سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عصاميّات زمن الحاجة.. كل أبواب الكسب الشريف مفتوحة ! رحلة كفاح المرأة تبدأ من ساعات الصباح الأولى لتأمين لقمة العيش مع زوجها رغم مشاغل البيت ومهمة تربية الأبناء
لم يكن العمل لكسب لقمة العيش مقصوراً على الرجال فقط فمنذ القدم كانت المرأة سنداً قوياً للرجل في طلب الرزق والمشاركة في العمل ولا زالت ساعد الرجل الأيمن في هذه الحياة بما تقدمه من مشاركات وتضحيات، فقد خلّد لنا التاريخ أسماء نساء عظيمات شاركن الرجال في العمل ومزاولة التجارة وشتى أنواع الحرف وعلى رأسهن أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها التي اشتهرت بمزاولة التجارة كما روت السير ذلك. سيدات واجهن الشقاء بالصبر وعملن في البيع والشراء والرعي والزراعة والحرف اليدوية قبل زمن «المكاتب الفاخرة»! ورغم أن مهمة الكسب والصرف على الزوجة والأولاد في الأساس من اختصاصات وواجبات الرجل، إلا أنه في ظروف خاصة كانت المرأة تخرج إلى سوق العمل فبعض النساء تترمل ويكون لديها أطفال فتحتاج إلى مصدر دخل تتمكن من تأمين احتياجاتها ومتطلبات أبنائها، فلم يكن الناس يعرفون فيما مضى الوظائف الحكومية التي تصرف التقاعد عند موت الأب لأسرته، فإذا مات عائلهم فلا مناص لها من العمل الشريف لكسب لقمة العيش لها ولهم خصوصاً إذا كان زوجها لم يخلف لها تركة ومالاً يغنيهم عن السؤال، أو أن يطرأ للزوج مرض يقعده عن العمل كلياً فتضطر المرأة للخروج للبحث عن عمل يكفيها ذل السؤال والحاجة إلى الغير مهما كان أقرب قريب وتستمر في ذلك حتى يكبر الأبناء ويساعدوها على كسب عيشهم بالكد والعمل ويريحوها بعد سنين الشقاء والتعب التي عاشتها من أجل هذه الغاية، ومع تطور الزمن باتت المرأة تطرق أبواباً جديدة ومتنوعة في العمل غير التي اعتادت عليها وصارت في زمننا الحاضر أكثر راحة مما وفّر لها الطمأنينة والخصوصية . موسم الحصاد وكان الرجل يعتمد على زوجته في انجاز العديد من أعماله إضافة إلى أعمالها الرئيسية في البيت والتي أهمها العناية بالأولاد وجميع شؤون المنزل من طبخ وتنظيف وترتيب، وكان من أهم الأعمال التي تقوم بها جلب الماء العذب والاحتطاب وإحضار العشب من المراعي القريبة من البلدة للدواب التي تعيش في المنزل ويستفاد من لحمها وألبانها، أما من كان لديه مزرعة فان زوجته هي خير معين له فهي تعمل معه جنباً إلى جنب بعد أن تقوم بمهامها داخل البيت وتعتني بأبنائها فتذهب وتكمل بقية يومها في العمل معه بما تستطيع من جهد وغالباً ما يكون في الحصاد أو جني الثمار، وقد صاحب ذلك العديد من المواقف والقصص. برامج الأسر المنتجة خلقت العديد من فرص العمل للمرأة مهن متعددة وتنوعت المهن التي عملت بها المرأة قديماً حسب قدرتها وميولها ومن هذه المهن مهنة (الدلاّلة ) التي تقوم ببيع جميع حوائج النساء من ملابس وعطورات وادوات زينة وغيرها وتحملها في قطعة قماش أو ( زنبيل ) على رأسها وتدور على البيوت طوال النهار فتطرق الأبواب وتدخل على النساء وتعرض بضاعتها فتبيع ما يرغبه النساء فتحصل على مكاسب من هذه المهنة تعينها على مواجهة أعباء الحياة، كما كان لهذه الدلاّلة جانب اجتماعي فهي تقوم مقام الخطابة التي يستعين بها طالبو الشباب في وصف من يرغبون الارتباط بها من الفتيات كما يستعينون بها في إتمام الخطوبة التي إذا نجحت وتم الزواج فإنها تحصل على مقابل مادي على هذه الخدمة، ومن المهن مهنة البيع والشراء في أسواق البلدة حيث تقوم ببيع بعض المنتوجات التي تعدها في البيت مثل (السمن) و(الأقط) أو بعض الماشية أو ملابس النساء وحوائجهن وكانت تحظى باحترام رواد