إهداء.. إلى صديقتي الغالية.. بعد أن انتقلت إلى كلية أخرى.. بعد أن عشنا معها ثلاث سنوات من الحب والوفاء.. أخبرتنا عن رحيلها بورقة بيضاء تركتها في أدراجنا ورحلت دون وداع!.. وجلستُ في درب مليء.. بالحيارى السادرين وبدأتُ أقرأُ ورقة.. بيضاء.. يملؤها الحنين.. وبدأتُ أشعر بالتياع.. والدمعُ في عيني.. سخين.. والكونُ كلُّ الكون في عيني.. غدا أفقا.. يضيق بهؤلاء العابرين.. وبدت لي الدنيا.. كبحر.. ضاق ذرعاً.. بالزوارق.. والنوارس.. والهدوء المستكين.. وأخذتُ أنظرُ في الطريق وكاد يغلبني البكاء.. كنا هنا بالأمس.. والمزحُ والضحكاتُ تملأك شروقاً وغرب الآن أمضي دونك فوق أمواج الحياة.. لا أعرف المرسى وتاهت كل أطواق النجاة الآن.. طيفك في الوجوه.. أراهُ حياً.. لا يغيب لكنني.. ما كنتُ أحسب أنني يوماً.. سأرجع قبل منتصف الطريق ما كنت أحسب أن ذكراك سأحملها كطفل مات في عمق الحريق وعقارب الساعات تصمت والدربُ.. أظلم لن يفيق.. من يا تُرى سيضيء دربَ الحائرين فالدرب أقسم أن يُخاصم كلَّ شيء.. والشمس قالت في شحوب: لن تروا ظلاً وفيّ.. ما حيلتي!! غيرا الجلوس.. كان الحب يملأنا صفاءً ونقاءً.. ضحك.. ومزح.. وادعاء.. ومواقف خجلى.. يبعثرها الحياء.. نمشي سوياً في الدروب.. والحب يجمع بيننا.. يعطي القلوبَ صفاءها يمحو بها معنى الجفاء.. والآن أبحث عنك في كلِّ الوجوه.. وكأنني طفل يصيح!.. وكأنني طير.. بلا عش.. وعاش ليصلبوه.. ووقفت أنظر في الطريق.. وكاد يغلبني البكاء أترى أراك الآن حولي تلعبين وتضحكين! أترى أراك الآن حولي.. تبسمين وتركضين!.. أترى أراك الآن حولي.. في طريق الحائرين!! كنت هنا بالأمس.. سكناك بأعماق القلوب.. والطهر ينبض في الفؤاد.. وكاد من فرط يذوب.. مع الحيارى البائسين.. فلعل ذاك الدرب يشرق.. في دروب العابرين..