نجحت الرواية في نظري لأسباب سأكون جريئاً وأطرحها، فكاتبة الرواية امرأة!! وجريئة في طرحها، العنوان جذاب ومثير، تقديم غازي القصيبي لها، الأحداث التي تشد الناس لاكتشاف خبايا هذه الطبقة، والكتاب ممنوع.. فكل ممنوع مرغوب، ظهورها في الصحف واللقاءات التلفزيونية، وأصبحت تشاهد صورتها في كل صفحة!! سوف يضيع الكثير من الوقت حينما أسرد مختصراً للرواية التي اصبحت حديث الناس، على الأقل في الرياض بحكم ان الأبطال منتسبون اليها، ولكن لابد ان أوضحها لكم في البدء. كانت الرواية مشتتة في أجزاء تصل عبر البريد الإلكتروني كل يوم جمعة الى المشتركين في مجموعة بريدية اطلق عليها اسم (سيرة وانفضحت) واستمرت هذه الرسائل أكثر من عام، وتحكي هذه الرواية قصة أربع بنات من بنات الرياض (قمرة، لميس، سديم، ميشيل) وهن من الطبقة المخملية!! وفي ثنايا الرواية نجد سرداً لقصصهن او (فضائحهن) في البيوت، او قصص الحب التي عاشتهن، وأسرار لندن وأمريكا وغيرها من المواقف والأحداث المتناثرة في الرواية. الجانب المثير في القصة، هو الكاتب.. فقد ذكر الكاتب من خلال رسائله الأسبوعية انه (أنثى) وأن القصص حقيقية تصف حال صديقاتها.. وكانت كذلك! فظهرت رجاء الصانع وطرحت تلك القصص المشتتة وحاكتها لتلبسها صبغة الرواية لو بشكل غير قانوني!، وخرجت امامنا رواية أثارت الجدل، وحركت ماء القراءة الراكد، فتسابق الناس لاقتنائها، حتى نفدت الطبعة الأولى. حسناً.. لقد قرأت الرواية في أقل من يومين، وهنا أشيد بقدرة الكاتبة على التشويق والإمساك بالقارئ مدة زمنية أطول، ولكن.. يبدو ان حاسة النقد لدي بدأت بالعمل، وأمسكت بالقلم ورصدت بعض الأفكار والملاحظات التي أريد ان أطرحها هنا، وسوف أكون واقعياً في الطرح.. ومنطقياً.. وشعاري: الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.. ما شدني في الرواية حقيقة ما خطه الدكتور: غازي القصيبي الذي اثنى على الرواية، وأشاد بالكاتبة، عباراته بالذات تعطي للرواية بعداً آخر.. فقدرة القصيبي الروائية والأدبية بشكل عام معروفة، وثناؤه على الكاتبة يمثل رضا بما حوته الرواية او بعضاً منها، وحينما أقرأ لهذه الرواية سوف تحضرني صورة غازي الذي قرأ هذه العبارات قبلي، مما يعني مسؤوليته الكاملة أمام كل من رفض هذه الرواية أو أعطاها درجة أقل من درجات النجاح، وما يعنيني في الموضوع أنني أشاهد روائياً يشيد بزميل له!! ومن هذا الروائي؟ إذا ما علمنا أنه بقامة غازي القصيبي! هل نسينا العبارة المشهورة (الشاعر لا يمدح شاعرا، والكاتب لا يشيد بكاتب) أو ذهبت مع رياح التغيير والتطوير؟، عموماً ومع احترامي للكاتبة كانت كلمات غازي وحدها تنجح أي كتاب حتى لو كان أبيض الصفحات! وهذا مما أوقع النقاد في حرج هل ينقدون كتاباً أشاد به غازي؟ أما أنا فقلت: ولم لا.. سأحاول وأحكموا.. سأبدأ بالإشادة أولاً بفكرة إرسال القصص عبر مجموعة بريدية، فهذه الطريقة أعطت تشويقاً للقراء لمتابعة فصول هذه الرواية وإلى أين سوف تصل في نهايتها، وتواصل الردود من الأعضاء المتابعين، وخصوصاً المؤيدين لطريقة الكاتبة والرافضين، إلا.. (وبدأ النقد) ان طريقة عرض الكاتبة في الرواية - في نظري - كان يحتاج شيئاً من التمهل والتفكير.. وضعت الشكل العام للرسالة من المرسل الى المرسل اليه والعنوان والتاريخ.. ثم قبل ان تبدأ بسرد القصة تضع أبياتاً لنزار (مهلاً نزار سوف أعود اليك) أو آيات او أحاديث او عبارات أخرى وربما لو اكتفت بذلك وبدأت بالرواية كان أفضل بكثير من التعليق على ردود الأعضاء وخصوصاً الغاضبة، ثم تضيف ردودها عليهم بطريقة هزلية (طفولية) تنافي الرواية وهي عمل جاد! لعله من المستحسن ان تضع في آخر الرواية فصلاً تضع فيه الردود التي تود الرد عليها، لأنني لا أخفيكم بأنني اشعر بعدم التواصل بشكل جيد مع الرواية من مشاهد حاسمة متوترة وكاتبة تظهر لنا براءتها وخفة دمها! بالإضافة الى ان الكاتبة نقلت رسائلها في المجموعة البريدية الى الكتاب، ورغم انها طريقة - نوعاً ما - جديدة ومبتكرة، الا انني رأيت انها اثرت سوءاً على الرواية، فقد سببت قطعاً في الأحداث وعدم تواصل الكاتبة مع الأحداث بشكل تام، بحكم انها تكتب أسبوعياً، وليست جاهزة، ثم تبدأ بتقسيمها، وسبب ذلك استدراكات منها خلال الرسائل البريدية التي اتت بعدها (اعترفت بها الكاتبة في آخر فصول الرواية). وطريقة الكتابة فيها قطع للانسجام والتواصل من القارئ، حيث يفاجئ بصفحة فيها ردود على اصحاب الرسائل ببرود وأنت تبقى مشتعلاً تريد ان تعرف ما الذي حدث بعد ذلك!! ثم.. بما ان تعليقات الكاتبة تنم عن شخصيتها فقد رسمت لي صورة طفلة تلهو بأدوات الكبار، أليس من المفترض ان الكاتب يضع لنفسه مكاناً ملائماً أفضل من صحون الطرشي وعبارات الاستهبال!! لازلنا في البداية يا أحباب.. لا أدري ما الفكرة التي من أجلها نسبت هذه السلسلة الى الرواية؟ تفتقد أمور يعرفها الخبير في الرواية، صحيح انها تحمل احداثاً ولكن لم تصل بعد لمرحلة الرواية، وأدهشني من قال: انها على طريقة حلزونية!؟ الذي أعرفه ان هذه الطريقة لا تنطبق على هذه الرواية بحكم ان تلك الطريقة تعتمد على شخصيات وأحداث متداخلة وفي الوقت نفسه منفصلة عن غيرها، ولم أر كاتباً أجاد استخدامها بالإضافة الى قلة من يكتب عليها، مع العلم انك تلحظ ان هذه الرواية فيها نوع من الثغرات التي سببها انقطاع الكاتبة وعدم استمرارها في الكتابة.. من خلال قراءتي ايضاً لم أجد للرواية بناء قصصيا تبنى عليه الرواية، وجدت سرداً للأحداث فحسب، هل كان البناء المخفي هو الحب مثلاً؟ كثير من الكتاب سبقوني بأن محمد علوان هو من أجاد في مثل ذلك في مولودته الأولى (سقف الكفاية)! الحب أداة يطرب عليها الروائيون، كل الموجود عزف نشاز لا يلتزمون فيه بنوتة محددة!، متى يأت اليوم الذي نجد ذلك روائياً يعزف عليه عزفاً رائعاً؟ الله أعلم! سأخرج من هذا الحب وأقف طويلاً عن لغة الكاتبة، سأقولها بوضوح: لغة سطحية لا يوجد فيها إبداع ولا لمسات فنية أرادت ايصال فكرتها عبر طريق غير ممهد، كثيرون بحثوا لها عن أعذار هي نفسها لا يمكن ان تفكر فيها!!، من مثل: وصف دقيق للواقع، محاولة لإيصال الفكرة بسهولة للقارئ.. وغيرها من الأعذار التي لا تبرر بأي حال من الأحوال الاعتماد الكلي على اللهجة الدارجة بشكل عام، أضف الى ذلك كتابة المفردات الإنجليزية بحروف عربية! (عدنا اليك يا نزار) قضية مفروغ منها: نزار شاعر النساء، أظن ان الكاتبة أرادت إيصال رسالة ما عبر أبيات نزار التي تتصدر أغلب رسائلها البريدية، هل تشعر بأن نزار هو الذي فهم المرأة؟ او ان المضامين التي يضعها نزار في أبياته هي منال النساء؟ او تريد بسهولة ان تقول للرجال: اسمعوا ما يقوله نزار وكونوا مثله؟.. بررت الكاتبة مدى عشقها لنزار ان ألفاظه سهلة وواضحة (لم أقتنع بها)، وأضافت بأنه يهتم بالمرأة (أقنعتني نوعاً ما ولكن يبقى السؤال قائماً..) ويبقى نزار شاعر النساء والحرية والحب.. نقطة رائعة شدتني ايضاً في الرواية، وهي الإساءة بشكل أو بآخر لمعشر الرجال - وكاتب هذه الأسطر ينتمي لهم - وأظهرت براءة النساء وطيبتهن وأنهن مجرد نساء تحب! ظهر لي ذلك جلياً في شخصيات الرجال - غالباً - راشد التنبل (ركزوا على التنبل) ووليد الشاري.. فيصل.. فراس وآخر القائمة.. ظهرت شخصيات الرجال بأنهم مستغلون حاجة المرأة للحب (وليد مثلاً)، يستغلون ضعفها، إنهم يفتقدون للمشاعر والأحاسيس تجاه المرأة (راشد أولهم) وآخر العبارات التي تحمل في ظاهرها قسوة الرجال وجبروتهم وتشير الى ضعف المرأة وأنها مسكينة ولم تجد الحب، وعلى نياتها! و و(أحد معه ريال)!! ما بين القوسين أخذته من مكان ما في الرواية لأوضح لكم ان الكاتبة تخلط الجد بالهزل كثيراً!! المهم.. لن أدافع عن الرجال بحكم انتسابي لهم، فقد يستحقون ذلك!، صديقي الأديب: عبدالله الداوود والذي تناقشت معه في هذه الرواية واستفدت من آرائه قال: اذا كان الرجال في الرواية اما مغازلجي او شخصا يتسلى فكيف تريد ان تصل الى الصورة الحقيقية للرجال في هؤلاء؟!!، ولكن الكاتبة حينما ذكرت الكلام أعلاه كان ظاهرة في مصلحة النساء وضد الرجال، الا انني قرأت ما بداخل السطور لاكتشف سذاجة النساء!! لم أشاهد مثل تخلف سديم وموقفها مع وليد!! والأمر كذلك ينطبق على قمرة.. الجانب المثير في الرواية هو تصوير حالة هذه الطبقة التي تنتمي لها البطلات، الطبقة الثرية، المخملية، الراقية، وغيرها من الأسماء التي تنطبق عليهن، هل هذه الطبقة عليهن، هل هذه الطبقة هي الأصل في الرياض كي تعنون الكاتبة روايتها ب(بنات الرياض)؟ فمن يقرأ العنوان يظهر من خلاله اتسامه بالتعميم، فما المانع لو ذكرت مثلاً (بنات الأغنياء) او أي صفة تنطبق عليهن؟ ظهرت المشكلة لدي حينما أرادت البنات الاحتفال بقمرة بشكل مثير بدءاً بقيادة إحداهن سيارة BMW فئة (5) في شوارع الرياض!! ثم جولة من الغزل تتعرف خلالها ميشيل بفيصل! وبعد هذه الجولة البريئة تشتري البنات المعسل وتجهيزات السهرة التي تنتهي بشرب مشروبات روحية!! ورقصة على كلمات يا بنات الرياض.. سلسلة من الصدمات متتابعة، نحتاج وقتاً لنفهم مجريات الأحداث، عن نفسي لا أنكر وجود مثل هذا الشيء في أي بلد ولكن.. ان نضعها في رواية تحمل اسم بنات الرياض تعميم جائر، إذ ان بنات الرياض لا ينتمين الى أحد الأصناف الأربعة التي ادتها البطلات كرسالة من الروائية؟!! لكل طبقة تفاصيل خاصة بها لا يدركها الا من عاشها، ويا ليتنا نرى الطبقة الموغلة في الفقر التي نجدها في شوارع منفوحة وسكك العود!