انطلاقاً من القناعات الراسخة التي تبنتها المملكة العربية السعودية منذ سنوات في النهوض بالمجتمع والوصول به إلى مجتمع معلوماتي يواكب النهضة الحضارية للمملكة جاءت مبادرة "قوافل التدريب الإلكتروني" التي أطلقتها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، بهدف المساهمة في محو أمية الحاسب الآلي في القرى والهجر بالمملكة، في خطوة تعد الأولى من نوعها على مستوى المملكة، وآلية تطبيقية متفردة تقوم بها الوزارة بالتعاون مع القطاع الخاص. فبعد أربعة أعوام من النجاح والانجازات لمشروع "قوافل التدريب الالكتروني" استطاع من تمكين شرائح المجتمع في أنحاء الوطن من التعامل مع الاتصالات وتقنية المعلومات بفاعلية ويسر، من خلال توفير التدريب الأساسي والمجاني على استخدام الاتصالات وتقنية المعلومات للأفراد، وذلك بالتركيز على المناطق الريفية ومحدودة الدخل، والسعي لردم الفجوة الرقمية ورفع الوعي بأهمية الاتصالات وتقنية المعلومات لدى جميع المواطنين؛ تحقيقاً لأهداف الخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات، ومن ثم يصبح التحول إلى مجتمع معرفي، وتطبيق التعاملات الحكومية الإلكترونية أمراً ممكناً. يقول في هذا الجانب المهندس علي بن صالح آل صمع المشرف العام على الخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات إن مشروع قوافل يتوافق مع خطط التنمية في المملكة التي تركز على التنمية المستدامة، وردم الفجوة الرقمية ورفع المستوى المعلوماتي في القرى المنتشرة في أنحاء المملكة مبيناً بان أبرز الأهداف التي تسعى الوزارة إلى تحقيقها من خلال هذه المبادرة رفع الوعي بأهمية الاتصالات وتقنية المعلومات لدي سكان المناطق الريفية ومحدودة الدخل، من خلال التعريف بأهمية الاتصالات وتقنية المعلومات في المجتمع، والتعريف بالاستخدامات المتعددة للاتصالات وتقنية المعلومات وتوفير التدريب الأساسي والمجاني في بيئة تدريبية مناسبة لتعلم المهارات الأساسية لاستخدام الحاسب الآلي، وكذلك تيسير عملية الوصول إلى الخدمات الإلكترونية، وايضاً تشجيع ساكني المناطق الريفية والقرى على استخدام الحاسب الآلي. المشروع يستهدف طلاب الابتدائي والمتوسط وساكني المناطق الريفية والقرى ويستهدف المشروع بشكل مركز كلاً من طلاب صفوف المرحلة الابتدائية والمتوسطة في التعليم العام، وساكني المدن والمناطق الريفية والقرى ممن لم تتسن له الفرصة لاكتساب مهارات استخدام الحاسب الآلي والإنترنت. ومن خلال باصات معدة بأجهزة الحاسب الآلي والمواد التدريبية وشاشات عرض وانترنت ومدرب ذي كفاءة عالية، تتنقل هذه الباصات بين المدن والقرى ضمن آلية تحرك تحددها الوزارة. من جهته أوضح فهد بن عبدالرحمن اللويحان مدير مشروعات رفع الوعي بالوزارة بأن المبادرة تعد فكرة رائدة في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط بأسره، وانطلقت قبل خمس سنوات ومرت بمراحل متعددة بدأت بمرحلة الاطلاع على التجارب المحلية والاقليمية والدولية المتعلقة بفكرة التجربة، واكتشفنا عدم وجود تجارب مماثلة لقوافل محليا او اقليميا واطلعنا على كل التجارب الدولية في نفس المجال على قلتها وندرتها، ثم قمنا بعمل استطلاع رأي للمختصين والعموم عبر وسائل الاعلام المختلفة. وأفاد اللويحان "لقد انتهينا إلى نتيجة هامة، وهي أن المعمل المتنقل عامل مهم وفاعل في كسر رهاب تعلم التقنية، كما تعد من الوسائل الاقتصادية لنشر تعلم مهارات الحاسب الآلي، ثم بدأنا على الفور في المرحلة الثانية والتي شملت إعداد المحتوى العلمي والاجرائي واستغرقت هذه المرحلة قرابة ثمانية أشهر، تم خلالها الانتهاء من المادة العلمية للمبادرة التي تحتوي على كتاب المتدرب وكتاب المدرب، وتحديد الإجراءات الرئيسية للمشروع، كما قمنا بوضع معايير الجودة ومقاييس الأداء. وتعد قوافل التدريب الإلكتروني بمثابة معمل متنقل ومتكامل للحاسب الآلي تم تصميمه بطريقة تناسب التدريب ومجهز ب17 جهاز حاسب آلي وطاولات وكراسي للمتدربين وشاشة عرض، وانترنت متصل بجميع الأجهزة كذلك مثبت به كاميرات للمراقبة عن بعد تعمل عبر الإنترنت بتقنية عالية الجودة بالألوان والصوت والصورة متحركة