كشفت تقارير إخبارية مؤخراً أن ثلث الطعام الذي يطبخ في المنازل السعودية يذهب هدرا في النفايات، في حين أوضحت وزارة الزراعة بالمملكة ارتفاع الهدر الغذائي في المناطق الحضرية ب34%، مشيرة إلى وجود كميات كبيرة من المواد الغذائية لا تتم الاستفادة منها وأضافت الوزارة أن حجم الفاقد من الهدر الغذائي بلغ 250 كجم للفرد الواحد سنوياً. وفي المملكة، تشكل النفايات هاجسا إذ لا يتم تدوير أكثر من 3% من إجمالي النفايات والمخلفات في البلاد، وتشير التقديرات إلى أن تدوير النفايات لا يحقق نظافة للبيئة فقط وإنما يمكن أن تدر نحو 23 مليار ريال سنويا على الاقتصاد الوطني. وأعلن الأستاذ محمد القحطاني الرئيس التنفيذي للمبادرة الوطنية للتوعية والتثقيف البيئي انطلاق برنامج لإدارة تدوير النفايات بدأته المبادرة بمدارس البنات حيث قامت بتوزيع حاويات متخصصة بكل أشكال النفايات على أكثر من 36 مدرسة إلى الآن، وسيكون الهدف نحو 200 مدرسة بنهاية هذا العام. وقال في تقارير إعلامية قبل أيام إن هذه المبادرة شكلت فرصة لتحسين سلوكيات النظافة للطالبات في المدرسة والمنزل، إضافة إلى توفير عائد مادي للمدرسة التي تطبق الفرز السليم للنفايات، وتبدو التوعية ضرورية بأهمية تدوير النفايات في المملكة لأنها باتت تشكل خطرا على البيئة نظرا لاستخدام الطرق التقليدية في هذا المجال والتي تشمل الطمر والحرق وهو ما يضر التربة والهواء. مصائب قوم عند قوم فوائد وفي الوقت الذي تشتكي دول كثيرة حول العالم من أزمة النفايات وتكدسها نجد دولاً أخرى تبحث عن هذه النفايات بل تضطر أحيانا لاستيرادها بعد أن وجدت فيها كنزاً ثميناً ومصدراً رخيصا للطاقة. وتعد السويد واحدة من تلك الدول التي تواجه مشكلة غير معتادة وهي لا تمتلك ما يكفي من النفايات، وأصبحت أكبر مستورد للنفايات في أوروبا. وقال فاين فيكفيست رئيس الاتحاد السويدي لإدارة النفايات "استيراد النفايات يبدو مستغربا لكن توريدها للسويد ليس مشكلة، إن إلقاء القمامة في مكبات النفايات في الخارج مشكلة ضخمة". وليست السويد الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي تستورد القمامة فألمانيا وبلجيكا وهولندا تفعل الشيء نفسه، والعديد من دول الاتحاد الأوروبي بحاجة لإيجاد سبل جديدة للتخلص من مكبات النفايات. واستوردت السويد العام الماضي نحو 850 ألف طن من النفايات القابلة للحرق، وأحرقت في المجمل 5.5 ملايين طن، ولا تلقي السويد تقريبا بأي نفايات قابلة للحرق في المكبات حيث تحول نصفها إلى وقود يستخدم في التدفئة وتوليد الطاقة. وتُقسم النفايات إلى خمس فئات.. أولاً: النفايات القابلة للتحلّل والتي يُمكن تحويلها إلى سماد كبقايا الطعام، والفضلات الزراعية وغيرها. ثانياً: النفايات الخاملة والتي لا تتحلّل ولا تُحرق ولا تنتج أيّ تفاعلات فيزيائية أو كيماوية أو بيولوجية تضرّ بالبيئة.. ويُعتبر القطاع العقاري والأشغال العامة المصدر الرئيسي لهذه النفايات. دعوات لبحث مستقبل الطاقة المتجددة في المملكة.. وتدوير النفايات قد يدر المليارات سنوياً ثالثاً: النفايات القابلة للتدوير من الناحية الفنّية ما يفرض عملية فرز لها على المصدر، وهذه النفايات يُمكن جمعها في مجموعات عدة كالنفايات المنزلية وتلك الآتية من التجار والشركات ومن القطاع الصناعي (الزجاج، المعادن، الورق والبلاستيك، المواد العضوية)، والنفايات غير الخطرة الآتية من القطاع التجاري ومن الشركات (التغليف، نفايات المكاتب، الورق، مخلفات التصنيع). رابعاً: النفايات النهائية وهي عبارة عن نفايات غير قابلة للمعالجة في الشروط الفنّية والاقتصادية التابعة لعملية تقييم النفايات أو الحدّ من طبيعتها الملوِّثة أو الخطرة. خامساً: النفايات الخطرة وهي عبارة عن نفايات تحتوي على إحدى الخصائص