عزيزتي «الرياض» تابعت بشكل جيد مانشرتم في عددكم رقم 13621 الصادر يوم الأحد 6/9/1426ه للرائي عبدالله الخضيري كذلك مانشرتموه في العدد رقم 13636 الصادر يوم الاثنين 21/9/1426ه للباحث الفلكي الأستاذ صالح الصعب واود في هذه الكلمات اليسيرة التعبير عن رأي حول هاتين الكتابتين مقدرا جهودكم في نشر ما يتعلق بهذا العلم «علم الفلك» الذي كان اسلافنا سادة فيه إلى أن تأخرت امتنا وتقاعست في جوانب عديدة تتعلق بحاضرها ومستقبلها فارتفع طائر الأمم الأخرى التي بنت حضارتها وطورتها ووصلت إلى ما وصلت إليه من رقي علم الكونيات على أنقاضنا وتاريخنا وحضارتنا. لقد كنت قريبا من الطرفين ومازلت على اتصال معهما اعني الأستاذ عبدالله بن محمد الخضيري ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ممثلة بمساعد المشرف على معهد بحوث الفلك والجيو فيزياء ورئيس قسم الفلك السابق الأستاذ صالح محمد الصعب وخلفه الدكتور زكي بن عبدالرحمن المصطفى وكنت اسعد بالحوار معهم كثيرا كما أنه تم التواصل واللقاء معهم عبر البرامج المشتركة بين إدارة التربية والتعليم بمحافظة عنيزة وبين مدينة الملك عبدالعزيز لذا يشرفني ويسعدني أن أكون أحد تلاميذهم الصغار في مجال علم الفلك، وعلى أي حال فسأذكر رؤاي حول كتابة الخضيري ورد الصعب عليه في جريدة «الرياض» سائلا المولى التوفيق والسداد. لقد أعجبت كثيرا بالكتابتين ووجدت فيهما جوانب مشرقة أحببت أن أبينها للقارئ المتابع لهذا اللون من الكتابة فأقول: أولا: قد كنت اسمع كثيرا عن فريقين في علم الفلك احدهما يسمى الهواة والآخر المحترفون أما الآن فانا اراهما في بلادنا رأي العين فالرائي الأستاذ عبدالله الخضيري يمثل واحدا من الهواة الذين انتشروا في بلادنا الكريمة فالهاوي: هو ذلك المحب المتابع عن طريق الرصد الدائم للظواهر والأجرام الفلكية سواء عن طريق تلسكوبات صناعية أو طبيعية «تبارك الله» فالفكرة في التلسكوبين تكمن في العدسة ومدى قدرتها ودقتها على التفريق بين النقاط الموجودة في المسافات البعيدة «Resolution Power» وهنا إشارة وهي أن ثناءنا على العدسات الصناعية هو ضمنا ثناء على صانعها وله ذلك بينما ثناؤنا على التلسكوبات الطبيعية هو ثناء ضمني على خالقها «الله جل جلاله» فلا يستطيع احد أن ينكر اويشك بوجود أعين وإن ندرت ترى مالا تراه العدسات البصرية في المناظير الفلكية الحديثة أو القادمة ومن ينكر فعليه بالدليل الكوني أو الشرعي الواضح والشئ يذكر فقد سألني الخضيري مرة عن جرم فلكي في الجنوب الشرقي يراه مع بداية ظهور النور صباحا ووصف لي مايراه فقلت له اسأل لك الدكتور زكي المصطفى عن ماهية هذا الجرم وبعد الاتصال قال لي الدكتور ابحث واخبرك وبعد فترة اخبرني بأنه مذنب بعيد وأنه يعتذر على التلسكوبات رؤيته فكيف رآه الخضيري وعندما اتصلت على الخضيري سألته قلت له هذا مذنب لكن كيف تراه قال أراه بوضوح أنا وزميلي إذا خرجنا من صلاةالفجر قلت سبحان الله هنيئا لك ابا فهد هذه النعمة. وحددت له مرة كوكب زحل وقلت له ماذا ترى فأخبرني انه يرى حلقات حول الكوكب كما انه رأى البقعة الحمراء في كوكب المشترى وله برامج مع طلابه لتدريبهم على رؤية النجوم والكواكب اللامعة كالزهرة والمشترى ونجم الشعري اليماني علما انه في بعض الأحيان لا يعرف أسماءها وليس عنده برامج فلكية لتحديد مواقعها والكلام حول هذا يطول. أما المحترف فيمثله جملة كريمة من المتخصصين