أفقيا ورأسيا، وتسمح بالرؤية الليلية لمراقبة الفصل التدريبي من الداخل، مع إمكانية التواصل (سماع الصوت + محادثة الطرف الآخر)، كما أن الباص مجهز بنظام تحديد وإدارة وتعقّب المركبات وذلك باستخدام خدمات نظُم المعلومات الجغرافيّة الفعّالة، وتقنيّة تحديد المواقع العالميّ GPS بحيث يمكن تحديد مكان الحافلة في أي وقت من خلال الموقع الإلكتروني. ويسبق التنفيذ مرحلة المسح الميداني للتنسيق المبدئي، حسب طبيعة المراكز أو الهجر أو القرى المستهدفة، بداية من جمع المعلومات الأولية فيما يخص طرق الوصول وتحديد خط المسار عبر الخرائط، وتحديد القرية عبر الإحداثيات، والتحقق من توفر الخدمات الأساسية للمتدربين وفريق العمل، والتأكد من توفر خدمات الاتصالات والإنترنت، وتحديد مشغلي الخدمة وتجربتها، والخدمات المعيشية لفريق العمل والإيواء وتحديد المسافة بين نقطة التدريب وسكن فريق العمل، والتواصل مع رؤساء المراكز وتحديد وتسجيل بيانات المنسقين؛ حتى يتم وضع كافة التفاصيل الدقيقة في الخطة المعدة لتنفيذ القوافل، وذلك بالتنسيق مع وزارة الداخلية ووزارة التربية والتعليم، والادارات المحلية بالقرية المستهدفة وفق الخطة الموضوعة وتأمين حماية القوافل، ويتم الاعلان عن موعد وكيفية التسجيل وشروط حضور الدورة وكافة التفاصيل بمختلف وسائل الاعلام من مواقع إلكترونية محلية خاصة بهم وعبر لوحات إعلانية تعلق بالميادين الرئيسية، ويتم التنسيق أيضا مع المدارس لوضع كتيبات إرشادية ومعلومات عن قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في مكتبة المدرسة في أول يوم من وصول القافلة، ومواد مختلفة يتم تأمينها من قبل الوزارة "مطويات، بوسترات"، وتقوم المدرسة بالإعلان عن الدورة خلال طابور الصباح وشرح فكرة المبادرة، كما يتم التنسيق مع الوجهاء والمشايخ والمواطنين من أجل إتاحة أكبر فرصة لمشاركة كافة فئات المجتمع، والوصول لأكبر عدد ممكن من الشرائح المستهدفة. وبعد اعتماد أسماء المرشحين للحضور يتم تجهيز الحقائب التدريبية والتأكد من جاهزية جهاز العرض المرئي وأجهزة "المايكروفون" وكاميرات التصوير، واختبار عمل كافة الأجهزة والبرامج وكذلك الاطمئنان على القرطاسية الموجودة في القافلة. ومع انطلاق القافلة تبدأ غرفة العمليات والمراقبة بالوزارة عملها في متابعة سير القافلة والتواصل مع فريق العمل للعمل على تذليل كافة العقبات وتنسيق الجهود مع كافة الجهات المسؤولة وأصحاب الشأن، غرفة العمليات فضلا عن أنها مجهزة بأحدث التقنيات للتواصل مع المدربين ومتابعة تنفيذ الدورات، حيث تستعمل تقنيّة تحديد المواقع العالميّ (GPS) في متابعة تحرك القافلة، وتراقب سير عملية التدريب عبر كاميرات المراقبة التي تبث مباشرة أثناء المحاضرات، ويتم التواصل من خلالها إذا استدعى الأمر ذلك، كما تقوم غرفة العمليات بجانب الاشراف على تنفيذ المشروع، بالإشراف على توثيق كل ما يتعلق بالمشروع منذ التخطيط وحتى التقييم والانتهاء منه. وفي نهاية كل دورة يتم تقييم المدربين والمتدربين، وتمنح شهادات حضور لمن واظب على الحضور بنسبة لا تقل عن 75% والاجابة على أسئلة التقويم، كذلك يتم تقييم كل محتويات الدورة عبر نماذج معدة لذلك. ووفقاً لأحدث التقارير الصادرة عن المبادرة خلال شهر أغسطس 2015 م، فقد غطت القوافل مناطق المملكة ال13 قاطعة بذلك أكثر من 300 ألف كيلو متر، أمضى خلالها المتدربون حوالي 20180 ساعة تدريب على كافة اساسيات ومهارات وفنون استخدام الحاسب الآلي، عبر أكثر من 516 قافلة خلال الفترة المذكورة، استفاد منها ما يربو على 30900 متدرب من مختلف الأعمار رجالاً، لتصل نسبة انجاز المشروع إلى 86%. وبتأمل بيانات التقرير وتفاصيله يلاحظ أن منطقة الرياض استحوذت على النصيب الأكبر من قوافل التدريب ب63 قافلة شارك خلالها 3171 متدربا بإجمالي عدد ساعات بلغ 2110 ساعة ، تلتها منطقة مكةالمكرمة ب 50 قافلة وما يقارب 170 دورة موزعة على 12 محافظة و44 مركزا وشارك فيها 3010 متدربين، وجاء في المرتبة الأخيرة منطقة الحدود الشمالية ب 14 قافلة حضرها أكثر من 786 متدربا أمضوا خلالها ما يقارب 510 ساعات تدريب. فهد اللويحان م. علي آل صمع