المصري.. الذي تتوالد في حوارات ابناء احيائه الشعبية تراكيب جديدة كل يوم تقريباً. لذا عندما تسقط من ذاكرة بليد مثلي كلمة.. مثل «بلحطي».. كنا نطلقها ونحن صغار كشتيمة هلامية لاتقاء شرور الشتائم البذيئة التي قد يعاقبنا على إطلاقها أهلنا او أي كبير في السن يصدق مروءة. عندما استعيد الكلمة الآن اتمنى لو أنني كاتب قصة لأتمكن من استخدامها.. قريباً من موقعها الذي أتخيله.. لكن ما باليد حيلة..؟!