شيعت تركيا أمس ضحايا الهجوم الاكثر دموية في تاريخها والذي اوقع السبت 95 قتيلا خلال تظاهرة من اجل السلام في العاصمة انقرة وذلك قبل ثلاثة اسابيع فقط من موعد انتخابات تشريعية مبكرة. فيما أبلغ مصدران أمنيان تركيان رويترز أمس الأحد أن المؤشرات الأولية توحي بمسؤولية تنظيم (داعش) عن انفجاري أنقرة وأشارا إلى أن التحقيقات تركز على دور التنظيم المتشدد. وقال أحد المصدرين أن تفجيري يوم السبت يحملان أوجه تشابه مع تفجير انتحاري وقع في يوليو في مدينة سروج على مقربة من الحدود السورية كان ألقي باللوم فيه على (داعش). وقال المصدر طالبا عدم نشر اسمه إن "الهجوم اتبع نفس اسلوب (تفجير) سروج وجميع المؤشرات تدل على انه نسخة من ذلك الهجوم.. المؤشرات تشير إلى داعش". وقال المصدر الثاني لرويترز "توحي جميع المؤشرات إلى أن الهجوم نفذته داعش. نحن نركز بشكل تام على تنظيم الدولة الإسلامية (في التحقيقات)". وكان رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو اعلن حدادا وطنيا لمدة ثلاثة ايام عقب الهجوم الذي لم تتبناه اي جهة حتى الان، ما اثار اسئلة كثيرة في البلاد. وعنونت صحيفة حرييت الاحد "قنبلة في قلوبنا"، قائلة ان "الغضب عارم، الشعب ينتظر معرفة من يقف وراء الهجوم". وبينما نكست الاعلام في البلاد، تجمع آلاف الأشخاص في انقرة الاحد وسط اجراءات امنية مشددة لتكريم ضحايا اعتداء السبت محملين الحكومة مسؤوليته، بحسب مراسل لوكالة فرانس برس. وملأ المتظاهرون ساحة سيهيه في وسط انقرة على مقربة من موقع الاعتداء مطلقين هتافات مناهضة للحكومة وللرئيس رجب طيب اردوغان. وردد المتظاهرون "لتستقل الحكومة" و"السلطة تتحمل المسؤولية". واعلن بيان للمكتب الاعلامي لرئيس الوزراء احمد داود اوغلو ان الحصيلة بلغت مساء السبت 95 قتيلا و246 جريحا 48 منهم لا يزالون في العناية الفائقة في مستشفيات انقرة. وكان حزب الشعوب الديموقراطي ابرز حزب مؤيد للاكراد في تركيا الذي دعا الى التظاهرة السبت كتب على تويتر ان الحصيلة بلغت 128 قتيلا. وعند الساعة 10,04 بالتوقيت المحلي (7,04 تغ) هز انفجاران قويان محيط محطة القطارات الرئيسية في انقرة حيث جاء الاف الناشطين من كل انحاء تركيا بدعوة من مختلف النقابات ومنظمات غير حكومية واحزاب اليسار للتجمع تنديدا باستئناف النزاع بين انقرة والمتمردين الاكراد. وسرعان ما حول الانفجاران المنطقة الى ما يشبه ساحة حرب حيث كان العديد من الجثث ممددة على الارض وسط لافتات "عمل، سلام وديموقراطية" ما ادى الى حالة من الهلع بين المتواجدين. وندد الرئيس رجب طيب اردوغان ب"الهجوم المشين ضد وحدتنا وضد السلام في بلادنا" وتعهد "باقوى رد ممكن". واكد داود اوغلوا ان لديه "ادلة قوية"على ان الاعتداء نفذه انتحاريان. وهذا الهجوم هو الاكثر دموية الذي يرتكب على الاراضي التركية. ووصف سوتر كاغابتاي من معهد واشنطن الاعتداء بأنه "قد يكون هجوم الحادي عشر من سبتمبر في تركيا" في اشارة الى سلسلة الهجمات التي استهدفت الولاياتالمتحدة في العام 2001. واضاف "لقد وقع الاعتداء في قلب العاصمة التركية، مقابل المحطة الرئيسية" التي ترمز الى انقرة اتاتورك مؤسس