التالية على الأقل: المتفجرة، المؤكسدة، قابلة للاشتعال، سامة، مسرطنة، معدية.. وهذه النفايات تنقسم إلى أنواع عدة منها الأدوات الإلكترونية، الصناعية الخاصة، المنزلية (بطاريات، الأدوية، الزيوت المُستعملة). طاقة النفايات وقال رئيس بلدية لينكوبينغ في السويد، محرم دميروك، إن بلاده تستورد النفايات المنزلية من جيرانها الأوروبيين، من أجل توليد الطاقة المتجددة. وأضاف أنه "نتيجة للاستخدام المتزايد للنفايات المنزلية في إنتاج الطاقة في السويد، لم تعد النفايات المحلية كافية، ولذلك اضطرت الحكومة لاستيراد النفايات من جيرانها كالنرويج، وبريطانيا، وإيطاليا". وأوضح أن السويد تستخدم الغاز الحيوي الذي تستخلصه من النفايات المنزلية بأساليب متطورة، في التدفئة وإنتاج الطاقة، مشيراً إلى أن لينكوبينغ تعتبر في طليعة المدن السويدية المستخدمة لهذه الطريقة على نطاق واسع. وأكد إن جميع حافلات النقل التابعة للبلدية، و70% من سيارات الأجرة تستخدم الغاز الحيوي المنتج من بقايا الطعام، وأضاف أن 99% من النفايات المنزلية في السويد تُستخدم في إنتاج الطاقة، والباقي لإنتاج السماد الزراعي. وقال دميروك إلى أن السويد تستهدف إنهاء استخدام الوقود الأحفوري (الفحم، النفط، الغاز الطبيعي) تمامًا في إطار برنامج "بلد بلا بترول"، مشيرًا إلى أن بلاده أنتجت 65% من الطاقة العام الماضي من مصادر متجددة كالرياح، والمياه، والوقود الحيوي. وقود رخيص الغاز الحيوي هو الغاز الناتج عن التحلل الحيوي لمواد عضوية عند انعدام الأكسجين، ويُنتج عن طريق الهضم اللاهوائي أو التخمّر لمواد قابلة للتحلل مثل الكتل الحيوية، السماد، مياه المجاري، النفايات الصلبة، النفايات الخضراء، النباتات. ويتألف هذا النوع من الغاز الحيوي في المقام الأول من الميثان وثاني أكسيد الكربون، من الممكن أن يستخدم كوقود رخيص في أي بلد لأي غرض تسخين كالطبخ، كما يُمكن أن يستعمل أيضاً في منشآت إدارة النفايات الحديثة حيث يستخدم لتشغيل أي نوع من المحركات الحرارية لتوليد الطاقة الميكانيكية أو الإلكترونية. كما بالإمكان أن يُضغط مثل الغاز الطبيعي، ويُستخدم في تزويد المركبات الميكانيكية بالطاقة، ويعتبر وقوداً متجدداً مما يؤهل للحصول على دعم متجدد للطاقة في بعض أنحاء العالم. وتعد شركة Scandinavian Biogas السويدية واحدة من أكبر الشركات المنتجة للغاز الحيوي، وتركز عمليات الشركة على الإنتاج الصناعي وتمتلك الخبرة الرائدة في تصميم وتشغيل مصانع الغاز الحيوي لتحقيق مستويات عالية عبر إنتاج هذا النوع من الوقود المتجدد. وخلال زيارتنا لمصنع الغاز الحيوي قرب مدينة ستوكهولم قال كارل تولبيرغ مدير الأعمال بالشركة خلال استقباله للوفد الإعلامي أن السويد باتت بحاجة لكميات اكبر من الطاقة المتجددة نظرا لتزايد استهلاك الوقود الحيوي حيث يستخدم لتشغيل الحافلات العامة ومحركات المصانع ومولدات الطاقة المختلفة. وأضاف أن السويد تعتبر خامس أكبر دولة أوروبية وعدد سكانها 9,4 ملايين نسمة، وفي السنوات الأخيرة زاد عدد السكان بسبب ارتفاع معدلات الهجرة وهو ما جعل الحكومة تخطط لاستغلال الطاقة المتجددة وتركز على دعم مصادرها لخدمة السكان وحمايتهم من كل ما يضر الصحة والبيئة. وأكد أن مصنع الغاز الحيوي الذي بدأ منذ نحو عام يعد أول المنشآت الصناعية لمعالجة فضلات الطعام بهذا الحجم الضخم، حيث يتم تحويل نحو ثلث كمية النفايات التي يتخلص منها سكان ستوكهولم إلى 80 ألف ميغاوات من الطاقة أي ما يعادل 8.8 مليون لتر من الوقود الطبيعي سنويا. وهنا يظهر النموذج الاقتصادي من وراء هذه العملية حيث إنه وفي عالم ترتفع فيه أسعار الطاقة مع نضوب مصادر الطاقة وازدياد عدد السكان، تظهر إلى العلن أهمية إعادة تدوير النفايات التي هي في ازدياد مُستمر