ربما تكون المرة الأولى في تاريخ بطولة عريقة وشهيرة ككأس العالم تلك التي نشهد فيها كل ذلك العدد من المنتخبات المشاركة للمرة الأولى في البطولة.. 7 منتخبات حتى الآن - وربما يزيد العدد إلى 9 لو تأهلت التشيك وسلوفاكيا من مباريات الملحق - ستكون ضيوفاً على المونديال الألماني في العام القادم وهو عدد كبير سيكون له بلا شك تأثيره وربما دلالاته على البطولة الأغلى والأشهر في العالم. هل هي ثورة في عالم كرة القدم؟ أم هي مجرد مصادفة تأتي بعد 76 عاماً من تاريخ حافل لكأس العالم؟ الحقيقة أن الوقت ما زال مبكراً على الحكم على هذه الظاهرة الفريدة ولذلك فسنقتصر في السطور التالية على تحليل كيف تأهلت المنتخبات الجديدة للمونديال في القارة السمراء تأهلت 4 منتخبات جديدة هي توجو وأنجولا وغانا وكوت ديفوار وبنظرة سريعة على أسماء المنتخبات السابقة سندرك بسهولة أن وصولها للنهائيات هو حدث كبير في حد ذاته خصوصاً بالنسبة لتوجو وأنجولا.. فتوجو، دولة صغيرة تقع في غرب أفريقيا ولا يزيد عدد سكانها عن 5,5 ملايين نسمة، وهي أيضاً تعد بلا تاريخ تقريباً في كرة القدم وكانت مشاركتها الأولى في تصفيات كأس العالم عام 1974 كما أنها خسرت كل مبارياتها في تصفيات مونديال 1994 منذ ما يزيد قليلاً عن عشر سنوات فقط، أما الآن فقد تأهلت إلى المونديال الأول في تاريخها! الغريب كذلك أن بداية توجو في التصفيات لم تكن تبشر بالكثير لأنها خسرت مباراتها الأولى أمام زامبيا في لوساكا صفر/1 ولكن فوزها في اللقاء التالي مباشرة على السنغال 3/1 كان نقطة انطلاق قوية للمنتخب ليحقق انتصاراً تلو الآخر ويتوج مسيرته بالفوز في آخر مباراتين ليتأهل للمونديال.ولم يكن ذلك هو الإنجاز الوحيد لتوجو بل يحسب لها أيضاً انها قدمت لاعباً جديداً يجمع الكل على أنه سيكون من أفضل لاعبي القارة السوداء في المستقبل هو «ايمانويل اديبايور» مهاجم نادي موناكو الفرنسي وأحد هدافي التصفيات.. كما أن منتخب توجو أعاد اكتشاف المدافع النيجيري الشهير «ستيفان كيشي» كابتين منتخب النسور في الثمانينات والتسعينيات ولكن في ثوبه الجديد كمدير فني قدير نجح في قيادة منتخب شبه مغمور للنهائيات.ثم نأتي إلى أنجولا وللعلم فإن اتحاد كرة القدم الأنجولي قد تأسس عام 1979 أي منذ ما لا يزيد عن ربع قرن فقط لا غير وقد كانت أول مشاركات منتخبها في تصفيات المونديال عام 1986 أي أن المنتخب الأنجولي نجح في تطوير مستواه بسرعة هائلة وفي زمن قياسي. أما بخصوص المنتخبين الباقيين وهما غانا وكوت ديفوار فإن الأمر يختلف كثيراً فغانا كانت دائماً إحدى القوى التقليدية في أفريقيا وقد أحرزت لقب بطلة أفريقيا 4 مرات وهو رقم قياسي.. غانا أيضاً قدمت عدداً كبيراً من اللاعبين الموهوبين عبر تاريخها أبرزهم عبيدي بيليه وصامويل كوفور وني لامبتي وبالتالي فإن تأهلها للمونديال كان دائماً أمراً منتظراً خاصة ان المنتخب الغاني يتمتع الآن بما يمكن ان نطلق عليه الفترة الذهبية ويضم مجموعة من أفضل لاعبي كرة القدم في القارة مثل لاعب خط الوسط مايكل ايسين لاعب تشيلسي الإنجليزي وستيفان ابياه لاعب نادي فنربخشة التركي ومعهما علي مونتاري لاعب اودينيزي الايطالي وغيرهم. وما قلناه على غانا ينطبق بصورة تكون طبق الأصل على منتخب كوت ديفوار الذي استحق التأهل بعد جولة درامية أخيرة شهدت تعثراً غير متوقع لمنتخب الكاميرون أمام منتخب مصر ليصعد الأفيال بجدارة واستحقاق إلى المونديال للمرة الأولى.افيال كوت ديفوار يعيشون حالياً أيضاً واحدة من أزهى فتراتهم بعد التعاقد مع مدير فني مخضرم هو هنري ميشيل يتمتع بخبرة رائعة في أفريقيا كما ان المنتخب يضم كتيبة من اللاعبين الموهوبين وعلى رأسهم دروجباً وارونا ديندان وكالو وغيرهم وكلهم من نجوم الملاعب الأوروبية حالياً.