السوق وبائعيه وتجد كل العناية والحماية ولم يكن عملها مستنكراً إذ كانت تعمل وهي في كامل حشمتها وتحظى بالتقدير والإعجاب من الجميع، كما كان البعض من النساء ممن لديهن القدرة على التعليم يتولين تعليم النساء في كتاتيب خاصة بهن في منازلهن وقد اشتهر العديد منهن في عدد من القرى والبلدات، ومن المهن التي اعتادت النساء مزاولتها في البيوت ( النسيج ) من الصوف حيث يصنعن الملابس والفرش وبيوت الشعر وغيرها ومن ثم يقمن ببيعها على من يرغب، إضافة إلى عمل المنتوجات من خوص النخيل كالمكانس والسفر والأوعية والحصر وغيرها ويتميز عملهن بالدقة وسرعة الانجاز. أمثلة الكفاح وضربت العديد من النساء أروع الأمثلة في الكفاح من أجل تأمين لقمة العيش لها ولأبنائها بممارسة العمل الشاق فمن الطبيعي عندما يتوفى عائل أي زوجة أن يتقدم لها الخطاب خصوصاً إذا كانت صغيرة في السن ولو كان لديها أطفال ولكن كثير من النساء ترفض الزواج بآخر من أجل البقاء لتربية الأبناء فقط ولأنه ليس هناك دخل بعد وفاة زوجها فانها تضحي بالخروج إلى العمل لكي تستطيع أن تصرف على نفسها وأولادها، ومن القصص على هذا الواقع قصة امرأة ذات جمال تزوجت من رجل وأنجبت منه أربعةً من الأبناء وكانت وزوجها من ميسوري الحال حيث كان دائم السفر لكسب عيشه وأثناء غربته وصل اليها نبأ وفاة زوجها فتحملت ذلك صابرة محتسبة، وبعد أن انتهت عدتها تقاطر عليها الخطاب نظراً لجمالها ولكنها كانت ترفضهم جميعاً وتؤكد لوالدتها واخوتها رغبتها في أن تبقى لرعاية بنائها، وكان من بين الخطاب الذين تقدموا لها رجل قد ماتت زوجته وكان من الذين يملكون مزرعة كبيرة في ذلك الوقت فقابلت طلبه بالرفض ولكنه لم ييأس وواصل خطبتها وتعهد لها أن تبقى في البيت ولا تعمل معه في المزرعة ووعدها بحياة رغيدة بعيداً عن مشاق العمل فقد رغب أن تبقى في البيت لرعاية أبنائه وأبنائها ولكنها رفضت ذلك قطعياً مبدية رفضها لفكرة الزواج قطعياً وليس من أمر زواجها منه شخصياً رغم أن حالتها المعيشية شاقة فهي لا تملك بعد وفاة زوجها ما تنفق على نفسها وعلى أولادها شيئاً، وبعد فترة من الزمن طلبت من أخوتها مساعدتها بتوفير مكينة خياطة لها وكانت في بداية ورودها في ذلك الوقت فقاما بشرائها فتعلمت الخياطة عليها سريعاً وصارت تخيط ثياب جاراتها بمقابل مادي زهيد ومع مرور الوقت صارت من أمهر الخياطات فتقاطر النساء عليها طلباً لخياطة ملابسهن وصرن يدفعن لها أجراً كبيراً فاستطاعت سداد قيمة مكينة الخياطة لاخوتها بل وصارت تصرف على نفسها وعلى بيتها وأولادها مما تحصله من قيمة الخياطة وتحسنت حالتها المادية واشترت ماكينة أفضل وظلت على ذلك لعقود حتى كبر الأولاد والتحقوا بالمدارس وتخرجوا من الجامعات وصار لهم دخل كبير فتوقفت عن الخياطة بعد أن كبرت وجاء رد الجميل من أبنائها حيث ابتاعوا منزلاً كبيراً وتزوج الأبناء وأسكنوها معهم وجعلوها المسؤولة عن الصرف على البيت وذلك بتخصيص مبلغ من المال شهرياً يعطى لها وهكذا عوضها الله عن تعب تلك السنين ورفض الأزواج بأبناء بررة صرفت جل وقتها وأجمل سنين عمرها في تربيتهم والقيام بشؤونهم فردوا لها الجميل بأجمل منه. سيدة تعرض بضاعتها في السوق مهن جديدة وبعد التطور الذي شمل جميع نواحي الحياة في بلادنا وانتشار التعليم للجنسين ظهرت الحاجة إلى مشاركة المرأة في العمل في مجالات جديدة ومن أوائل هذا الأعمال مهنة التدريس في مدارس البنات حيث تم توجيه العديد من الخريجات من معاهد المعلمات إلى العمل في المدارس للاستغناء عن المعلمات الوافدات ومع توسع التعليم حصلت المرأة على فرصتها لتكملة دراساتها الجامعية والعالية وحصلت