اصبحت الرياضة السعودية بحاجة ملحة إلى تجديد الرؤى والتوجهات، لما تمثله من أهمية كأحد المتطلبات الأساسية للمرحلة الحالية التي تعيش فيها الرياضة العالمية نقلة نوعية واضحة، وهو ما يعني ضرورة معايشة التطور وانتهاج الأساليب الحديثة في وضع البرامج والخطط الاستراتيجية ومتابعة تنفيذها لضمان التطور السريع لمستويات الإنجاز الرياضي. وتماشياً مع هذا النهج، فلا بد من اعداد استراتيجية لتطوير الرياضة السعودية من منطلق تطوير وتوسيع دائرة الإنجاز الرياضي إضافة إلى الاهتمام الذي توليه تلك الاستراتيجية للتنمية البشرية في المجال الرياضي بجوانبها المختلفة على اعتبار أن الانسان هو الهدف الأسمى للتنمية ووسيلتها الفاعلة. وتعتمد استراتيجية التطوير على رؤية واضحة وإطار عمل منظم لتحقيق الأهداف، والوصول إلى أعلى مستويات الإنجاز، تقوم على سبع ركائز أساسية تتضمن عددا من البرامج والمشروعات التي يمكن للجهات الحكومية والأهلية أن تبادر إلى تنفيذها لتحقيق الأهداف. وتتمثل أولى ركائز الاستراتيجية في إدارة الرياضة والنظام الأساسي من خلال تحليل واقع الإدارة الرياضية على المستوى الوطني والتشريعات المرتبطة بها كمعيار أساسي لبناء مخططات التطوير، إضافة إلى أساليب تنمية الموارد البشرية العاملة في المجال الرياضي وتفعيل نظم المعلومات. وتلعب المشاركة الرياضية دوراً أساسياً كأحد ركائز الاستراتيجية المهمة لتطوير الرياضة السعودية، وذلك من خلال توسيع قاعدة الممارسة وزيادة عدد الممارسين للرياضية على المستوى الوطني، وأهمية ما تسفر عنه من توجهات إيجابية نحو الرياضة وتنوع مشاركة الفئات العُمرية المختلفة، وطرائق آفاق جديدة للارتقاء بالرياضة في التعليم، التي تضم قطاعاً عريضاً من المجتمع السعودي يشمل طلبة المدارس والجامعات، ويناط به تطوير الإنجاز الرياضي على المستوى الوطني داخلياً وخارجياً. كما لا يمكننا في هذا الصدد إغفال المردود الإيجابي لتطوير المشاركة الرياضية على تدعيم القيم الاجتماعية وتشكيل النمط الحياتي الصحي لقطاع عريض من المجتمع، ألاّ وهو قطاع الشباب. وتؤكد الاستراتيجية رياضة النخبة بما تتضمنه من إجراءات الكشف عن المواهب واختيار برامج صقلها وتأهيلها، والتوسع في إنشاء مراكز رعاية الناشئين في الرياضات المختلفة وتأكيد آلية التوجيه الرياضي وفقاً للمتطلبات وخصائص تلك الأنشطة، كما تهتم رياضة النخبة بتدريب الرياضيين على الاحتراف كأسلوب حياة رياضي بما يمثله من أهمية كإحدى دعائم تطوير الإنجاز الرياضي. وهناك ضرورة للتدريب والتطوير باعتباره إحدى ركائز الاستراتيجية المعنِيّ بخطط الإعداد وبرامج الاشراف الرياضي، إضافة إلى تأسيس معايير وطنية لاعتماد المدربين والأطقم التدريبية للعمل في مجال التدريب الرياضي، واعتماد التطوير المهني المستمر للكوادر البشرية في الحقل الرياضي مُواكبةً لبرامج التدريب والتطوير في الدول المتقدمة رياضياً. وصناعة الرياضة تعتمد على التمويل كآلية للتطوير ما تؤكد عليه الاستراتيجية كإحدى الركائز المهمة، من خلال تحسين برامج التمويل الحكومي للرياضة، واستحداث أساليب مبتكرة للخصخصة والاستثمار الرياضي لتفعيل أدوار القطاع الخاص ؛ الأمر الذي ينحو بالرياضة السعودية كأحد مجالات الأعمال الجاذبة والواعدة. كما ان المنشآت الرياضية لها أهمية كأحد ركائز تطوير الإنجاز الرياضي بالمملكة، وذلك من خلال زيادة عددها وتحسين آليات استخدامها وفقاً للتوزيع الجغرافي على المناطق المختلفة. وتحرص الاستراتيجية على تأسيس نظام متطور لتشغيل تلك المرافق ومشاركة القطاع الخاص من خلال الاستثمار المُوجَّه والإدارة الواعية لتطوير مخرجاتها. وتختتم ركائز الاستراتيجية بالإعلام الرياضي الذي يناط به نشر الثقافة الرياضية وتدعيم المشاركة؛ إضافة إلى تأسيس منهجية التناول البَنَّاء لقضايا الرياضة والمشاركة. كما لا يمكن إغفال أهميته في نشر ثقافة الاحتراف والتسويق للاستثمار الرياضي لما يمثله من دور في دعم التطور والإنجاز الرياضي. وفي الختام لابد من وضع خطة تنفيذية تمثل نقطة الانطلاق لتطبيق استراتيجية تطوير الرياضة وإدارة تلك الخطة بحسبانها مشروعاً محدد الأهداف والنتائج والموارد والتوقيت لتطوير الرياضة السعودية. * مدير برنامج تطوير الرياضة المدرسية