(1) الموت إنه الموت مختبئ خلف باب القصيدة رتب هيأته وتبسم منتظراً للدخول. إنه الموت مختبئ خلف نافذتي يتخفى ويمسح لحيته القاحلة ليس بيني وبين أصابعه غير لوح الزجاج الحنون إنه الموت متكئ قاب قوسين قوس لنا وعلينا وقوس لما سيكون إنه الموت فاجأني في كلامي ولا مسني من ذراعي وألقى بذاكرتي في رياح الجنون. فتح القلب نافذة في فضاء التأمل مرتكباً خائفاً وتمنى قليلاً من الوقت حتى يفتش عن أي شيء يقول: أيها الموت إني عرفتك من قبل هيا تقدم لست سوى لحظة في الذهول) ٭ ٭ ٭ ٭ ٭ لا يغفو هذا النص في ردهة الذاكرة إلا كي نتذكره قبل أن نموت.. أو حين نحيا بعده..!: الخروج من البيت دخول في الشارع...! تماماً كما أن الموت ولادة تاريخ لا يعتني به كل من يموت قبله..! علينا نسيان قصائد الرثاء عندما نموت.. حتى حينما يتباكى الشعراء من الفقر، وتترنح الظلال من دوخة الرقص، ودُوار التذكّر..! الموت ذاكرة للنسيان.. شيخُ تلفع بالسواد متجها للزوال.. حين يبشر بالعودة إلى الطين... الموت ساعة صغيرة على معصم فتاة مشلول...! عمود رخاميُ في ميدان المزدحمين.. علّقت عليه ساعة ضخمة لا تتكرر.. أجراسها..! ثقبُ في طبقة الشجون ينفذ عبره بخار المواقف والتواريخ والأحداث.. فلا يتكثف السحاب، ولا تحمله الرياح بمشيئتها حتى وإن أذن لها الرشيد..! الموت عود كبريت هاجع لا يشتعل وحده.. إلا حينما يأكل الذئب من الأمم القاصية..! إنه لحظة أفول مذهولة.. ولفظة ذهول مأهولة بنوم القلوب واستراحة الدم من رحلات الفصول الأربعة! بكاء من بعدها عليهم حينما يشبهوننا آخر الطريق..! ليس بين الشاعر والشاعر إلا الموت.. وليس بين الموت والموت إلا ما يدركه الشاعر..! لهذا فقط مات طرفة بن العبد مبكّراً.. وعمّر لائمه طويلا.. ولهذا فقط كلما هيأنا للموت ذاكرة حيّة.. اعاد (موت) الشاعر لذاكرتنا الحياة..!