الجمهورية التركية. وفي غياب اي تبن للاعتداء، اشار داود اوغلو باصابع الاتهام الى ثلاث منظمات يمكن ، برايه، ان تكون نفذته وهي حزب العمال الكردستاني وتنظيم(داعش) والجبهة الثورية لتحرير الشعب اليسارية المتشددة. وتاتي هذه الانفجارات قبل ثلاثة اسابيع من انتخابات تشريعية مبكرة دعي اليها في الاول من نوفمبر فيما تدور مواجهات دامية ويومية بين قوات الامن التركية ومتمردي حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق البلاد المأهول بغالبية كردية. واضطرت الشرطة لاطلاق عيارات نارية في الهواء لتفريق المتظاهرين الغاضبين الذين كانوا يحتجون على مقتل رفاق لهم على وقع هتافات "الشرطيون قتلة"، على ما افاد مراسل لفرانس برس. واتصل الرئيس الاميركي باراك اوباما باردوغان وعبر له عن "تضامن" الولاياتالمتحدة مع تركيا في مواجهة "الارهاب". كما ندد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند "بهجوم ارهابي شنيع" فيما قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعازيه للرئيس التركي. واعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن الامل في ان "يمثل منفذو هذه الاعمال الارهابية سريعا امام القضاء". ولم يتردد رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دمرتاش في اتهام الحكومة. الى ذلك أجرى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر اتصالا هاتفيا بالرئيس التركي رجب طيب اردوغان أعرب خلاله عن تعازيه ومواساته في ضحايا الانفجارين اللذين وقعا في العاصمة أنقرة. ووفقا لوكالة الأنباء القطرية (قنا) فقط أعرب الشيخ تميم عن إدانته واستنكاره ل"هذه الأعمال الإرهابية التي تهدف الى زعزعة الأمن والاستقرار وقتل الأبرياء الآمنين" ، مؤكدا "وقوف دولة قطر مع الجمهورية التركية الشقيقة في التصدي لهذه الأعمال الإجرامية" . كما أدان رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق الأحد الهجوم. وقال نجيب :"لقد أحزنتني الخسائر البشرية التي خلفها التفجير (المزدوج) في أنقرة خلال مسيرة سلمية .. تدين ماليزيا بقوة أعمال العنف هذه". وأضاف رئيس وزراء ماليزيا ،ذات الأغلبية المسلمة ، أنه من المهم دائما احترام حقوق الآخرين في التجمع السلمي في حدود القانون. وقال :"ينبغي ألا يلجأ أحد للعنف لمجرد اختلاف وجهات النظر". وأدان الأزهر فى بيان له أمس الأول التفجيرات الإرهابية في العاصمة التركية أنقرة، سائلًا المولى عز وجل أن يتغمد الضحايا بواسع رحمته وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل . وأكد الأزهر، في بيانه أن مرتكبي هذه التفجيرات هم مجرمون تجردوا من أبسط معاني الرحمة والإنسانية وخالفوا بجريمتهم النكراء كل أحكام وقيم وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي يحرم إراقة الدماء وقتل الأبرياء الآمنين. ودعا الأزهر الأمة الإسلامية إلى أن تتكاتف لمواجهة الإرهاب الذي بات يهدد حاضر شبابها ومستقبل أجيالها، كما يدعو المجتمع الدولي إلى أن يتخذ موقفًا جادا تجاه هذا الإرهاب الذي أصبح يتهدد الحضارة والوجود الإنساني. أسرة أحد الضحايا تنتظر خارج مشرحة الطب الشرعي (أ ف ب)