دور عميلة الأف. بي. أي. كلاريس ستارلينغ الذي لعبته جودي فوستر في فيلم «صمت الحملان» انتزعته جوليان مور في الفيلم التابع «هانيبال». والآن تعيد جودي فوستر المعروف لجوليان في فيلم «الرحلة الجوية» لتلعب فيه نفس دور المرأة ربما المجنونة أو ربما غير المجنونة الذي لعبته جوليان في فيلم الرعب «المنسيون» في السنة الماضية. في ذلك الفيلم أدت مور دور أم تقوم ببحث يائس لكشف ما حدث لابنتها الذي يقول الكل انه لم يكن موجودا أصلا. وفي «الرحلة» تؤدي فوستر دور أم يائسة تقوم ببحث يائس عما حدث لابنتها التي يقول لها الجميع انها لم تعد موجودة. والفرق الرئيسي بين الدورين أن مور كانت بأمان على الأرض فيما فوستر محلقة في منطقة قليلة الأوكسجين على ارتفاع 12 كيلومترا في رحلة جوية فوق المحيط الأطلسي. والنتيجة هي أن مدة عرض الفيلم تخزن في 90 دقيقة نفس كمية الضجر والسأم في رحلة الست ساعات بالطائرة من برلين إلى مدينة نيويورك.القصة الأساسية للفيلم مشوقة، وبوجود فوستر والمنتج الأسرع من الصوت برايان غرايزر كان هناك احتمال كبير بأن يأتي الفيلم مثيرا للغاية. وقد حشد صانعو الفيلم طاقما متيناً من الممثلين المساعدين أمثال بيتر سارسغارد وشون بين واريكا كريستنسن. والأداء بأكمله، بما فيه أداء فوستر الحائزة على جائزة الأوسكار مرتين، حاد ومتسارع إلا انه ليس ودياً ولا يستدر التعاطف. والمخرج الألماني المستقل روبرت شوينتكي يسجل أول عمل هوليوودي له وهو عمل متين من الناحية التقنية، غير انه لا يحقق سوى لحظات قليلة من الأجواء المغيمة وبعض المواقف المرعبة اشتقاقا من نص الشاشة الذي كتبه بيتر دولينغ وبيللي راي وهو نص يتأرجح بين اللامعقول والمستحيل والسخيف. ويبدأ الفيلم بمشاهد لكابل برت «فوستر» المترملة حديثا وهي تقوم بالاستعدادات للعودة من ألمانيا إلى ديارها في لونغ آيلند لدفن زوجها الذي لقي حتفه إثر سقوطه من المبنى الذي يقيمان فيه.كايل تراودها تخيلات تمضي فيها أمسية مع زوجها الميت قبل أن تتوجه إلى المطار مع ابنتهما جوليا «مارلين لوستون» البالغة من العمر ست سنوات، في لقاء يهيئ الأجواء للشك في صحة كايل العقلية فور أن تستقل الطائرة. وبعد أن تغط بالنوم في أثناء الرحلة تستيقظ كايل لتجد أن جوليا قد اختفت. ويتحول قلق كايل إلى رعب عندما يعجز البحث الذي يقوم به ربان الطائرة الصارم «بين» ورجل الأمن الجوي على الطائرة «سارسغارد» عن العثور على جوليا. ويقول ركاب الطائرة وأفراد طاقمها، وبينهم كريستنسن وكيت بيهان في دور وصيفتين، انهم لم يروا الطفلة أبداً. كما تبين لائحة الركاب ان كايل تقوم بالرحلة وحيدة. وفي النهاية يقرر طاقم الطائرة أن لديهم راكبة معتوهة ومتوهمة بعد أن تردهم برقية من برلين تؤكد ان جوليا لاقت حتفها مع والدها في السقطة.الفيلم في الفصلين الأولين هو مجرد هراء بائخ، وفي فصله الثالث والأخير يهبط إلى مستوى الوقاحة بمفاجآت رخيصة وسوقية وغير مدهشة جداً في الحبكة.ويغمز «الرحلة» بقوة، مرة أو مرتين من قناة أمن الطائرات في عالم ما بعد 11 أيلول. إلا انه يتحول إلى البذاءة بل وحتى المهزلة، في تصويره ريبة الغربيين تجاه العرب.