في علم الفلك من الأكاديميين في الجامعات أو المؤسسات الحكومية والاهلية التي تهتم بالدراسة والبحث في هذا المجال كمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ممثلة بمعهد علوم الفلك والجيوفيزياء وكذلك القبة الفلكية في مركز الملك فهد الثقافي او غيرها من المراكز العلمية والهيئات التي بدأ ظهورها في بلادنا الحبيبة والتي تحاول استقطاب العلماء والباحثين لتغذية حقيبة البحث العلمي ولتقديم المزيد من العناية حول مسائل هذا العلم القدير ولتوظيف معطياته في خدمة ديننا الذي يقوم على الفهم الصحيح في استنباط الأحكام من نصوصها الشرعية وأصولها المعتبرة ولتوعية الناس بمكانة هذا العلم السابقة في الأمة ومدى اهميتة في تيسير وصول الناس الى حاجاتهم المتعلقة بشعائرهم الدينية او مصالحهم الدنيوية كتحديد أوقات الصلاة ودخول الأشهر القمرية وغيرها ويجب أن نعلم استطرادا انه كما ان الحساب مسالة فلكية فكذلك الرؤية مسألة فلكية ولذلك صدرت الفتوى الكريمة من لجنة هيئة كبار العلماء في عام م1403ه باعتبار الرؤية شرعا عن طريق المنظار الفلكي وقبولها في ثبوت رؤية الهلال. ثانيا: لمست من قراءتي لمقال الخضيري انه يريد أن يوصل فكرة جديرة بالاهتمام والرعاية وهي ان استعمال بعض الألفاظ مثل «حسابنا قطعي، لايمكن رؤية، يستحيل رؤية...» في إقرار الحكم في مسألة رؤية الهلال أوائل الشهور القمرية. يقول إن هذه الألفاظ وأمثالها قد أدى سوء استخدامها إلى تأخرنا في البحث العلمي وعدم الوصول إلى معلومات أكثر دقة خصوصا مع تضافر الشهادات وتكاثرها في هذا الزمن التي خالفت المعايير العلمية المتفق عليها علميا منذ زمن بعيد وهذه الفكرة فهمتها منه من خلال كتابته التي جوهرها هذه القضية وحواراته التي يسهب فيها معي حول هذه القضية بل ورصده الطويل الذي يستغرق من عمره وقتا طويلاً من اجل الوصول الى معلومات توضح هذه الفكرة وتقنع فئة من الناس تبنت فكرة ما يسمى «الدوجما طيقية» والتي تعني: الاعتقاد الجازم واليقين المطلق دون الاستناد إلى براهين يقينية وإنكار الآخر ورفضه باعتباره على باطل مطلق. وذلك مثلا في مسألة معيار السبع أو ثمان درجات التي يستحيل عند العقلية الدوجماطيقية رؤية الهلال إذا كان تحتها وكذلك ماهو أكبر من ذلك وهو قطعية نتائح الحساب الفكلي ودقتها والأخذ بها بلا جدال فهو يرى أن النتائج فهم بشري قد يختلف عليها اثنان وأن نتائج الحساب تعتمد على معطياته فإذا اختلفت المعطيات اختلفت التنائج ولا أدل على المثال الأول من قيام الباحث القدير الدكتور زكي بن عبدالرحمن المصطفى ومن معه وبجرأة رائعة على إضافة معيار الأربع درجات ونصف لرؤية الهلال وهو في اعتقادي انه في طريقه ايضا لتسجيل معيار الدرجة والنصف عالميا حيث رأي الهلال بنفسه بالمنظار الفكلي ورآه من معه من الرؤاه بالعين المجردة كما رآه الخضيري في ذلك اليوم، إن هذا لم يكن ليحدث لو لا وجود الديناميكية العقلية غير المتعصبة عند هذا الفريق العملي الباحث عن المعلومة الصحيحة والذي اتصف بعدم الجمود عند مستوى علمي واحد ورأى التعصب لمعيار السبع درجات والوقوف عنده ورفض الشهادات المتضافرة التي تسجل معايير اقل ليس له مايبرره كونا ولا شرعا فلك منا ايها العقل المبدع التقدير. ارجع الى «الخضيري» وأقول هنيئا لك أيها المبدع الهاوي هذا الفهم ولا يضرك انك لست متخصصا في علم الفلك فهذا لا يمنعك من التحدث فيه ولو كان هذا