يحل بنا العيد وأمتنا الإسلامية والعربية تمر بأزمات قاسية ومستنقعات خطرة تكاد تقضم ما تبقى لنا من مشاعر حية انغرست في قلوبنا منذ الصغر، لقد خلف الربيع العربي بفيضانه الهادر الكثير من الآثار الكئيبة على الأفراد والجماعات تشريداً وقتلاً وضياعاً أسرياً وشتاتاً للكثير من العوائل لأن الطغاة استخدموا مطرقة الحديد والنار ضد أفراد وجماعات عزل من السلاح.. يمر بنا العيد ليصافح قلوباً مكلومة، ونفوساً حزينة، وأفئدةً دامية بجراح الأمة لا تكاد تشعر بالعيد، ولا تفرح بحلوله، ولا تلتفت لمباهجه؛ ذلك لأن العيد يمر بنا وسط أجواء ملبدة، وأعاصير مهلكة، ودبابات وآليات تدك المساكن بمن فيها، والأحياء بساكنيها فتجعلها رمادا وجثثا وضحايا وقد اختلطت الدماء وسط ذلك الرماد المحترق.. يمر بنا العيد وجسد الأمة يحترق من أطرافه إلى أطرافه، ففي سورية وبورما وفلسطين وفي الجسد العراقي حيث التدمير للمدن والمكتسبات كما في ليبيا ولبنان وأفغانستان، والآمال تتعلق بتضامن إسلامي عربي يوحد الكلمة ويلم شمل العرب والمسلمين وما عاصفة الحزم التي بادر بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله وأطال في عمره- إلا نموذج رائع لوحدة الصف واجتماع الكلمة. إننا نتطلع بحول الله وقوته إلى نصر مؤزر من رب رحيم عزيز حكيم ارتفعت إليه أكف الضراعة والابتهال في العشر الأواخر من رمضان وطوال الشهر المبارك أن يقيض الله النصر للأمة على أعدائها، وأن يخمد الفتن ما ظهر منها وما بطن. يمر بنا العيد بمباهجه وسروره فيفرح الكبار، ويغرد الصغار، ويشدو الصبية والفتيان، ويبذل فيه الباذلون من أموالهم صدقات يسعد بها المحتاجون فينتشر السرور، ويعلو صوت الفرح. يمر العيد بأجساد أنهكها المرض، وكبار يعيشون على أسرة العجزة، وأيتام غابت عنهم أعين البهجة، وعائلات فقدوا عزيزا عليهم داخل أروقة السجون أو اغتالتهم الحوادث المهلكة. إنهم جميعا بحاجة إلى نظرة التكافل التي تعودناها في مجتمعنا المتكافل بمؤسساته الخيرية الاجتماعية. أقول ذلك وأسأل الله الحي القيوم أن يعجل بنصره للأمة العربية والإسلامية وأن يشفي المرضى والمكلومين ويكتب السلامة للجميع.