يواجه قطاع المقاولات في المملكة تحديات كبير وعميقة، تهدد مسيرته، وتنذر مشروعاته بالتوقف وربما بالتعثر، ما دعا بعض المختصين والمتابعين إلى حل مشكلات القطاع في أسرع وقت، حتى يقوم بما هو مطلوب منه في سوق الإنشاءات التي تدخل في مجالات عدة، مثل الإسكان ومشروعات الطاقة والكهرباء والطرق والصناعات والمياه والصرف الصحي وغيرها. ويعد قطاع المقاولات من أكبر القطاعات في المملكة، إذ يمثل ما نسبته 12 في المئة من حجم بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى، وقد تجاوز حجم مشاركته في الناتج المحلي 10 بالمئة، ويعتمد هذا القطاع -في الأغلب- على المشروعات الحكومية التي تطرحها كل عام مع إعلان الموازنة العامة للدولة؛ لتحسين البنية التحتية وتطوير المرافق. ويبذل أرباب القطاع جهوداً كبيرة من أجل تسيير مشروعاتهم والالتزام بالمواعيد المتفق عليها، بيد أن التحديات -بحسب مقاولين- أكبر من قدرة تحملهم، حيث يواجه القطاع إشكاليات عدة، مثل التأقلم مع قرارات وزارة العمل، القاضية بتحقيق نسبة السعودة في القطاع الخاص، ولعل كان آخرها قرار رفع رسوم العمالة الأجنبية إلى 2400 ريال لجميع الشركات التي تقل فيها نسبة السعودة عن 50 بالمئة. وفيما تتجه وزارة العمل لتعويض بعض شركات المقاولات المتضررة من القرار، يترقب البعض الآخر قيام الوزارة بتعويضها عن القرار ذاته، مؤكدة أن الأضرار التي لحقت بها، تهدد مسيرة مشروعاتها بالتوقف الجبري. وكانت وزارة العمل قد أعلنت في وقت سابق أنها ستعوض شركات المقاولات التي تنفذ مشروعات حكومية استلمتها قبل 1 محرم، لعام 1434ه، الأمر الذي أزعج بقية الشركات التي لا تعمل مع الدولة، إذ رأت أن استثناءها من آلية التعويض، فيه ظلم لها، مطالبين بإعادة النظر في آلية التعويض. وتبذل اللجنة المشتركة بين وزارة العمل واللجنة الوطنية للمقاولين في مجلس الغرف السعودية جهوداً للوصول إلى آلية محددة يتم بها تعويض شركات المقاولات، ويعقد الجانبان بشكل مستمر اجتماعات عدة لمناقشة معايير استحقاق وآلية تطبيق تعويض المقاولين عن قرار ال2400 ريال، وسير عملية التعويض، بالإضافة إلى نسب التوطين عبر منصة المشروعات الحكومية وآلية إصدار التأشيرات للمقاول بما يبقيه في النطاقات الآمنة، واتفق الجانبان على تزويد اللجنة الوطنية للمقاولين بشروط الاستحقاق لصرف التعويض للمقاولين، ليتم تعميمها على عموم الغرف التجارية، كما تمت الموافقة على تنظيم ورشة عمل توعوية للمقاولين حول إجراءات التعويض، ومناقشة الملاحظات والمقترحات بمشاركة المسؤولين بالموارد البشرية لتلك المنشآت. ترسية المشروعات وبجنب قرار ال2400، هناك عدة مشكلات وتحديات يواجهها قطاع المقاولات، أبرزها وجود خلل في عقود المشروعات الحكومية، كنظام المشتريات الحكومية الذي يعمد إلى ترسية المشروعات على "أقل الأسعار" وليس الأنسب، وهو ما أقرته جهات رسمية كمجلس الشورى الذي اعترف بوجود الخلل وحاجته للمعالجة، كما يعاني القطاع غياب التنظيم ووجود مظلة رسمية له، نتيجة عدم وجود جهة تشرف عليه، كما يلقي نظام صرف المستخلصات للمقاول وبعض الأنظمة الأخرى الخاصة بسوق العمل بظلالها سلباً على القطاع، حيث يرى المقاولون أن هذه الأشياء لا تراعي خصوصية القطاع وتعمل على زيادة الضغط عليهم، مما تسبب في خروج كثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة من السوق، إضافة إلى غياب الادارة الفاعلة للمشروعات التي تنظر للمشروع كمشروع، ينبغي التكاتف والتعاون من أجل نجاحه، وتذليل كل ما يواجهه من صعوبات، يضاف إلى ذلك، ضعف الكادر الهندسي الموجود، وندرة مصادر التمويل، وبيروقراطية القطاع الحكومي في صرف المستحقات المالية للمقاول، وندرة العمالة الماهرة، وارتفاع رواتبها، وعدم تفعيل العقد الموحد للمقاولين الذي يطلق عليه "فيدك". حلول القطاع ويرى المختصون أن قطاع المقاولات غير منظّم، ولا يعمل في بيئة صحية، مما أفقده الكثير من المميزات التي كانت من الممكن أن تساعده على أداء الدور الكبير جداً في المجتمع وفي الاقتصاد، مشيرين إلى أن الكثير من المقاولين ومعهم المختصون والمتابعون، طالبوا في وقت سابق بتنظيم القطاع وترتيب أوراقه، باعتباره الذراع التنفيذي لقطاع التطوير العقاري، إلا أن هذه المطالب لم تحظ بالقبول والتجاوب المطلوب من الجهات الحكومية، متفقين على أن حلول القطاع تأتي من المسؤولين التنفيذيين في الدولة، وقالوا إن هناك العديد من القرارات التي تصب في صالح قطاع المقاولات، ولكن لا يتم تنفيذها على أرض الواقع.