شهدت حلقة النقاش الأولى المقامة على هامش فعاليات اللقاء السنوي الخامس عشر لجمعية الاقتصاد السعودية تحت عنوان «السوق المالية السعودية: الواقع والمأمول» حول صناديق الاستثمار في الأسهم السعودية إعلان مؤسسة موديز للتصنيفات الائتمانية رفع تصنيفها للدين السعودي بمقدار نقطتين إلى ( اية 3)، وأن ذلك يعكس ارتفاع إيراداتها النفطية وما حققته من إصلاح اقتصادي وزيادة الشفافية. وبذلك يقترب تصنيف موديز للمملكة من تصنيفات المؤسسات الأخرى لأكبر مصدر للنفط في العالم والتي تتمتع بسيولة نقدية عالية وليس عليها أي ديون خارجية. وقالت موديز إن الإصلاحات تشجع على التنويع الاقتصادي إذ تتيح المزيد من فرص العمل للمواطنين وتعزز المرونة الهيكلية للصدمات الاقتصادية والمالية. وقال الدكتور محمد الجاسر نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي ورئيس حلقة النقاش إن السوق السعودية شهدت تطورا مستمرا حتى أصبحت واحدة من أكبر 10 أسواق في العالم، مبينا أن القيمة السوقية بلغت أكثر من 2 تريليون ريال حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري. وبين الجاسر إن الصناديق الاستثمارية تعد من ركائز أي سوق مالية، وأنها تمارس دورا مهما من خلال قيامها بتوجيه السيولة نحو الفرص الاستثمارية تحت إشراف أجهزة مصرفية متخصصة، إضافة إلى أنها تعد من الصانعين الرئيسيين للسوق، ومن أفضل الأوعية الاستثمارية لصغار المستثمرين. وكشف الجاسر إن الصناديق الاستثمارية كسرت حاجز المائة مليار ريال، وأن عدد المشاركين بها بلغ أكثر من 488 ألف. إلى ذلك قال فارس الحجيلان من هيئة السوق المالية إن هناك العديد من الأدوات الاستثمارية التي تستثمر فيها الصناديق غير أن معظمها تقوم بالاستثمار في الأسهم والسندات، مبينا أن هناك 171 صندوقاً استثمارياً تدير نحو 70 مليار ريال. وعرّف الحجيلان الصناديق الاستثمارية بأنها مؤسسات مالية تقوم بإصدار حصص مشاركة لمجموعة من المستثمرين وفقا لأهداف محددة وسياسات معلن عنها، مبينا أن للصناديق أغراضاً ومزايا أهمها التكلفة التي تعتبر مشجعة لصغار المستثمرين، والتنوع الذي يقلل من المخاطر، والإدارة المهنية، وتوفر السيولة. وبين إن الصناديق الاستثمارية تصنف إلى مجموعات مختلفة بناءً على معايير مختلفة على أساس الأوراق المالية التي تملكها وأيضا على أساس الأهداف من الصندوق، إضافة إلى الشكل القانوني حيث هناك نوعان وهي ذات النهاية المفتوحة والنهاية المغلقة. وذكر إن الأطراف المتعلقة بالصندوق هي المدير، والمحاسب، ومسئول سجل أصحاب الوحدات، ومجلس الأمناء، والأمين، والمبيعات والتسويق، موضحا أن صناديق الاستثمار نشأت في المملكة عام 1979، ونظرا لنجاحها أصدر وزير المالية تنظيما لها وأصدرت مؤسسة النقد تعاميم على عدة مواضيع ذات علاقة بتلك التنظيمات، ومن أبرزها قيام البنوك فقط بذلك، والسماح للأجانب عاد 1999م بالاستثمار في سوق الأسهم من خلالها. ومن التطورات في الصناديق الاستثمارية قال الحجيلان إن هيئة السوق المالية لديها فريق عمل للتعاون مع مؤسسة النقد لوضع اللائحة الخاصة بالصناديق، إضافة إلى أنه من التطورات المتوقعة فتح المجال للأشخاص المرخص لهم من قبل الهيئة وليس الصناديق بإدارة الصناديق. وتحدث