انتقدت مجموعة من الشخصيات السياسية والتاريخية الجزائرية الكبيرة، أمس، الأسلوب الذي يتم به التحضير لمعاهدة الصداقة بين الجزائروفرنسا التي من المزمع التوقيع عليها نهاية العام الجاري، وقالت في بيان، تلقت «الرياض» نسخة منه، إنّ الرئيسين عبد العزيز بوتفليقة وجاك شيراك،: «لم يوفرا الشروط المبدئية والموضوعية لبناء مسار تقاربي بين البلدين، على نحو يكفل له النجاح والاستمرارية، ويسمح بالارتقاء لاحقا من معاهدة صداقة بين الدولتين إلى ميثاق مودّة بين الشعبين» . وركّز البيان، على ضرورة تقديم فرنسا اعتذارا رسميا وصريحا بالمسؤولية التاريخية والسياسية والقانونية والأخلاقية عن جرائم التعذيب الفظيعة المرتكبة من قبل الاحتلال الفرنسي وجنرالاته في حق الأبرياء والشرفاء ممن هبوا للدفاع عن وطنهم المحتل، وتعتقد هذه الشخصيات أن هذا الاعتذار لا يشكل سوى الحد الأدنى الضروري الذي يستحيل دونه التفكير في معاهدة صداقة بين الجزائر والمستعمر القديم. وقال محمد العربي الزبيري ولخضر بورقعة، ونجل الشهيد مصطفى بن بولعيد، وهي شخصيات ثورية معروفة في الجزائر، إنّ :« مرور أربعة عقود على تاريخ انهيار المنظومة الاستعمارية واستعادة الجزائر لسيادتها واستقلالها، يمثّل فترة زمنية كافية لإعادة فتح صفحات الحقبة الاستعمارية كما هي بلا تزوير أو تدليس »، مشددّين على أنّ الجسور لن تمدّ بين البلدين بالقفز على ذاكرة الشعب الجزائري وحقوقه التاريخية المشروعة . وأوعزت الشخصيات ذاتها، أنّ البيان الصادر أمس، هو نداء أول ستتلوه إجراءات أخرى، كاشفين عن رغبتهم لتوسيع دائرتهم، عبر إشراك مجموعة من الأسماء الثقيلة على غرار الزعيم السابق لحزب جبهة التحرير الحاكم «عبد الحميد مهري» والرئيس الجزائري الأسبق «أحمد بن بلة»، والجنرال المخضرم «جوادي». من جهة أخرى، استغرب مراقبون، الصمت الذي التزمت به السلطات الجزائرية، حيال وصف وزير الداخلية الفرنسي «نيكولا ساركوزي» للمهاجرين الجزائريين ب «الحثالة»، وهو تصريح صبّ الزيت على النار، وزاد من شدّة الأحداث الدامية التي هزّت الضواحي الفرنسية خلال الأسبوع الأخير، والمثير أنّ الحكومة الجزائرية لم تبد أي انشغال على المستوى الرسمي بوضعية رعاياها، البالغ عددهم 2 مليون شخص بفرنسا، واستمر هذا التعاطي الباهت، على الرغم من تواجد وزير الخارجية الجزائري «محمد بجاوي» بباريس، ويبدو أنّ السلطات الجزائرية فضّلت الصمت عملا بمبدأ عدم التدخل في الشأن الفرنسي الداخلي، لكن فرنسا ذاتها لم تلتزم بالمبدأ إياه فيما مضى، سيما عند اندلاع أحداث الربيع الأسود بمنطقة القبائل البربرية للعام 2001، حيث ضاعف المسؤولون الفرنسيون من التصريحات المثيرة للجدل، شكلت تدخلا مباشرا في الشأن الجزائري، وأكثر من ذلك زار السفير الفرنسي المنطقة عدة مرات، وهو ما أثار امتعاض الرئيس بوتفليقة نفسه، ودفعه لانتقاد ذلك علنا خلال حملة الترويج لميثاق السلم والمصالحة قبل أكثر من شهر.