لكل شيء في هذه الدنيا نهاية وكل نبض من دم توقف وبالتأكيد ان آخر المسير التوقف عند نقطة معينة وركائب العمر تسير بنا نحو محطة توقف أبدي ولكن لا نعلم نحن البشر كم مسافة هذا المسير هل هي قصيرة وأمام القطر ولم نشاهدها أم ان السراب ينقطع بيننا وبينها من بعد المسافة كل ذلك لله فيه حكمة لصالح البشر يقول خلف بن هذال: كل نفس ليا وقفت ركايبها على راس جرتها تموت والأبدية لله وحده والفناء لهذه الدنيا وما فيها وإذا كان الأمر كذلك فلابد أن نحتاط لمثل هذا الأمر بأخذ المتاع من التقوى والصلاح في هذه الدنيا الزائلة يقول شرف الدين بن أسد: يا من تملك مملكاً لابقاء له حملت نفسك آثاماً وأوزارا هل الحياة بذي الدنيا وإن عذبت إلا كطيف خيال في الكرى زارا وقد قيل لا فخر فيما يزول ولا غنى فيما لا يبقى وهل الدنيا إلا كما قال بعض الحكماء المتقدمين قدر يغلى وكيف يملي وفي هذا المعنى قال الشاعر: ولقد سألت الدارعن أخبارهم فتبسمت عجباً ولم تبدى حتى مررت على الكنيف فقال لي أموالهم ونوالهم عندي كما أجزل الشعراء في وصف نهاية الدنيا وزوالها ووصفوا ذلك في قوافيهم كعبرة وموعظة لمن يعتبر يقول الشاعر غازي بن عون: تذكر أجيال تقافت وسلفان يا كثر ما يبحث كنين الضماير ونوب تعذب من تفراق الأضعان يوم الفتى ينقل للأجداث زاير إلى أن يقول: من خف ميزانه بالأعمال خسران والرابح اللي ذاخر له ذخاير ولقد أصاب ابن السماك حيث قال الرشيد لما قال له عطني وكان بيده شربه ماء فقال له يا أمير المؤمنين لو حبست عنك هذه الشربة اكنت تفديها بملكك قال نعم قال يا أمير المؤمنين لو شربتها وحبست عن الخروج اكنت تفديها بملك قال نعم فقال له لا خير في ملك لا يساوي شربة ولا بوله وقال ابن شبرمة اذا كان البدن سقيماً لم ينفعه الطعام. وإذا كان القلب مغرماً لم تنفعه الموعظة وروى أن أبا العتاهية مربد كان وراق واذا بكتاب فيه: لا ترجع الأنفس عن غبها ما لم يكن منها لها زاجر فقال لمن هذا البيت؟ فقيل لأبي نواس قال للخليفة هارون الرشيد حين نهاه عن حب الجمال وعشق الملاح فقال وودت انه لي بنصف شعري: ويسبق لحظات الوداع الأخيرة عن هذه الدنيا مؤشرات تنبه إلى قرب النهاية يقول الشاعر مناحي بن فالح: ٭ شبنا وشابت من الدنيا شواربنا والعمر في نقص والأيام تزدادي ويقول الشاعر ابن عون يصف لحظات وسكرات الموت الأخيرة مستقياً بعض الكلمات من معاني القرآن الكريم أرجيك ترحمني ليا قيل من راق لا صرت ما عاد استطيع أبلع الريق لاجاد الوعد والتفت الساق بالساق واتلى الكلام الغرغرة والتشاهيق ولكن نعود ونقول استعداداً لذلك كما قال الشاعر مبروك النامي: من خاف ربه واعتصم به وناجاه يوم الحساب بقدرة الله يظله تشهد له الأيام والأرض وأخطاه وعظامه اللي للمواقع تقله وأخيراً: أليس إلى ذا صار اخر أمرنا فلا كانت الدنيا القليل سرورها فلا تعجبن مما ترينه فكل أمور الناس هذا مصيرها