المنهج صحيحا لمزقنا قصيدة القاضي وقصيدة الخلاوي وتقويم البسام والعيوني وغيرهم من الأوائل والمتأخرين المنتشرين في كافة الأقاليم الذين أبدعوا حينما تحدثوا في الفلك الجغرافي الشعبي حيث حددوا الفصول وارتباطها بمطالع النجوم وبنو التقاويم الحسابية التقليدية التي خدمت الناس في مصالحهم في فترة من الفترات علما أنهم لم يحصلوا على شهادات أكاديمية ولم تخلو كتاباتهم من عدم الدقة فلماذا يطلب منع الخضيري من الكتابة في الوقت الذي يكرم فيه هيا كوتاكي وهيل وبوب وادموند هالي وغيرهم في العالم الغربي والياباني وغيرهم فقط لأنهم رأوا مذنبات فسميت بأسمائهم لتخليد ذكراهم وحفر أسمائهم في سجلات العلم الحديث. حقيقة أرى أن الخضيري يملك مهارة الرصد الجيد ومهارةالاستنتاج الكبيرة التي يلمسها القارئ من خلال حساباته البدائية وهو يعترف ان طريقته بدائية لكن نتائجها دقيقة كما يقول، لذلك أتساءل وبحرارة أين المؤسسات الرعوية في بلادنا لاحتضان مثل هذه المواهب ورعايتها وتأهيلها والرفع من مهاراتها لتكون وجها مشرقاً للأمة أنا ادعو مثل مدينة الملك عبدالعزيز وكذلك مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين والإدارة العامة لرعاية الموهوبين في وزارة التربية والتعليم للمبادرة في طرح البرامج الموجهة لاستقطاب المبدعين في كافة المجالات ومختلف الأعمار ورعايتهم وتقديم التسهيلات لهم في تطوير مهاراتهم الإبداعية ليكون المبدع في بلادنا لبنة من ذهب تسهم في البناء والتطوير وخبيرا مدربا واثقا من اقواله ونتائج ملاحظاته واشير الى أن فكرة الخضيري حول «انه لابد من مزيد البحث والاستمرار وقبول رأي الطرف الآخر ودراسته والبعد عن التعصب للرأي العلمي». ان هذه الفكرة ليست وليدة اليوم أو بخار بئر واحد بل تحدث فيها الكثير من العلماء في العلوم العلمية والنظرية واليك شاهد واحد حتى لا أطيل: كتب رودلف كارناب وهو أحد كبار فلاسفة العلم في كتابه «الأسس الفلسفية للفيزياء» «ولا يعني هذا أن قوانين الفيزياء المسلم بها لا يمكن أن تتغير، وأن مبدأ عدم اليقين لهيزنبرج لا يمكن التخلي عنه أبدا، ولكن مع ذلك فإنني اعتقد أنه من المناسب أن أؤكد على أنه سوف يحدث تغيير ثوري في البنية الأساسية لفيزياء اليوم» كما أقتنع اينشتين من قبل» أن هذه الصورة لميكانيكا الكم الحديثة أمر مشكوك فيه وربما يتخلى عنها في يوم ما هناك إمكانية لذلك» رعاك الله يا ابا فهد أنت ومن على شاكلتك من الأمناء الذين وهبهم الله نعمة البصر الحاد فلك وأمثالك مكانة في قلوب المسلمين لخدمتكم أمتكم عن طرق تحري الأهلة ولمشاغبتكم الدائمة في الحساب والمعايير لتحريك العقول وزيادة البحث. وأشير إلى أن هذه القدرات حقيقة وليست ضربا من الخيال ولا يوجد كما أسلفت سبب كوني ولا شرعي فيما اعلم لنفي قدرة العين البشرية على رؤية الهلال في الوقت الذي لا يرى المنظار فيه هذا الحجم الظاهري من الهلال وفي تلك الظروف كما لا يمنع ان يكون هناك مناظير فلكية عولجت عدساتها لترى الهلال في تلك الظروف وفي كل خير، ولا شك ان كثرة الشهود وتنوعها سواء عدسات طبيعية او صناعة سبب في زيادة دقة الشهادة وصحتها. ثالثاً: أشكر كثيرا كلاً من العلماء والباحثين في مدينة الملك عبدالعزيز الذين لا تنكر جهودهم في المشاريع العلمية التي خدمت أمة الإسلام فمنذ أكثر من عقدين من الزمان لا يخفى على المسلمين أنه لولا وجود تقويم أم القرى الذي وحد