يعتبر عدد من المحللين ان الرئيس الاميركي جورح بوش أعطى نفسه باسم مكافحة «الطغيان» حرية تحرك كاملة على الساحة الدولية لتحقيق هدفه المعلن بحماية الولاياتالمتحدة، سواء كان عبر الطرق الدبلوماسية المعهودة او عبر «قلب انظمة» الدول التي يعتبرها معادية. ويبدو ان الرئيس بوش الذي لم يتلفظ ولا مرة بكلمتي «العراق» و«الارهاب» في خطاب تنصيبه لولاية ثانية اراد وضع كل المواضيع المثيرة للجدل التي اثيرت خلال ولايته الاولى تحت شعار واسع اكثر توافقا هو المعركة من اجل الحرية. وقد استخدم الكلمة الاخيرة في خطابه 41 مرة. ويقول المحلل ألان ليتشمان من الجامعة الاميركية في واشنطن «لقد وقع لنفسه شيكا على بياض سيستطيع بواسطته انتهاج اي سياسة تحت اسم الحرية والديموقراطية، سواء كان عبر الدبلوماسية او طريق القوة. ان الخيارات التي يريد وضعها في الاطار الذي حدده تبقى واسعة جدا». ويرى الخبراء ان بوش من خلال الخطاب الذي القاه ينوي انتهاج سياسة متشددة ازاء الانظمة التي يعتبرها معادية. ويقول جوزف سيرينسيوني المتخصص في شؤون نزع السلاح في مؤسسة كارنيجي ان الرئيس الاميركي «ينوي انتهاج سياسة توسع عسكري وقلب انظمة على ان يغطيها بقشرة رقيقة تحمل شعار محاربة الطغيان» داعيا الى «التعاطي بجدية مع الشائعات حول القيام بعمل عسكري محتمل ضد ايران». وكان نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني اعتبر الخميس ان ايران «على رأس قائمة» مناطق الاضطراب في العالم، معربا عن خشيته من ان توجه اسرائيل ضربة الى ايران وتقرر القيام بالخطوة الاولى وتترك للعالم مهمة القلق بشان التخلص من الفوضى الدبلوماسية التي ستنجم عن ذلك. الا ان اصواتاً اخرى ترى في خطاب بوش رغبة في التشديد على قيم تلقى إجماعا لدى الاميركيين مثل الحرية والديموقراطية لتبرير ما قام به خلال ولايته الاولى، خصوصا انه يبدأ ولايته الثانية بشعبية ضعيفة بلغت 49 بالمئة حسب استطلاع لنيويورك تايمز ووسط تصاعد اعمال العنف في العراق وتزايد عدد القتلى الاميركيين. وقال ميشال اوهانلون الخبير في السياسة الخارجية في مؤسسة بروكينغز «انا لا اعتقد بانه متشدد وعدائي بقدر ما يصفه البعض». واضاف «اعتقد ان بوش اراد فقط أن يقول إنه يجب عدم توقع أن يقدم اعتذارته لما قام به خلال ولايته الاولى، وبانه لا يزال يعتقد ان قيم الحرية والديموقراطية هي قيم تستحق العمل من اجلها. وانا لا اعتقد ان هذا يعني اللجوء اكثر فاكثر الى القوة العسكرية بشكل متفرد». واذا كان بوش لم يحدد في خطابه الانظمة التي يعتبرها طاغية فان وزيرة خارجيته المعينة كوندوليزا رايس حددتها الثلاثاء امام الكونغرس وهي كوبا وبورما وايران وكوريا الشمالية وزيمبابوي وبيلاروسيا. ويتوقع البعض ان يواصل بوش انتهاج السياسة التقليدية الاميركية، اي التعاطي بفظاظة مع الاخصام المعلنين للولايات المتحدة والتعامي عن الدول الصديقة. وقال المحلل سيرينسيوني «ان هذه المعارضة للطغيان جد منتقاة». وسيكون على بوش قريبا ان يحدد خياراته الدولية خلال مناسبتين مهمتين : الاولى لدى القائه خطابه التقليدي الذي يعرض فيه برنامجه السنوي عن حال الامة في الثاني من شباط «فبراير» القادم، وجولته الاوروبية المقررة في نهاية الشهر نفسه.