تفتتح اليوم في مدينة برشلونة الاسبانية أعمال القمة الأوروبية المتوسطية التي تستمر يومين ويشارك فيها قادة دول الاتحاد الأوروبي الخمسة والعشرون ودول المتوسط الجنوبية والشرقية المنخرطة في منظومة الشراكة الأوروبية المتوسطية التي اطلقت في برشلونة عام 1999 وكانت مالطا وقبرص في تلك السنة مستفيدين من هذه الشراكة وبعد انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي عام ألفين وأربعة بقيت في قائمة الأطراف المعنية بهذه الشراكة على ضفة المتوسط الجنوبية كل من تونس والجزائر والمغرب ومصر ولبنان وسوريا والأردن وتركيا و(إسرائيل). وتشارك بلغاريا وكرواتيا ورومانيا وتركيا في أعمال القمة باعتبارها دولاً مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أما ليبيا وموريتانيا فإنهما تشاركان في أعمال القمة الأوروبية المتوسطية بوصفهما مراقبين. وقد اتخذت اجراءات أمنية مشددة في المدينة حيث ينتشر قرابة ستة آلاف من عناصر الشرطة والأمن لاسيما في مركز برشلونة للمؤتمرات الدولية حيث تعقد القمة وفي الأماكن المحيطة به. ومن المنتظر ان يعقد قادة الدول المشاركة في القمة أو ممثلوها جلسة خاصة مساء اليوم في مركز المؤتمرات الدولية وان تختتم هذه الجلسة بمهرجان ثقافي حول تراث حوض البحر الأبيض المتوسط وبعشاء يقدمه الملك الاسباني خوان كارلوس على شرف ضيوف القمة. وسيعقد رؤساء الدول ورؤساء الوفود جلسة القمة الافتتاحية صباح الغد (الاثنين) وتختم أعمال القمة بمأدبة غداء سيقيمها رئيس الحكومة المحلية الكتالونية ورئيس بلدية برشلونة على شرف رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية ومساعديهم. والملاحظ ان بريطانيا التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي الدورية حتى نهاية السنة الجارية واسبانيا التي تستضيف القمة قد كثفتا في الأيام الأخيرة جهودهما السياسية والدبلوماسية سعياً إلى ضمان حضور مكثف في القمة على أعلى المستويات بيد أن الظروف الصعبة التي تمر بها عدة دول في جنوب المتوسط وشرقه قد حالت دون مجيء قادة هذه الدول إلى برشلونة وهو مثلاً حال الملك الأردني عبدالله الثاني والرئيس السوري بشار الأسد والرئيس اللبناني اميل لحود. مقاومة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وإذا كانت قمة برشلونة قد أعد لها اساساً لتقويم مسار الشراكة الأوروبية المتوسطية بعد مرور عشر سنوات على اطلاقه وتلمس معالم مستقبل هذه الشراكة في اطار ما يسمى سياسة الجوار فإن ظاهرتي الإرهاب والهجرة غير الشرعية إلى القارة الأوروبية ستكونان ملفين أساسيين من الملفات المطروحة على القمة. وثمة اليوم قناعة لدى أغلب قادة دول المتوسط الجنوبية والشمالية بأن ظاهرة الإرهاب من شأنها في المستقبل الإساءة كثيراً إلى الجهود الرامية إلى تحويل منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط إلى منطقة مزدهرة وآمنة. وسيسعى المشاركون في القمة إلى بلورة استراتيجية متكاملة للتصدي لظاهرة الإرهاب ولكنه يستبعد التوصل إلى آلية محكمة بهذا الشأن لأسباب عديدة منها ان الملف معقد ايما تعقيد وأن دول الاتحاد الأوروبي الحريصة على طرحه كملف أساسي من ملفات القمة لم تنجح حتى الآن في بلورة استراتيجية عملية مشتركة للتصدي لظاهرة الإرهاب. وبقدر ما يتوقع خروج القمة بالتأكيد على مبادئ عامة بشأن الحرب على الإرهاب يوجد هنا في برشلونة لدى الأوساط المطلعة تفاؤل بخصوص التوصل إلى أرضية مشتركة لدى قادة شمال المتوسط وجنوبه لمقاومة موجات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا انطلاقاً من بلدان المغرب العربي ومروراً أساساً عبر السواحل الايطالية والاسبانية. وقد أصبحت دول المتوسط الشمالية اليوم مقتنعة أكثر من السابق بأن التصدي لهذه الهجرة التي تتخذ أساساً من افريقيا السوداء مصدراً لها يتطلب أموالاً ومعدات وآلية مراقبة لا يستطيع كل بلد من البلدان المغاربية على حدة توفيرها. من المنتظر اذاً أن تؤكد الدول المتوسطية الشمالية خلال هذه القمة التزاماً واضحاً ورسمياً في هذا الشأن. توزيع الأموال وسياسة الجوار من المشكلات الأساس الأخرى التي طرحت في الأيام الأخيرة التي لديها علاقة بالقمة الأوروبية المتوسطية تلك التي تتصل بكيفية توزيع المساعدات المخصصة للشراكة الأوروبية دول الجوار. فإلى الآن لا يعرف حجم هذه الأموال لمحددات كثيرة منها ان الاتحاد الأوروبي لم يحدد حتى الآن موازنته بالنسبة إلى المدة الممتدة من عام ألفين وسبعة إلى عام ألفين وأربعة عشر وسيكون هذا الموضوع في صلب القمة الأوروبية التي ستعقد في منتصف الشهر المقبل في بروكسل.