على شهادات متقدمة كالماجستير والدكتوراه مما أهلها للعمل في التعليم العالي والأكاديمي في الكليات والجامعات، وفي سبيل سد عجز وحاجة العديد من التخصصات الجديدة التي فرضتها الحاجة مثل التمريض في المستشفيات تم افتتاح معاهد صحية خرجت العديد من الممرضات وتم تطوير المعاهد إلى كليات خرجت العديد من الأخصائيات والطبيبات المتخصصات في أقسام النساء والولادة والأطفال وغيرها من التخصصات الدقيقة، وأثبتت المرأة السعودية ذكاءها وتفوقها في طرق العديد من المهن التي كانت مقصورة في الماضي على الرجال فانخرط العديد من الخريجات في الأعمال المصرفية والأعمال الإدارية فاثبتن وجودهن في فترة وجيزة من الزمن . التفوق والتخصص أثبتت الفتاة السعودية تفوقها في العديد من مجالات العمل وفي مختلف التخصصات والعلوم وبرزت العديد من الأسماء في مجالات متعددة على المستوى المحلي والعالمي ومنها على سبيل المثال حصول الدكتورة هويدا عبيد القثامي على لقب أول استشارية لجراحة القلب في المملكة والشرق الأوسط والثانية في العالم، واختيار الطبيبة سلوى الهزاع رئيسة قسم العيون في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث امرأة العام الدولية لمركز السير الذاتية بكامبريدج في بريطانيا، وأدرج اسمها في قائمة الشخصيات المميزة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، كما أدرج اسمها في قائمة ماركيز الرابعة عشرة لأبرز الشخصيات لعام 1997م، كما تعتبر الأميرة مشاعل بنت محمد آل سعود أول عالمة سعودية في ( الفضاء والاستشعار عن بعد ) المتخصصة في مجال (الجيومورفولوجيا التطبيقية)، وعضو فعال في جمعيات ولجان وهيئات علمية متعددة، ولها مشاركات في العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية ولها عدد من البحوث المنشورة، كما حصلت د. مها بنت محمد عمر خياط على الميدالية الذهبية بجدارة في معرض المخترعين ب (تقنية النانو) بسويسرا فحصدت أرفع جائزة عالمية وهي الميدالية الذهبية في معرض جنيف الدولي الأربعين العالمي للمخترعين عن اختراعها المقدم حول التحكم المكاني في نمو أسلاك السيليكون الثانوية باستخدام تفاعل كيميائي في مدى ( النانومتر) للعناصر النشطة كيميائيا، وفي انجاز مشابه حصدت البروفيسوره غادة مطلق عبدالرحمن المطيري جائزة الإبداع العلمي من أكبر منظمة لدعم البحث العلمي في الولاياتالمتحدةالأمريكية (NIH)، وهي جائزة ودعم علمي قيمتها ثلاثة ملايين دولار، وتحظى الجائزة بتغطية متميزة في الأوساط العلمية الدولية، وتمنح لأفضل مشروع بحثي من بين عشرة آلاف باحثة وباحث، ولا زالت المرأة السعودية تواصل العمل من أجل تحقيق أعلى الانجازات في مجال عملها ودراستها . رعاية واهتمام ولم يقتصر دعم المرأة للحصول على عمل للحاصلات على الشهادات الجامعية أو العليا بل شمل جميع النساء على مختلف مستواهن الدراسي فتم تطبيق برنامج (الأسر المنتجة) والذي يحقق للعديد من الفتيات اللواتي لم يجدن وظائف عائداً مادياً من خلال إدارة مشاريع صغيرة داخل البيوت لصنع عدد من المنتجات التي تلقى رواجاً في الأسواق كصناعة الأغذية والملابس والإكسسوارات وغيرها حيث يتم تسويقها من خلال تعاون عدد من الجمعيات الخيرية أو لجان التنمية الاجتماعية خصوصاً في المهرجانات الموسمية أو في الأسواق الدائمة التي تعرض منتوجاتهن، مما أتاح للعديد من الفتيات فرصة الكسب المادي الشريف والقضاء على أوقات الفراغ بما يعود عليهن بالنفع والفائدة . المرأة كانت تساعد زوجها قديما في الزراعة عمل المرأة اليوم أسهل بكثير وسوق العمل مليء بالفرص نساء زمان طرقن كل ابواب الرزق الشريف بكل جد وصبر