، انا لا أنكر هذا (الانحلال) إن صح التعبير؛ ومن ينكر وجود هذه الطبقة ينكر وجود طبقة كادحة فقيرة! ولكن ان تكون الكتابة بهذه الطريقة وبلفظ التعميم - غالباً - بأن بنات الرياض يحملن هذا التوجه، فهذا لا أوافق عليه الكاتبة اطلاقاً.. تكلمي عن صديقاتك وقصصهن وما تعرفين عنهن، واتركي بقية الناس الذين لا تعرفين عنهم شيئاً! لا تعممي أحكامك على المجتمع، بل تكلمي في المحيط الذي تعرفينه جيداً!، تعجبني صراحتك في موضوع رصيف الشارع خمسة في الجامعة، وعيد الحب ولكن.. إياك من التعميم ورمي ذلك على المجتمع، صحيح اننا لا نعرف، وهناك أمور تخفى علينا، وأن بنات هذا الزمن تغيرن ومع ذلك.. إياك والتعميم!! ثم.. أجد في الرواية لمزاً وهمزاً حول النجدي والحجازي؟!! هل فعلاً الزواج من حجازي يختلف عن النجدي؟ ام ان هناك رسالة خفية من الكاتبة ان الأمر يتعلق بالعادات القبلية اكثر من الجوانب الأخرى كالدين مثلاً!! كأن يكون الحجازي عاطفيا ومحبا والنجدي مكتئبا قاسيا!؟ وأن الحب يوجد في الحجاز وخصوصاً جدة ويعدم في نجد.. فعلاً جدة غير! بالإضافة الى الإقحام المتعمد لفاطمة الشيعية! ما الهدف من ظهورها فجأة في النص ثم اختفائها؟! هل لها علاقة بالنقطة السابقة؟، رجاء.. بدأت الاستفهامات تكثر!! ما القصة؟ والأمر كذلك ينطبق في قصة الأبراج الفلكية، اذكر انها قديمة جداً، من يعتمد على الأبراج: الأسد يصلح مع الجدي!؟ هل للأبراج علاقة بالطبقة المخملية او بالتطور مثلاً! اقتربت النهاية.. شدني في القصة الوصف الدقيق والصراحة المطلقة من الكاتبة في الوصف، وجراءتها أيضاً مع العلم أنها داخل المعمعة وقد يصيبها شيء منها.. ومن خلالها أريد ان أصل للنقطة الأهم: أين رجاء الصانع من خلال أبطال القصة!؟ أو هل لها وجود؟ قد أجدها في لميس التي تساعد صديقاتها وهي طبيبة اسنان! وقد أجدها في بعض من شخصيات سديم وميشيل وو..أعتقد بأنه يمكن ان تكون في الشخصيات الأربعة! بحيث تنتقل بسهولة بينهم، من عاطفة لميس الى انفتاح ميشيل الى سطحية سديم وصولاً لقمرة، ولكن بتفاوت.. وأعود لسؤالي: هل هي بطلة في القصة أو لها وجود بشكل ما؟؟ أثارتني هذه النقطة ووجدت ان الكاتبة ربما تلجأ لذلك لسبب من الأسباب، والذي أكد لي ذلك ما سمعته ان غازي القصيبي قام بعملية تحريك للأدوار في روايته (شقة الحرية) بين فؤاد وعبدالكريم ويعقوب وقاسم، فأعطى لكل شخص دور الآخر (على ذمة عبدالرحمن رفيع!!) ولكن لا أعتقد ان الكاتبة سوف تصل لهذه الطريقة في الكتابة.. أخيراً.. نجحت الرواية في نظري لأسباب سأكون جريئاً وأطرحها، فكاتبة الرواية امرأة!! وجريئة في طرحها، العنوان جذاب ومثير، تقديم غازي القصيبي لها، الأحداث التي تشد الناس لاكتشاف خبايا هذه الطبقة، والكتاب ممنوع.. فكل ممنوع مرغوب، ظهورها في الصحف واللقاءات التلفزيونية، وأصبحت تشاهد صورتها في كل صفحة!! كل الأماني الصادقة بالتوفيق لرجاء الصانع، وأنا أخشى كثيراً من تجربتها الروائية القادمة، قد يعجبها هذا التفاعل، وانتهاء الطبعة الأولى من الرواية بأن تخرج رواية أخرى قد تكون أقل من المستوى، وحينئذ تفقد شهرتها وقوتها، ومن المعروف ان البداية اذا كانت قوية فهي في الغالب تكون ضد الكاتب، وتجعله خائفاً من قبول الناس لروايته الجديدة. akhuraif@ hotmail.com