هذه المدينة تتوهم نفسها عاصمة لأفريقيا فهي ملتقى طرق القارة وملاذ للقادة الأفارقة الذين يلتقون لمناقشة الأزمات التي تعصف ببعض دول القارة. وقد عد رئيس الوزراء الأثيوبي ميليس زيناوي واحداً من الجيل الجديد للقادة في أفريقيا كيف لا وهو الثوري الذي تحول إلى ديمقراطي واصبح من الشخصيات الأثيرة للمانحين الدوليين. ولكن اشهر من المواجهات السياسية التي تحولت إلى اشتباكات دامية جعلت العاصمة الأثيوبية تلحق بركب المناطق الأفريقية الأخرى صاحبة السجلات القاتمة ووجد زيناوي نفسه أمام تهمة الديكتاتورية والاستبداد. ويقول عبد المحمود المحلل السياسي بالمجموعة الأفريقية «إذا تدهور الوضع هنا فإن ذلك سيعني فشلا رمزيا صارخا للاتحاد الأفريقي. هنا مقر الاتحاد الأفريقي ويحدث هذا في الساحة الخلفية لهذا الاتحاد». وشهدت شوارع العاصمة أديس أبابا اضطرابات ومصادمات عنيفة قامت خلالها أجهزة الأمن الأثيوبية بإطلاق النار على المتظاهرين الغاضبين في مطلع هذا الشهر.وتم تحويل الموقف بقرب مقر الاتحاد الأفريقي إلى مراكز لاحتجاز آلاف المتظاهرين المعارضين للحكومة.وتم إخلاء سبيل الكثيرين منهم ولكن وجهت تهمة الخيانة للبعض منهم. هذا الخلاف كما يقول المحللون نتج عن التحول الديمقراطي الذي تعثر ثم سقط. وكانت الحكومة قد دعت لانتخابات برلمانية في مايو الماضي وعلى خلاف الانتخابات التي جرت في عامي 5991 و0002 أتاحت الفرصة لمرشحي المعارضة بخوض الانتخابات. واعتبرت الانتخابات اختباراً للديمقراطية الوليدة في ثاني اكبر دولة في أفريقيا من حيث السكان. ولكن النتائج كانت صدمة للحكومة والحزب الحاكم. فقد تمكنت المعارضة من تحقيق نصر كاسح في الدوائر الانتخابية في أديس أبابا واحراز نتائج طيبة في المناطق الحضرية الأخرى. واستطاع مرشحون مغمورون الإطاحة بعدة وزراء متنفذين في الحكومة في إشارة تدل على فقدان كثير من الناخبين لثقتهم في الحزب الحاكم. وبعد اسابيع من الجدال والخلاف حول النتائج أعلنت الحكومة عن فوزها ب 692 مقعداً من مقاعد البرلمان ال 745 وحصلت المعارضة على 671 مقعداً وهو رقم يقل كثيراً على ما تعتقد المعارضة بأنها قد حصلت عليه. مدفوعاً بهذه النتائج، سارع الحزب الحاكم الذي لم يعتد على ان يتقاسم السلطة مع بقية الاحزاب السياسية الأثيوبية إلى تغيير لوائح البرلمان بحيث تسمح فقط للحزب الذي حصل على نسبة 15 بالمائة من المقاعد بطرح القضايا للنقاش مما اغضب المعارضة. وعندما نزل مؤيدو المعارضة للشوارع في يونيو الماضي للاحتجاج على تزوير الانتخابات فتحت الأجهزة الأمنية النيران عليهم ليسقط 04 قتيلاً . ولزم الاتحاد الأفريقي الصمت حيال هذه الجريمة مما ذكر المعارضة بمنظمة الوحدة الأفريقية السابقة التي نادراً ما انتقدت أحداً من الدول الأعضاء فيها بسبب قمعه للمعارضة. وتفجرت أزمة أثيوبيا السياسية مرة أخرى في مطلع هذا الشهر وذلك عندما نظمت المعارضة احتجاجاً مصغراً للفت انتباه الزعماء الأفارقة الحضور في قمة الاتحاد الأفريقي إلى حقيقة الوضع في بلادهم. ودان الاتحاد هذه المرة العنف وطلب من رئيس الوزراء ميليس زيناوي تقديم إيضاحات حول مقتل أربعين شخصاً أو نوبة أعمال العنف الجديدة. واجتمع رئيس الاتحاد والرئيس المالي السابق الفا عمر تراوري بميليس لمناقشة الأزمة. وألقى الأخير باللائمة على المعارضة واتهمها باستهداف قوات الأمن والسعي إلى إسقاط حكومته من خلال المظاهرات التي قال بأنه لن يسمح بها. وردت المعارضة على ذلك بمقاطعة جلسات البرلمان حتى توافق الحكومة على إجراء تحقيق في حوادث القتل وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين بما في ذلك زعماء المعارضة. وقد أخذت صورة ميليس الذي نظرت إليه الولاياتالمتحدة وأوروبا كواحد من الحكام الواعدين في القارة الأفريقية واختاره رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عضواً في لجنته الخاصة بأفريقيا تهتز بعد أحداث العنف الأخيرة. (نيويورك تايمز)