تواجه الحكومة اللبنانية ضغوطا غداة اكبر تظاهرة للمجتمع المدني يشهدها لبنان في تاريخه والمهلة التي حددها المتظاهرون لايجاد حل لأزمة النفايات. واليوم كتب منظمو حملة "طلعت ريحتكم" متوجهين الى المسؤولين السياسيين "تكت ساعتكن" متوعدين بتصعيد التحرك اذا تم تجاهل مطالبهم بحلول مساء الثلاثاء اي لدى انتهاء مهلة من 72 ساعة اعلنت السبت للتوصل الى حل مستدام لمشكلة النفايات في لبنان. وبعد اسابيع من الاحتجاجات اعتبرت حركة "طلعت ريحتكم" انها نجحت عندما جمعت بعد ظهر السبت عشرات الالاف من الاشخاص في ساحة الشهداء وسط بيروت. ونظمت الحملة تحت شعارات مثل "المواطن أولا" و"يسقط يسقط حكم الازعر" تعبيرا عن عدم قدرة الناس على احتمال المزيد في غياب اي اصلاح حقيقي منذ نهاية الحرب الاهلية العام 1990، حيث اجج من حدة غضبهم قضايا الفساد ونقص الخدمات الاساسية من ماء وكهرباء. وتحت عنوان "سبت الشعب" كتبت صحيفة "السفير" الاحد ان "ساحة الشهداء عادت لاصحابها الحقيقيين جيل جديد (...) شباب ابصر النور على صور لشخصيات سياسية لم تغادر منابرها ومواقعها" منذ اربعين عاما. واعتبرت الصحف ان الطابع غير المسبوق لتظاهرات الايام الماضية تبشر بمرحلة جديدة اذ كتبت صحيفة النهار ان التظاهرة "تنذر بحتمية التغيير الآتي حتما بارادة الشعب من السياسيين انفسهم او بضغط الشارع الذي خرج عن سلطة القوى التي تتقاسم الحكم في 8 و14 آذار" في اشارة الى اكبر كتلتين سياسيتين متنافستين الاولى بزعامة حزب الله الشيعي، والثانية بزعامة رئيس الوزراء السني السابق سعد الحريري المدعوم. والطرفان الممثلان منذ 18 شهرا في "حكومة التوافق" يخوضان حوار طرشان يحول دون اتخاذ قرارات فاعلة. وعقدت الحكومة برئاسة تمام سلام جلسة استثنائية لمجلس الوزراء الخميس دون ان تعلن عن مبادرات لحل ازمة النفايات. وكتبت "النهار" للمرة الاولى "منذ زمن تتحرك قوى المجتمع المدني لمطالب حياتية لا تلبية لنداء زعيم سياسي او طائفي". ويقوم النظام اللبناني على تقاسم السلطة وفق حصص طائفية وعلى "ديموقراطية توافقية" تضمن منذ 1943 المشاركة بين المسلمين والمسيحيين. ولكن هذا النظام يعتبر مسؤولا منذ عقود عن استشراء الفساد والهدر والمحسوبية والحرب الاهلية (1975 الى 1990 ) والازمات المتكررة التي تفاقمت منذ 2011 بسبب الحرب في سوريا التي مارست الوصاية لفترة طويلة على لبنان. ويتولى المناصب السياسية في لبنان زعماء الحرب السابقون الذين يتقاسمون الحقائب الحكومية ومقاعد البرلمان. وعدا عن معالجة مشكلة النفايات يطالب المحتجون بتنظيم انتخابات نيابية جديدة بعد ان عمد النواب الى التجديد لانفسهم مرتين منذ اخر انتخابات في 2009 بسبب الانقسامات السياسية. ويبدو النواب كذلك عاجزين عن انتخاب رئيس للجمهورية منذ شغور المنصب في مايو 2014. ويطالب المحتجون باستقالة وزير البيئة محمد المشنوق ومحاكمة المسؤولين عن اعمال العنف نهاية الاسبوع الماضي ومن بينهم وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد اطلاق الرصاص المطاطي على المتظاهرين. وبالاضافة الى تحرك "طلعت ريحتكم" انضمت الى الحملة مجموعات اخرى من المجتمع المدني مثل "بدنا نحاسب" و"عالشارع" او "حلوا عنا" وهي تنشط عبر مواقع التواصل الاجتماعي. بعد اسبوع من تظاهرات شهدت صدامات نظمت تظاهرة السبت بهدوء عموما عدا بعض التجاوزات اثر تفرقها. وقامت قوى الامن بتوقيف عشرة اشخاص.