وفي أوروبا تأهل منتخبان جديدان للمونديال هما منتخبا صربيا والجبل الأسود وأوكرانيا والاثنان يشاركان للمرة الأولى بعد استقلال دوليتهما عن يوغوسلافيا والاتحاد السوفيتي على التوالي. صربيا هي الجمهورية الأكبر والوريث الأقرب ليوغسلافيا السابقة والفريق الحالي يمتلك امكانيات كبيرة ونجوماً كباراً أبرزهم المهاجم الشهير ماتيا كيزمان لاعب اتليتكو مدريد الأسباني وبالتالي فإن تأهلها لا يمكن اعتباره تأهلاً متأخراً وليس مفاجئاً أما أكرانيا فهي تستحق بحق قنبلة القارة العجوز في هذه التصفيات لعدة أسباب أولاً: لأنها تأهلت بجدارة كأول دولة أوروبية ومن خلال مجموعة صعبة تضم معها تركيا ثالث المونديال السابق واليونان بطلة أوروبا بالإضافة إلى الدانمارك إحدى القوى التقليدية في أوروبا وثانياً: لأن تأهل أوكرانيا كان بمثابة نهاية سعيدة لسيناريو درامي كانت تقترب فيه من التأهل سواء للمونديال الماضي أو لكأس أمم أوروبا إلاّ أنها كانت تخسر في مباريات الملحق التي كادت تتحول إلى لعنة على الاكرانيين لو لا أن تجاوزوها هذه المرة بقيادة مدير فني قدير هو أوليج بلوخين وبفضل نجم فوق العادة هو الهداف أندريه شيفتشينكو. ثم نأتي إلى منتخبي البحرين وترينداد وتوباجو وأحدهما سيكون ضيفاً جديداً على المونديال بعد نهاية مواجهتهما سوياً في مباراتي الملحق.. البحرين لم يكن تأهلها لمباراتي الملحق بمثابة مفاجأة كبيرة على الرغم من أن اداء الفريق في مباريات التصفيات النهائية لم يرتق إلى المستوى المطلوب فالفريق لم يحقق سوى فوز واحد خلال ست مباريات ولكن المتابع لتطور المنتخب البحريني خلاله سيكون من السهل عليه ان يتوقع تقدماً كهذا خاصة بعد تأهل المنتخب البحريني الى الدور قبل النهائي في بطولة آسيا الاخيرة التي اقيمت العام الماضي في الصين. البحرين منتخب منظم ومجتهد ويضم عدة لاعبين على مستوى عال مثل حارس المرمى حسين علي حسن والمدافعين سيد عدنان وسلمان عيسى ومحمد جمعة وعبدالله مرزوق ومهاجمين كبار حسين علي وعلاء حبيل وكلهم قادرون على مواصلة المشوار الى النهائيات. يبقى منتخب ترينداد وتوباجو وهو للعلم كان قريباً من التأهل للمونديال عام 1994 لولا ان خسرت بغرابة في الامتار الاخيرة.. ترينداد هذه المرة تبقى اكثر تصميماً خصوصاً بعد اقتناصها للمركز الرابع في تصفيات أمريكا الشمالية على حساب منتخب جواتيمالا وبعد تعاقدها مع مدير فني عريق هو الهولندي ليو بينهاكر الذي سبق وقاد المنتخب البرتغالي في مونديال 1990 بايطاليا والذي طور من اداء الفريق وامكانياته بطريقة ملحوظة.وأخيراً يأتي منتخبا التشيك وسلوفاكيا الذي يتبقى لهما مواجهتان امام النرويج واسبانيا في مباراتي الملحق سيصبحان إن فازا بهما الفارسين الجديدين رقم 8 و9 في المونديال على اساس انهما لم يتأهلا منذ تفكك جمهورية تشيكوسلوفاكيا مع بداية التسعينات ومنذ مشاركة منتخب تشيكوسلوفاكيا ذاته في نهائيات كأس العالم 1990 بايطاليا لآخر مرة. جمهورية التشيك منتخب قوي ويكفي ان نذكر انه تأهل للمباراة النهائية لبطولة امم اوروبا عام 1996 كما وصل للدور قبل النهائي في البطولة الاخيرة بالبرتغال كما انه فريق قوي يضم لاعبين على مستوى عال ولعل ما يتردد عن تفكير نجم الفريق ملهمة بافل ندفيد في العودة عن الاعتزال الدولي لقيادة فريقه في المونديال تكون عاملاً حاسماً في زيادة قوة الفريق ومن ثم تأهله الى النهائيات خاصة ان المنتخب يتمتع باستمرار فني واضح باستمرار مديره الفني المخضرم كارل بروكنر على رأس الجهاز الفني له منذ عام. أما منتخب سلوفاكيا الذي تنتظره مواجهة صعبة امام الماتادور الاسباني فلا يمكن ايضاً التقليل من شأنه خاصة بعد تفوقه على منتخب عريق هو المنتخب الروسي وتمكنه من اقتناص المركز الثاني في المجموعة الثالثة بعد منتخب البرتغال ليصبح من حقه خوض الملحق.