بالنسبة لامثالنا الذين عاشوا حقبة الرئيس الأمريكي السابق كلينتون فان نفس الاشياء غير السارة تحدث مرة أخرى. توجيه المدعي الخاص باتريك فيتزغيرالد التهمة إلى لويس ليبي رئيس موظفي مكتب نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني يمثل تحديا لادارة الأزمات السياسية ليست فقط بالنسبة للبيت الأبيض وانما كذلك للديمقراطيين. ووفقاً لدليل حديث فان الاثنين سقطا في نفس الأخطاء القديمة. أولا يبدو أن كلا الجانبين غير قادر على مقاومة والامتناع عن ممارسة المعايير المزدوجة وقول وفعل نفس الأشياء التي انتقدت فيها الآخر لقيامه بقولها وفعلها. بل وحتى انه قبل اتهامات الامس فان هاوارد دين واللجنة الوطنية الديمقراطية اتهما الجمهوريين بإشاعة ثقافة الفساد غير إنني اذكر الغضب الجامح والسخط الذي ساد الحزب الديمقراطي عندما اندفع الجمهوريون إلى مكبرات الصوت لاتهام أعضاء إدارة كلينتون بالفساد حول وايت ووتر وملفات وكالة المخابرات المركزية ومكتب السفر وحملة تمويل وغيرها من قضايا وانشطة.. وان اتهام لويس «سكوتر» ليبي واستقالته تضع نهاية للشراكة بين الرجلين اللذين صاغا وهيمنا في كثير من الأوقات على صناعة السياسة في إدارة الرئيس بوش وبصفة خاصة تجاه العراق. وكان ليبي مديرا لمكتب تشيني ومساعدا للرئيس وهذا المسمى الوظيفي يمنحه نفس مكانة ومرتبة مستشار الأمن القومي للرئيس. ويتردد أن ديك تشيني يعتبر أقوى نائب رئيس أمريكي في تاريخ الولاياتالمتحدة وانه يعمل خلف الكواليس مع حلفاء في وزارة الدفاع وفي مواقع أخرى في الحكومة وان الاثنين كانا من المناصرين والداعين الأوائل للإطاحة بنظام صدام حسين وانهما عملا بفاعلية لصد ورفض أي معارضة من الخارجية الأمريكية ومن إدارات حكومية بيروقراطية أخرى منافسة. وحرص الاثنان على ممارسة السرية والكتمان لاقصى حد ولذلك فانه كان من الصعب تتبع آثار دورهما في السياسة. وكما ألمحت هيئة المحلفين الاتحادية في اتهامها فان ليبي كان في كثير من الأوقات عين تشيني التي يرى بها وأذنه التي تتنصت على الإدارات الحكومية الأخرى وعلى وسائل الإعلام. ففي الوقت الذي كان فيه تشيني يزدري فيه الصحافة ويمتنع عن إجراء مقابلات معها كان ليبي البالغ من العمر خمسة وخمسين عاما يلتقي برجال الصحافة دائما على مائدتي الإفطار والغذاء ويتمتع بمصاحبتهم في المناسبات إضافة إلى انه يعتبر مواليا تماما لتشيني ويرعى توجهاته . وكان الرجلان يتقاسمان نفس الهواجس عن التهديدات المحتملة ضد الولاياتالمتحدة وبصفة خاصة تهديدات الأسلحة الجرثومية والكيماوية والتشكك في المعلومات الاستخباراتية التي وفرتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. وتصف الاتهامات التي اعلنها المحقق المستقل باتريك فيتزغيرالد كيفية انسياق ليبي بنيته العدائية إلى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لمحاربة ما يعتقده بتحول غير منصف في وضع اللائمة في الإخفاق على إيجاد أسلحة دمار شامل في العراق. ويتهم ليبي بأنه عمل على جمع معلومات عن مهمة السفير السابق جوزيف ويلسن إلى النيجر للتحقيق حول ما تردد عن مبيعات يورانيوم للعراق.وتقول مستندات المحكمة إن ليبي عمل بعد ذلك لحشد الرأي العام ضد ويلسن عبر محادثات مع صحفيين ومع مسؤولين في البيت الأبيض مشيرا إلى أن فاليري بليم زوجة ويلسن قد لعبت دورا في تنظيم واعداد تلك المهمة وذلك ضمن جهود لاظهار عدم مصداقية تقرير ويلسن. وقال الاتهام بأنه ضمن جهود لمعرفة حقائق عن جولة ويلسن سعى ليبي إلى جمع معلومات من وزارة الخارجية الأمريكية ومن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بما فيها وثائق سرية وقد اهتم تشيني أيضا بالأمر مبلغا ليبي بان زوجة ويلسن عملت في وكالة المخابرات المركزية ويعتقد بان ليبي قام بعد ذلك بتسريب هذه المعلومة إلى الصحافة. ويقول الاتهام في أحد البنود بان ليبي كانت له مأدبة غداء مع المتحدث باسم البيت الأبيض أري فليشر حيث ابلغه إن زوجة ويلسن كانت تعمل في وكالة المخابرات المركزية مبينا له إن مثل هذه المعلومات ليست معروفة على نطاق واسع واوضح الاتهام ان ليبي حاول إخفاء مصدر المعلومات بإقناع مراسلة صحيفة نيويورك تايمز جوديث ميلر بنسبة مصدر المعلومات إلى موظف سابق في الكونغرس بدلا من مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية. وكان دور نائب الرئيس ديك تشيني في إدارة الرئيس بوش مثار نقاش وجدل وتكهنات لفترة طويلة وجادل حلفاءه بان إظهار وسائل الاعلام في كثير من الاحيان تشيني بأنه محرك خفي للأمور في الإدارة الأمريكية بالأمر غير الدقيق والمبالغ فيه وعوضا عن ذلك فانهم يصرون على القول بأنه يعمل بجد واجتهاد لخدمة الرئيس بوش. ويبدو ان سلطة نائب الرئيس الأمريكي قد اضملحت نوعا ما في فترة الرئاسة الثانية للرئيس بوش حيث يعود ذلك جزئيا إلى متاعب ليبي القضائية وأيضا لأن وزيرة الخارجية الأمريكية برهنت على انها مسؤولة ذات وزن فاعل في الإدارة الأمريكية غير انه تشيني لا يزال يحظى بقوة كبيرة ويعود ذلك جزئيا إلى فعالية ليبي والذي كان يدير نخبة صغيرة مختارة ويبقي على تأثيره على الادارة الأمريكية. ٭ ( خدمة نيويورك تايمز خاص بالرياض، واشنطن بوست)