في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية الحديثة حقق الأخوان المسلمون ما لم يحققه حزب مصري معارض،فبعد حصول الجماعة، غير المعترف بها رسميا من جانب الحكومة كتنظيم سياسي، على نحو 34 مقعداً من جملة 164 مقعداً المخصصة للثماني محافظات التي جرت فيها المرحلة الأولى من الانتخابات المصرية وهي القاهرة والجيزة والمنوفية وبني سويف والمنيا وأسيوط والوادي الجديد ومرسى مطروح هذه المقاعد تمثل نسبة 21٪ من إجمالي المقاعد المخصصة لتلك المرحلة، وذلك وقفا للمؤشرات شبه النهائية، تكون الجماعة قد نجحت في تنفيذ ما وعدت به خلال حملتها الانتخابية من سعيها للفوز بعدد من المقاعد يتجاوز 60 مقعداً خلال الثلاث مراحل التي تنتهي في السابع من ديسمبر المقبل، بل إن المؤشرات تؤكد إمكانية زيادة عدد المقاعد على الرقم المستهدف من جانب الجماعة المحظورة نفسها، حيث يزيد عدد مرشحيها الذين يخوضون الانتخابات على 160 مرشحا. ويرى المراقبون انه رغم الفوز الكبير لجماعة الأخوان المسلمين في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية، فأن إمكانية تكرار ما حدث مع جبهة الإنقاذ الجزائرية في عهد الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد، عندما فازت بالانتخابات التي تم رفض نتائجها من جانب الحكومة الجزائرية في ذلك الوقت، صعب حدوثه في مصر لعدة أسباب يأتي في مقدمتها ان الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في مصر مازالت له الأغلبية رغم العدد الكبير من المقاعد التي فقدها الحزب، كما أن الجماعة أعلنت أنها لا تسعى للوصول إلى الحكم، بدليل أنها لم ترشح سوى نحو 160 مرشحا لخوض الانتخابات البرلمانية من إجمالي 444 مرشحاً للحزب الوطني غير المستقلين الذين خاضوا الانتخابات خارج قوائم الحزب ولكن على مبادئ الحزب وهو الاصطلاح الذي يستخدمه هؤلاء المرشحون من أجل تبرير انضمامهم للهيئة البرلمانية للحزب عقب تمكنهم من تحقيق النجاح، وبالتالي إمكانية حصول الجماعة على الأغلبية التي توصلها للحكم شبة مستحيل، حتى لو دخلت في تحالفات مع أحزاب المعارضة الاخرى، والتي لم يزد عدد المقاعد التي حصلت عليها على 6 مقاعد فقط . و السبب الآخر الذي يجعل صعوبة إن لم يكن استحالة تكرار تجربة الجبهة الوطنية للإنقاذ الجزائرية في مصر هو عدم شرعية جماعة الأخوان المسلمين في مصر، وبالتالي فإن أعضاءها الذين تمكنوا من تحقيق الفوز في الانتخابات سيدخلون مجلس الشعب المصري كمستقلين وليسوا كجماعة أو حزب معترف به رسميا . ومرة أخرى تتجه أنظار الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في مصر، إلى المستقلين الذين تمكنوا من الفوز في المرحلة الأولى من الانتخابات. ومثلما حدث في المرحلة الأولى من انتخابات عام 2000 حين استطاع المستقلون الحصول على نسبة كبيرة من المقاعد، على حساب مرشحي قوائم الحزب، فقد تكرر المشهد في المرحلة الأولى من الانتخابات الحالية، حيث لم يستطع الحزب سوى الحصول على 68 مقعداً، مقابل 54 مقعدا للمستقلين، و34 مقعداً لجماعة الأخوان المسلمين «الحصان الأسود في هذه الانتخابات»، و8 مقاعد فقط لأحزاب المعارضة الاخرىورغم حصول الحزب الوطني على العدد الأكبر من المقاعد في المرحلة الأولى، فإن الخبراء يرون أن هذه الأغلبية لا ترضي صناع القرار في الحزب الوطني خاصة أن الحزب هو الوحيد الذي دخل الانتخابات بمرشحين له على جميع المقاعد البالغ عددها 162 مقعدا في جميع الدوائر بالمحافظات الثماني التي شملتها المرحلة الأولى، وبهذه النتيجة يكون الحزب فقد نحو 94 مقعدا خلال تلك الجولة، وهو ما يتنافى مع حرص الحزب على الحصول علي الأغلبية ألكاسحة. و من أجل ضمان الأغلبية المطلقة له في المجلس القادم فلا يوجد بديل أمام الحزب سوى، القبول بالمستقلين من أعضاء الحزب الذين خاضوا الانتخابات بعيدا عن القوائم الرسمية له، وهو نفس المشهد الذي حدث في الانتخابات الماضية، خاصة أن نسبة كبيرة من المستقلين أعلنوا دخولهم الانتخابات على مبادئ الحزب الوطني، حيث من المتوقع أن يسارع هؤلاء إلى الانضمام مرة أخرى إلى الحزب، وهو ما كان يتوقعه صناع القرار بالحزب، ومن أجل ذلك لم يطبق الحزب العقوبات التي كان يهدد بها الأعضاء الذين لم يلتزموا بمبدأ الالتزام الحزبي، من خلال عدم الترشيح بعيدا عن قوائم الحزب، ومساندة مرشحي الحزب بدلا من منافستهم. ومن المتوقع أن تقوم اللجنة العامة للحزب الوطني خلال الأيام القليلة المقبلة بتكثيف جهودها لدعم مرشحي الحزب في المحافظات التي ستشهد انتخابات المرحلتين الباقيتين، من أجل تدارك الأخطاء التي وقع فيها الحزب في المرحلة الأولى وأدت إلى ضياع هذا العدد الكبير من المقاعد.