الناس على آذان واحد وتاريخ واحد لربما اختلف الناس في مصالحهم ومعايشتهم وكلنا يعلم أن لمدينة الملك عبدالعزيز دوراً كبيراً في إعداد تقويم أم القرى كما يسرنا كثيراً ما نسمعه عن وجود دراسات جادة بين الفينة والأخرى لتطوير هذا التقويم ليتمشى بدرجة كبيرة جداً مع الضوابط الشرعية الدقيقة في الحسابات المتعلقة بالمناسبات الشرعية كأوقات الصلاة ودخول الأشهر واعلم ايضا ان هناك برامج يقوم بها القسم كالمؤتمرات والملتقيات الفلكية وكذلك المحاضرات والدورات والمطبوعات العملية ومحاولة الترجمة لبعض البرامج الفلكية الحاسوبية النافعة والتي يستفيد منها جملة من الهواة وكذلك التواصل الكبير مع المؤسسات الحكومية والأهلية والذي احد شواهده إعارة تلسكوب قطرة 14 بوصة لإدارةالتربية والتعليم بمحافظة عنيزة مم كان له اثربالغ في السعي حثيثا لإنشاء وحدة فلك مستقلةبتكلفة «2000000ريال» ضمن مشروع مركز محمد الحمد الشبيلي العلمي في المحافظة ولهذه الجهود القديمة والحديثة دور بالغ في حرصنا على إبراز المكانة الكبيرة لهذه المؤسسة العملية العملاقة التي لابد ان تتحرك بخطى حثيثة في كل مايخدم المجال العلمي وتمسك بزمام المبادرة لتقبل الملاحظات والاقتراحات العلمية بغض النظر عن مستوى صاحبها العلمي من اجل دراستها وتقديم النتائج حولها كما انه لابد من الاعتزاز بوجود مثل هذه المؤسسة العلمية في بلادنا الغالية وعدم تجاوزها إلى غيرها في اخذ المشورة والرأي وتسجيل الملاحظات العلمية فهي ولا شك في ذلك مرجع علمي متخصص يحصل الاطمئنان مع قراءة آرائها وبحوثنا وان كانت ليست نصوصا منزلة إلا أن الدرجات العلمية التخصصية تجعل لأرائها وأبحاثها وزنا لابد أن يقدر ويحترم ويوضع في مكانته التي يستحقها. ولا يلام أخي الكريم «الاستاذ الصعب» بدفاعه عن المدينة ورجال قسم الفلك فيها لما يراه ويقوم به هو وزملاؤه الكرام من جهود في خدمة العلم وابحاثه فهنيئا لك أيها المخضرم عمرك المديد في عملك والحمد لله الذي اعادك الى قسمك لتواصل العمل. كل الدعاء الخالص والتقدير الكبير على الجهود المبذولة، واقترح بهذه المناسبة استقطاب العلماء المهتمين في مجال الاعجاز العلمي في القرآن والسنة في العلوم الفلكية فكم لهذا العلم من خدمات جليلة في توضيح معاني كتاب الله وسنة رسوله باستخدام الآلة الحديثة في هذا العلم الرائع فالميكانيكا السماوية مثلا علم يمكن ان يوظف ويربط بالنصوص الكريمة ونتج عنه كم هائل من المعاني القيمة في توضيح كلام الله وسنة نبيه محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. رابعاً: لايهمنا أبداً ما يصدر من كتابة حول مواقف شخصية او رؤى خلافية لا تهم القارئ الكريم لأن ذلك نوع من الجدال الذي لا خير فيه ويجب الترفع عنه كما انه ليس كل ما يعلم ينشر في الصحف والقنوات فالمتلقى يتفاوت في درجة فهمه وتأويله لما يسمع أو يقرأ ومن ثم قد يحكم على ما يفهمه وهو وقد يصيب أو يخطىء وهنا يطول الجدال ويضيع الوقت ونحن اكبر من ذلك لذا آمل ان ينشر ما يخدم القارئ الكريم ويستفيد منه وما يصحح الأخطاء بالطريقة العلمية حتى تعم الفائدة وينتشر الوعي الصحيح واشير إلى ان الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس ونحن مطمئنون إلى صحة صيامنا وفطرنا مهما اختلف الرآة والحاسبون وهذا من يسر ديننا ولله الحمد شاكراً للجميع كتاباتهم وجهودهم في البيان والتوضيح والله من وراء القصد.