مع ارتفاع عدد السكان والتطوّر التكنولوجي والصناعي في المجتمعات. البديل الأفضل! في هذا الصدد، أعلنت السويد أخيراً عزمها على الانتقال كلياً من استخدام النفط إلى الطاقة البديلة، لتصبح الدولة الأولى في العالم التي تحقق هذا الهدف، ومن المتوقع أن تنتهي من هذا المشروع في عام 2050. ونقلت صحيفة (بلومبيرغ) البريطانية عن الحكومة السويدية أنها ستزيد من دعم الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتخزين الطاقة ووسائل النقل النظيفة. وأكدت السويد أنها ستستثمر 4.5 بليون كرونة (546 مليون دولار) في تدابير حماية المناخ في العام المقبل، كخطوة نحو هذا الهدف، وسترفع استثمارها في قطاع الطاقة الشمسية 8 أضعاف بين عامي 2017 و2019، مع خطة لإنفاق نحو 1.4 بليون كرونة. واستمدت السويد ثلثي استخدامها للطاقة من المصادر المتجددة في العام الماضي وفقاً للصحيفة، وتخطط ستوكهولم لخفض الانبعاثات جذرياً بحلول عام 2020. وقالت وزيرة البيئة السويدية آسا رومسون، في مؤتمر صحافي قبل أيام إن بلادها في حاجة إلى زيادة الاستثمار في الطاقة البديلة للوصول إلى هدف تقليل الانبعاثات بنسبة 40% بحلول عام 2020، وقد تصل إلى غايتها في عام 2050. وستزيد الدولة الاسكندينافية دعمها للمشاريع البحثية (في ما يتعلّق بالبيئة) في دول نامية أخرى، وسترفع مساهمتها إلى 500 مليون كرونة. وتأمل الحكومة السويدية بأن توصل «رسالة مهمة» إلى المجتمع الدولي قبيل اجتماع دولي حول البيئة ينعقد في باريس في ديسمبر المقبل. الدول العربية والطاقة المتجددة بناء على ما تقدم فإن المنطقة العربية بحاجة للطاقة المتجددة لأسباب عدة منها المساهمة مع المجتمع الدولي في التخفيف من الآثار البيئية وخفض نسبة تركيز غازات الاحتباس الحراري المسببة للتغيير المناخي. كما أنها بحاجة أيضاً لمواجهة الطلب على موارد الطاقة الحالية في المستقبل حيث يشكل النفط والغاز نسبة 98% من استهلاك الطاقة في الوطن العربي وبالتالي فإن الاعتماد الكلي على هذه الموارد يؤدي إلى استنزافها لاسيما وأنها محدودة في باطن الأرض وقابلة للنضوب. ويعتبر العالم العربي غني جداً بموارد الطاقة المتجددة، وأهمها الطاقة المائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ولكن وبرغم هذا فإن البلدان العربية هي من أفقر المناطق في العالم فيما يتعلق باستغلال وتوظيف الطاقة المتجددة. المملكة وتقنيات حفظ الطاقة وفي الختام، توقّع مسؤول أممي أن تقود المملكة تطوير تقنيات حفظ وتخزين الطاقة المتجددة والاستفادة منها في شبكة الكهرباء الذكية وتصنيع السيارات الذكية. وقال مدير عام التطوير الصناعي في منظمة الأممالمتحدة، د. كاندي يوم كلا، إن المملكة ستؤدي دوراً حيوياً في تطوير ودعم الطاقة المتجددة بسبب موقعها، مبيِّناً أن إنشاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة يدعم هذا التوجُّه. وأبدى كلا، في تصريحات خلال افتتاح أعمال قمة الابتكار العالمي في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في محافظة رابغ، ارتياحه لقدرة المملكة على الاستفادة من تقنيات حفظ وتخزين الطاقة. وتحدَّث في السياق ذاته عن تجربة النرويج "فرغم أنها غنية بالموارد الطبيعية والنفط؛ فإنها تعتمد بشكل كبير على الطاقة المتجددة في الماء والهواء وتبيع الفائض منها إلى الدول المجاورة، كما تعتمد على فاعلية وتطوير الأنظمة الخاصة بدمج وإدارة الطاقة المتجددة للاستفادة منها بأقصى درجة"، متوقعاً أن يكون للمملكة دور في النهوض بقطاع الطاقة المتجددة نظراً لقدرتها على تطوير وتكوين بنية تحتية وأنظمة متطورة. السويديون حريصون على تدوير النفايات في عمليات مرتبة تبدأ من المنازل تولبيرغ مدير مصنع الغاز الحيوي بالسويد متحدثاً عن أهمية حفظ الطاقة