ربما يفشل الرئيس الأميركي باراك أوباما في تهدئة مخاوف دول الخليج الناتجة عن دبلوماسيته في المشكلة النووية خلال القمة. لكن سؤالا أكبر يلوح في الأفق بالنسبة لواشنطن.. ما مدى أهمية ذلك؟ ويبدو أوباما واثقا أن واشنطن لديها نفوذ كاف لصد ضغوط الدول العربية لبذل المزيد من أجل منع خصمها اللدود إيران من التدخل في الصراعات في كثير من دول المنطقة مما يؤكد على تباين المصالح بين الولاياتالمتحدة وحلفائها القدامى في منطقة الخليج. ومن خلال مقاومة سعي بعض دول الخليج العربية إلى الحصول على ضمانات أمنية رسمية جديدة على سبيل المثال يراهن أوباما على أن التحالف المتين يمكنه رغم القلق الذي ينتابه في كثير من الأحيان أن يتجاوز الخلافات الحالية خاصة في ضوء الاعتماد العربي القائم منذ سنوات بعيدة على إمدادات الأسلحة المتقدمة. وقال كريم سجادبور الباحث بمركز كارنيجي للسلام الدولي في واشنطن وكبير محللي الشوؤن الإيرانية السابق لدى المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات "النفوذ أكبر بكثير في واشنطن منه في الخليج." ويقول بعض الخبراء إن جيلا جديدا من القادة السعوديين قد يرد بمزيد من الاستقلال العسكري في الخليج حيث تقود المملكة في الوقت الحالي تحالفا عربيا يشن غارات جوية على الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن. وهناك شعور بالاحباط إزاء تواصل أوباما مع إيران سعيا لإبرام اتفاق نووي وكذلك ما بدا من إخفاق أميركي في دعم مقاتلي المعارضة السورية وفي الضغط على إسرائيل لعقد اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وتبدأ القمة الخليجية الأميركية بمحادثات في المكتب البيضاوي مع ولي عهد السعودية وولي ولي العهد يعقبها عشاء يحضره القادة ثم يوم كامل من المحادثات في منتجع كامب ديفيد اليوم. ويقول مسؤولون أميركيون إن القمة ستؤكد العلاقة الاستراتيجية التي كانت على مدى أكثر من نصف قرن حجر زاوية للسياسات الأميركية في الشرق الأوسط. ويضيف المسؤولون أن الاستراتيجية الأميركية في مكافحة الإرهاب مازالت تعتمد اعتمادا كبيرا على التعاون مع الدول العربية ذات النفوذ. غير أن بعض الوهن بدأ يظهر فيما يبدو على بعض المصالح المشتركة التي ربطت بين الجانبين مثل تحجيم إيران والاعتماد الأميركي الكبير على نفط الخليج. وأثار أوباما الآمال في البداية بمنطقة الشرق الأوسط عندما أعلن الشهر الماضي عقب توصل القوى العالمية لاتفاق مبدئي مع إيران أنه سيعقد مؤتمر قمة مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي الذي يضم في عضويته السعودية والكويت وقطر والبحرين والإمارات وسلطنة عمان. غير أن البيت الابيض قلل هذا الأسبوع من التوقعات بشأن نتائج القمة. ورغم أن مسؤولين خليجيين أشاروا إلى رغبتهم في الحصول على ضمانات أمنية قوية جديدة فإن المسؤولين الأميركيين يقولون إنه لن يتم توقيع أي معاهدات دفاعية بل وشككوا في إمكانية تقديم أي تعهدات مكتوبة من أي نوع. وتخشى إدارة أوباما من أي التزام قانوني قد يزج بالولاياتالمتحدة في صراعات جديدة في الشرق الأوسط. وبدلا من ذلك قال مسؤولون أميركيون إن أوباما سيعرض تطمينات ستصدر في الغالب في شكل بيان مشترك وإعلانات لتحقيق تكامل أنظمة الدفاع الصاروخي الباليستية وزيادة المناورات العسكرية المشتركة وتيسير امدادات الأسلحة. وفي المقابل تأمل الولاياتالمتحدة أن تتوقف الحكومات الخليجية المتشككة في أي اتفاق نووي مع إيران عن انتقاداتها قبل انتهاء المهلة المحددة للتوصل إلى اتفاق نهائي في 30 يونيو حزيران توافق بمقتضاه إيران على تقييد برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات التي تكبل اقتصادها. ومن المحتمل أن تزيد الانتقادات العربية والمعارضة الإسرائيلية الشديدة من صعوبة فوز أوباما بموافقة الكونجرس على اتفاق مع إيران. ومن المستبعد أن يرضي ذلك دول الخليج التي تعتقد أن واشنطن لا تأخذ الدعم الإيراني لفصائل مسلحة في لبنان وسورية والعراق واليمن على محمل الجد بالدرجة الكافية. وتقول السعودية إن هذا الدعم الإيراني يعمل على تفاقم التوترات الطائفية. ويقول البيت الابيض إن حصول إيران على سلاح نووي سيكون أكثر خطورة على الدول المجاورة لها ولهذا السبب ترى ضرورة معالجة القضية النووية أولا. وتنفي طهران أنها تسعى إلى امتلاك السلاح النووي. وقال وزير الخارجية الأردني السابق مروان المعشر إن إدارة أوباما ليست لديها الرغبة في مهاودة دول الخليج في القضايا التي تؤرقها. وحتى إذا أرسل أوباما رسالة ضمنية مفادها أن دول الخليج تحتاج الولاياتالمتحدة أكثر مما تحتاج إليها الولاياتالمتحدة فمازال يتعين عليه أن يعالج مخاوفها من أن تتخلى عنها واشنطن في وقت تعصف فيه الاضطرابات بالمنطقة. كذلك فإن كلا من الجانبين يعتمد على الآخر عسكريا واقتصاديا. ورغم أن طفرة في صناعة النفط والغاز المحلية في الولاياتالمتحدة غذت شعورا بأن المصالح الاستراتيجية الأميركية في المنطقة ربما كانت تتراجع فهي لم تغير مصلحة واشنطن الاستراتيجية الرئيسية في تأمين إمدادات النفط لتغذية السوق العالمية بها. وفي الوقت الذي تحث فيه إدارة أوباما حلفاء مثل الرياض على تحمل عبء دفاعي أكبر فإن الولاياتالمتحدة تظل طرفا مشاركا في الحملة التي تقودها السعودية في اليمن من خلال تقديم الدعم اللوجيستي على سبيل المثال. ظريف مع وزراء خارجية مجموعة 5+1 بعد توقيع اتفاق الإطار النووي في لوزان