نقص إفراز الغدة الدرقية لدى الأطفال المواليد والتخلف العقلي منذ عام 1970م وبسبب التطور المتسارع في مجال الطب، أصبح فهم كثير من الباحثين عن تكوين وفسيولوجية الغدة الدرقية وأمراضها في الأجنة والمواليد متقدماً تقدماً جذرياً، فبرنامج الكشف المبكر لنقص الغدة الدرقية عند المواليد حيث يعمل بشكل روتيني في كثير من البلدان المتقدمة والبعض من البلدان النامية. أضف الى ذلك أن التكنولوجيا الجزيئية أضافت نظرة جديدة في طريقة التشخيص لأمراض الاستقلاب الخاصة بتكوين هرمونات الغدة الدرقية. فالغدة الدرقية هي أحد الغدد الصماء التي لها أهميتها المؤثرة في نشاط الجسم ونموه، فهي تفرز ثلاثة أنواع من الهرمونات منها هرمون: الثايروكسين، وتراي أيودو ثايرونين اللذان لهما فعاليتهما في تنظيم الحرارة وتنشيط التفاعلات الحيوية في الجسم بالاضافة الى نمو وتطور الجهاز العصبي لدى الأطفال وخصوصاً في فترة ما بعد الولادة الى سن الثالثة من عمر الطفل. أما الهرمون الثالث الذي تفرزه الغدة الدرقية فهو هرمون (الكالستونين) والذي له علاقة بتنظيم معدل الكاسيوم في الدم. يبدأ تكوين هرمونات الغدة الدرقية لدى الجنين في الأسبوع الثاني عشر من الحمل، حيث إن كمية الهرمون لدى الجنين في هذه الفترة قليل جداً فإن ما يقرب من 25 - 50٪ من هذا الهرمون (الثايروكسين) يتم استقباله من الأم عبر المشيمة. فذا فإن الأم المصابة بنقص في إفراز الغدة الدرقية ربما توثر سلباً على الجنين وذلك من ناحية التطور والنمو في جهازه العصبي. إن تكوين وإفراز هرمون الغدة الدرقية (الثايروكسين) يتم بتحكم من هرمونات أخرى، فالهرمون الذي تفرزه الغدة الهايبوثلاماسية يحفّز الغدة النخامية الأمامية لإفراز هرمون يسمى الهرمون المنشط للغدة الدرقية (TSH) وهذا الأخير يقوم بالعمل على مستقبلات خاصة توجد على خلايا الغدة الدرقية بحيث إن هذه الخلايا تصبح منفذة لمادة اليود التي تدخل داخل الخلية للتصنيع وتكوين الهرمونات الذكورية سابقاً. إن نقص إفراز الغدة الدرقية يمكن أن يقسم إلى الآتي: 1- نقص أولي ونعني به أن المشكلة في التكوين هي الغدة الدرقية إما بسبب أنها صغيرة أو موقعها غير طبيعي أو أنها غير موجودة بالكلية أو أن هناك مشكلة في التكوين الهرموني بسبب نقص في أنزيمات التكوين للهرمون، وهذا النقص الأولي يعتبر أكثر شيوعاً وسبباً. 2- نقص ثانوي ونعني به أن المشكلة في تكوين ونقص هرمون الغدة الدرقية هو ناتج عن قصور في هرمون الغدة النخامية والمسمى بالهرمون المنشط للغدة الدرقية (TSH) فعدم وجود هذا الهرمون يجعل الغدة الدرقية خامدة غير قادرة على تكوين هرمون الثايروكسين. 3- السبب الثالث وهو نادر جداً ويكون بسبب نقص هرمون الغدة الهايبوثلاماسية والمنشط للغدة النخامية (TRH)، فعند نقص هذا الهرمون سوف لا تستطيع الغدة النخامية تكوين الهرمون المنشط للغدة الدرقية، مما يؤدي الى الفشل الكلوي في تكوين هرمون الغدة الدرقية. 4- هناك سبب أخير وهو ما يسمى بالنقص المؤقت للغدة الدرقية ونعني بذلك أن غالب الأطفال المصابين ربما لا يحتاجون العلاج أو أن علاجهم سيكون لفترة محددة يحددها الطبيب المعالج اعتماداً على السبب والمتابعة ومن الأسباب في هذا النوع هو العلاجات التي تأخذها الأم للغدة الدرقية أو صدور أجسام مضادة من الأم لتنتقل عبر المشيمة الى الطفل أو يكون السبب في بعض الأحيان غير معروف. لقد وجد أن نسبة حدوث مرض نقص الغدة الدرقية لدى الأطفال المواليد يقارب 1 في كل 4000 طفل مولود، ففي عام 1993م أصدرت أكاديمية الأطفال الأمريكية، أنه من بين كل 5 ملايين طفل يولد سنوياً يوجد 1400 حالة مصابة بنقص الغدة يتم اكتشافها عن طريق الفحص المبكر. أما كيفية اكتشاف نقص الغدة الدرقية الخلقي لدى المواليد، فإن أغلب المواليد المصابين لا تبدو عليهم الأعراض بعد الولادة مباشرة ويصعب في بعض الأحيان التشخيص الإكلينيكي. وبوجود الفحص المبكر في كثير من المستشفيات والذي يعتمد على تحديد مستوى هرمون الغدة الدرقية (الثايروكسين) أو T4 وهرمون الغدة النخامية المنشط للغدة الدرقية (TSH) يتم بذلك التعرف على الطفل المصاب. الأعراض التي تظهر على الطفل المصاب ومنها: الصفار، ضعف الحركة وقلة النشاط، وبحة في الصوت، البكاء، الإمساك، قلة الرضاع، فتق السرة، وتضخم الغدة الدرقية في بعض الأحيان، زيادة الوزن وعدم النمو. ولا يشترط أن تظهر كل الأعراض والعلامات معاً في وقت واحد، وكما أسلفنا سابقاً إن من أهم الأعراض والعلامات هي التأخر في النمو العصبي والذي يؤدي بدوره إلى الإعاقة لا قدر الله أما حدوث التخلف العقلي والحركي أو عدمه فإنه يعتمد على عدة عوامل منها: ٭ وقت اكتشاف المرض ٭ وقت بدء العلاج ٭ الجرعة المناسبة فالأطفال الذين يكتشفون مبكراً حيث يبدأ العلاج مبكراً غالباً لا يصابون بهذا التخلف العقلي والعصبي. *استشاري الأطفال والغدد الصماء