الحجيلان عن تقويم سعر الوحدات والاسترداد بشكل يومي، والإشراف على الصندوق وإدارته من قبل مجلس الأمناء، والمساعدة على استقرار السوق والحث على الاستثمار طويل الأجل، ومتطلبات الإفصاح والشفافية للمستثمرين وطلب تقارير من مديري الصناديق. إلى ذلك قال المحلل المالي الدكتور عبدالوهاب أبو داهش إن الأهم هو اختلاف نظرة مدير الصندوق عن نظرة المستثمر، حيث إن المشكلة تمكن في أن الصناديق مشاعة والمستثمر يملك وحدات في الصندوق وليس أسهم في شركة معينه. وبين إن الصناديق تحتاج إلى الشفافية وذلك عن طريق تسعير الوحدات والاسترداد بشكل يومي، مبينا أن الصناديق بوضعها الحالي تعطل مصالح المستثمرين، وأن هذا من العوامل السلبية، مع أن معظم الصناديق تؤدي نتائج أفضل من السوق. وأكد أبو داهش على أهمية النظر لعدة عوامل عند دخول أي صندوق من أهمها الأداء التاريخي للصندوق في أوقات الهبوط والارتفاع، إضافة على النظر في المخاطر التي تحيط بالسوق وأيضا الصندوق، وتكلفة الرسوم وهل هي مؤثرة على العائد المتوقع حيث أن الرسوم تختلف من صندوق لآخر. وبين أن الدخول يجب أن يكون على المدى الطويل، وأن المضارب اليومي لا يؤدي أداء أفضل من الصناديق. من جانبه أوضح أسامة شاكر المشارك من البنك السعودي البريطاني أن الصناديق الاستثمارية استحوذت على 3,2٪ من القيمة السوقية الإجمالية للسوق خلال الربع الثالث من العام الجاري بعد أن كانت تمثل حوالي 2,85٪ مطلع العام الجاري، مبينا أن هناك إقبالاً كبيراً على الصناديق في الآونة الأخيرة مع الوعي الاستثماري الذي يشهده المستثمرون، وزيادة التفاؤل بمستقبل الاقتصاد الوطني مع ارتفاع أسعار النفط، وانخفاض جاذبية البدائل الاستثمارية الأخرى مثل العقار، وتوفر المعلومات عن أداء السوق والصناديق الاستثمارية، وزيادة القدرة الاستيعابية لسوق الأسهم. وذكر شاكر إن حجم التداول اليومي منذ حوالي خمس سنوات كان أقل من 200 مليون ريال يوميا، إلا أنه حالياً يبلغ نحو 12 مليار ريال يومياً. ودار نقاش حول مدى الشفافية في الصناديق الاستثمارية حيث قال رجل الأعمال خالد الشثري إن الصناديق الاستثمارية ليس لديها أي شفافية في أسماء الشركات التي تدخل إليها ونسب تملكها، إضافة إلى أن ما تقوم به الصناديق هو مضاربة عشوائية، مبينا أن المضاربين يتعاملون من خلال البنوك التي تدير الصناديق وتملك معلومات حول أداء المستثمرين في السوق. وتم الكشف خلال النقاش عن أنه سيكون هناك إفصاح عن الاستثمارات الجوهرية للصناديق وهو ما يصل إلى نسب معينة. وذكر الدكتور محمد القنيبط رئيس جمعية الاقتصاد السعودية خلال مداخلته أن هناك ضبابية في عمل الصناديق في عدم إعلان تملكها لنسب معينة في الشركات. وكان من ضمن المداخلات اتهام البنوك بالقصور في عملية التوعية بأهمية الصناديق، ومميزاتها لجذب عدد كبير من المستثمرين إليها، حيث أن جزء كبير ممن يمتلكون السيولة لا يمتلكون الثقافة الاستثمارية الكافية. وفي نهاية الحلقة أوضح الدكتور الجاسر أن عدد المستثمرين السعوديين في الصناديق الاستثمارية عام 2000م لا يتجاوز 1612 مستثمر بمبالغ لا تتجاوز 1,6 مليار ريال، إلا أنه في سبتمبر من العام الجاري بلغ أكثر من 365 ألف مستثمر بقيمة 66 مليار ريال.