تراهن المملكة على مقوماتها الاقتصادية على حجم سوقها المحلية في المنافسة في المجال الصناعي وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية العملاقة، والتي تصل تكاليف تمويلها مئات الملايين وإطلاق ثلاث مدن متخصصة في مجال الاستثمار في المشاريع الصناعية عالية التقنية، والخدمات المساندة لتلك المصانع. وعلى الرغم من التكلفة العالية في تأهيل وتطوير مثل هذه المناطق عند مقارنتها بتكاليف المدن الصناعية التقليدية، وانعكاس تلك التكاليف على المستثمرين، فإن القائمين على المشروع يؤكدون ان المميزات التي يملكها المشروع ستجعل منه مغرياً وجاذباً للمستثمرين. ويعتقدون ان تلك المناطق ستكون الحصان الرابح في المنافسة التي تشهدها منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط في جذب المزيد من الاستثمارات الصناعية. وبدأت الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية أولى الخطوات العملية لإنشاء أول منطقة تقنية في المملكة، وسيكون مقرها في مدينة الدمام، وهي أول مشروع من هذا النوع تعلن الهيئة عن تنفيذه منذ تأسيسها قبل نحو أربعة أعوام. وقد عرف تنظيم الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (235) وتاريخ (27/8/1422ه) مناطق التقنية بأنها الأراضي والمواقع الخاصة بالتجمعات العلمية التي تتوفر فيها البنية التحتية والخدمات الاضافية لتكوين وسط علمي متطور يشجع على الاختراع والابداع في مجالات مختلفة بما يضمن تنمية الصناعات المعرفية والخدمية والحيوية وحاضنات الأعمال والتقنية ونحو ذلك. وتتلخص دوافع إنشاء مناطق التقنية في ايجاد منشآت تقنية وصناعية تنتج منتجات وخدمات عالية التقنية وتنافس على المستوى العالمي، تنويع مصادر الدخل الوطني بطريقة أوسع من خلال تنمية صناعات ومجالات انتاجية جديدة ذات قيمة مضافة عالية، وتنمية فرص عمل عالية المستوى للمواطنين. كما يتمثل الهدف الرئيسي من إنشاء مناطق التقنية في توفير البنية التحتية والخدمات الحديثة المناسبة لتكوين تكتلات صناعية - علمية وبيئات أعمال اقتصادية مترابطة ومتكاملة تساهم في تنمية صناعات معرفية حديثة ذات أبعاد استراتيجية للاقتصاد الوطني. ويعتمد المشروع على توفير خدمات اضافية في مناطق التقنية من خلال المستثمرين وتشجيعهم على اقامة بنى تحتية صالحة لاقامة المنشآت الصناعية العالية التقنية فيها. وكذلك استقطاب الجامعات ومراكز البحث والتطوير العلمي وأصحاب الفكر والابداع في تنمية وتطوير منظومة العلوم والتقنية في المملكة. ويمكن بلورة هدف المشروع في خلق نوع من الجذب لكل من المستثمرين والرواد المبدعين من خلال تهيئة البنى الأساسية والتحتية والخدمات الضرورية لتنمية صناعات التقنية. وتتمتع كل منطقة تقنية بمواصفات خاصة بها غير أن هناك مواصفات عامة تضعها الهيئة ومنها، قرب الأرض من المدينة، معايير التطوير والبناء والتأثيرات البيئية، نوع البنية التحتية والخدمات اللازمة للتكتل الصناعي. أما في مجال الأنشطة المسموح بمزاولتها في مناطق التقنية، فمن أهمها منشآت معرفية مبنية على المعرفة العلمية، خدمات تجارية مساندة كالمطاعم والبنوك والبريد والفنادق، الخدمات الادارية والتعليمية، وحاضنات الأعمال التقنية. وقد أعلنت الهيئة الأسبوع الماضي عن تطوير أول منطقة تقنية في المملكة بمدينة الدمام، في المنطقة الشرقية الغنية بالطاقة حيث تقع تلك المنطقة بالقرب من العديد من المرافق الاستراتيجية الهامة، مثل مدينة الجبيل الصناعية للبتركيماويات، احد أكبر وأهم المجمعات البتروكيماوية في العالم، شركة أرامكو السعودية، احدى أكبر شركات النفط في العالم، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن والتي تعتبر احدى الجامعات البحثية الرائدة في المملكة. وتعمل المنطقة التقنية بالدمام على الجمع ما بين الصناعات العالية التقنية والمشروعات القائمة على المعرفة والمتخصصة في مجالات الطاقة والبيئة والبتروكيماويات المتقدمة والمواد الحديثة. وتعمل كذلك، على توفير فرص جيدة للعديد من الشركات المتعددة الجنسيات، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم والمؤسسات القائمة على المعرفة المتميزة والرائدة بغية ايجاد بيئة ديناميكية للابتكار وتحقيق الأعمال والمشروعات. وسيقوم القطاع الخاص بتشغيل وادارة المدينة التقنية بالدمام بموجب عقد بناء وتشغيل وتحويل لضمان تحقيق أعلى المستويات من المقاييس والكفاءة. وسيتم تطوير الموقع بأكمله كمجمع تقني مزدان بالمناظر الجمالية وذي معايير بيئية عالية. ويتمثل الهدف الرئيسي من تطوير منطقة التقنية بالدمام في تكوين مجمع تقني يجمع ما بين صناعات عالية التقنية ونشاطات معرفية متخصصة في مجالات الطاقة «البترول والغاز»، البيئة، البتروكيماويات المتقدمة، والمواد الحديثة. ومن أبرز الجهات التي يتوقع لها ان تستفيد من المنطقة التقنية بالدمام، الجهات المُصنعة لمنتجات وخدمات عالية التقنية، الأعمال القائمة على المعرفة، مراكز البحث والتطوير والمعامل والمختبرات التجريبية الرائدة، والمؤسسات التعليمية. وفي اطار النمو المتزايد للمنطقة الصناعية بمدينة الدمام بمحاذاة ساحل الخليج العربي بالمنطقة الشرقية وتغير حجمها ورقعتها يأتي هذا المشروع ليزرع نواة قلب جديد بالمرحلة السادسة كمنطقة تقنية تتكامل مع المدينة الصناعية، ويقع المشروع المزمع في الركن الشمالي من المدينة الصناعية الثانية وتبلغ المساحة الاجمالية لمنطقة التقنية المقترحة حوالي 3,5 ملايين متر مربع.