تمكن باحث سعودي في الأمراض الفيروسية من تطوير طريقة فحص فيروسية للكشف عن فيروسات مسببة للسرطان، بعد تجاوزه تحديات كبيرة ليوثق انجازه العلمي في مكتب حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع في مركز أبحاث السرطان بجامعة مانشستر. واستعرض الباحث د. بندر بن عبدالمحسن العصيمي أحد منسوبي كلية الطب في مدينة الملك فهد الطبية بالرياض، مسببات السرطان والتي من أبرزها التعرض للمواد الاشعاعية ودخول المواد الكيماوية للجسم والاختلالات الجينية والمناعية للخلايا. ووفقاً للعصيمي فإن الفيروسات تتسبب بنسبة 15- 20% من أمراض السرطان، وهي المتسبب الرئيس في سرطان الرحم والذي يشكل 10% من أمراض السرطان على مستوى العالم. لكن العصيمي قال ان السؤال المقلق هو هل يكفي التعرض لإحدى هذه المسبباب ليصاب الإنسان بالسرطان أم أن التعرض لعدة مسببات في ذات الوقت كفيلٌ بإحداث السرطان؟ وبدأت رحلة الدكتوراه للباحث بدراسة العلاقة بين سرطان الرحم وعائلة فيروسية تتشابه فيما بينها من الناحية الجينية، حيث ان كلاً منها يتسبب في إحداث أنواع مختلفة من أمراض السرطان. واستنادا إلى أطروحة الدكتوراه الخاصة بالباحث والتي تمت إجازتها فإن إيجاد طريقة للكشف عن هذه الفيروسات في العينات السرطانية كان تحدياً كبيراً بسبب التشابة الجيني الذي يصل إلى 70% من التطابق بينها وكأنها توائم لذات الأم. وكشف العصيمي ل "الرياض" أن هذه العقبة تحولت إلى تحدٍ كبير لدراسة التسلسل الجيني لهذه الفيروسات عن طريق البيولوجيا الهندسية باستخدام أدوات تحليل حاسوبية تقرأ الشفرات الوراثية تحديداً وتبين أماكن التطابق والاختلاف بينها، وتحولت هذه الفكرة البسيطة إلى طريقة فحص واعدة جداً، وأصبح ممكناً تطوير متسلسلة جينية توجد في جميع هذه الفيروسات بحيث يتم الكشف عنها مرة واحدة. وأضاف "بعد التصميم الحاسوبي بدأ العمل البحثي على أكثر من 300 عينة من عينات سرطان الرحم وكانت النتائج مفاجئة جداً بوجود هذه الفيروسات بنسبة 16% في عينات المرضى المصابين بالإيدز تحديداً بالإضافة للفيروس الرئيس المتسبب بسرطان الرحم (HPV)". واستطرد "كان هذا الاكتشاف مثيراً جداً وقمنا في مركز الأبحاث بنشر هذه النتائج في مجلة الفيروسات الطبية عام 2014، وفي ذات الورقة العلمية كشفنا النقاب عن تطوير طريقة الفحص الفيروسية التي لم نُسبق لها حيث تم تسجيلها لدى مكتب حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع التابع لجامعة مانشستر". وتلقى الباحث السعودي دعوة من منظمة الصحة العالمية (WHO) للمشاركة ضمن أكثر من 23 مركزا بحثيا لتقييم أفضل طريقة فحص متاحة للكشف عن هذه العائلة الفيروسية حيث سيتم اعتماد إحداها لدى جميع المستشفيات في العالم، موضحا "تلقينا مطلع هذا العام عينات منظمة الصحة العالمية وقمنا بعمل الفحوصات اللازمة وأرسلنا تقريراً كاملاً بالنتائج". في ذات السياق، لقي الإنجاز اهتماماً كبيراً من الأمير محمد بن نواف سفير خادم الحرمين الشريفين لدى بريطانيا ومن الملحق الثقافي الدكتور فيصل أبا الخيل، وحصل الباحث على مكافأة من الملحقية السعودية وتكريم للتميز الدراسي والبحثي في السفارة السعودية بلندن. وقال العصيمي: انّ الترجمة اللاتينية لاسم هذه العائلة هو (الفيروسات المسببة للسرطانات المتعددة POLYOMAVIRUS). وأضاف "على الرغم من أن خطورة الإصابة بهذه الفيروسات قد تصل إلى 80% إلا أن 9 فيروسات من 12 تعتبر حديثة الاكتشاف منذ عام 2008 وما زالت سمعتها تأخذ رواجاً كبيراً في عالم الفيروسات المسببة للسرطان". وتناول العصيمي في رسالته الهندسة الوراثية للجين الفيروسي المتسبب بالسرطان تبعهُ تخليقٌ للناقل الفيروسي الذي يحمل الجين المسرطن إلى الخلايا السليمة ليقوم بتحويلها إلى خلايا سرطانية والتي من خلالها يستطيع مخبرياً دراسة المتغيرات الحيوية التي تطرأ عليها بفعل السرطان ومحاكاة ذلك بما يحصل حقيقة في جسم الانسان.