ضمّ الاحتفاء بصدور كتاب «الوليد» بطبعته العربية من بيروت حشدا واسعا من الصحافيين والإعلاميين، الذين لبوا دعوة الإخوة شبارو، ناشري الكتاب ومؤسسي «الدار العربية للعلوم». لكنّ الصحافيين افتقدوا الكاتب الذي سبر غور حياة الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود: الملياردير، رجل الأعمال والأمير. إنه ريز خان الصحافي والمذيع عبر شبكة «السي أن أن»، وهو سيحضر الى العاصمة اللبنانية لتوقيع هذه البيوغرافيا في معرض الكتاب في كانون الأول ديسمبر المقبل كما أعلن بسّام شبارو رئيس «الدار العربية للعلوم» ردّا على سؤال ل«الرياض». السيرة التي ترجمها من الإنكليزية الى العربية عمر سعيد الأيوبي، تقع في 400 صفحة من القطع الوسط وهي مرفقة بقرص «دي في دي» يحوي شذرات مصورة من حياة الأمير الذي طبقت شهرته الآفاق، و ستكون في الأسواق قريبا ترجمة بالفرنسية، والكتاب هو بمتناول الجميع لأنّ سعره لن يتعدّى ال15 دولارا أميركيا. كان جميع المدعوين مستعجلين لتصفّح وقراءة هذه السيرة، ولم يخف هذا الشوق على الناشرين، فزرعوا في إحدى قاعات فندق «الفينيسيا» وفي ممراته لوحات عملاقة للكتاب عليها صورة الأمير تحمل عبارة: «الوليد كتاب مفتوح اكتشفه واكتسب منه»، وعلّق نقيب الصحافة محمد البعلبكي على ذلك قائلا:« فائدته ستكون كبيرة ليس فقط للشباب بل للشيوخ أيضا»!. الواقع أن هذا الشغف في سبر حياة الأمير الوليد له مبرراته الكافية. حتى المؤلف نفسه اعترف في مقدمته بذلك، فسأل:« ما الذي يمكن أن تفعله بواحد وعشرين مليارا ونصف من الدولارات. )...( هذه هي القيمة المقدّرة لموضوع هذا الكتاب فيما أشرع في كتابته». والكتاب وهو «بزنس» كما وصفه بسّام شبارو، يسلّط الأضواء على كيفية امتلاك الوليد «المسلم العربي» و هو «من أنجح المستثمرين من خارج أميركا» ثروته الطائلة. وفي سرد سوريالي لتزايد ثروة الوليد كتب ريز خان:« بعد مرور عام على لقائي وجها لوجه بصاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود، ارتفعت قيمة استثماراته 3,8مليارات دولار بحسب مجلة «فوربس»، وهي المجلة التي تتابع أخبار الأثرياء والمشاهير. وذلك يقدّر بنحو 10,4 ملايين دولار في اليوم، أو 434000 دولار في الساعة، أو أكثر قليلا من 120 دولارا في الثانية. وفي قائمة «فوربس» لسنة 2005 وصلت ثروته الى 23,7 مليار دولار»!. الأمير التي وصفته «فوربس» نفسها بأنه «ثاني أكثر رجال الأعمال نفوذا في العالم بعد بيل غيتس»، لم يصل الى هذا الموقع إلا بجهده وعمله الذي يتجاوز ال15 ساعة يوميا لا يرتاح فيها إلا للصلاة. لذا برز اسمه في الصحافة المالية في أوائل التسعينات عندما أصبح أكبر المساهمين في «سيتي كورب» ، وترك بصمته في «وول ستريت» بفضل إنقاذه لمصرف «سيتي بنك» الذي تعثّر عام 1991،و كفل أكبر مشروع أوروبي عقاري في لندن، وشارك برلوسكوني في صفقة إعلامية كبيرة، واستثمر أموالا في كوريا ، ودعم مدينة يورو ديزني من دون اكتسابه أي ربح، واشترى فندق جورج الخامس في قلب العاصمة الفرنسية وجدده ليصبح من أفضل فنادق العالم. السيرة المؤلفة من 17 فصلا يبدأ كلّ منها بقول للأمير نقرأ في أعلى صفحتها الأولى عن لسانه:« إنني أتحدث اولا كمواطن سعوديّ، ثمّ كرجل أعمال، ثمّ كأحد أعضاء الأسرة المالكة السعودية»، لم يتنكر سموّه يوما لأصله السعودي الذي طالما فاخر به، موطنه ودينه وأهله وطبيعة بلده كانت وحيا بالنسبة اليه،« لم أتخذ أبدا قرارا استثماريا كبيرا، أو قرارا مهنيا في حياتي، أو قرارا شخصيا دون أن آتي الى الصحراء...الصحراء بالنسبة إلي مهمّة جدّا». للصلاة موقعها لديه، لم يتخلّ عنها يوما، «إنني رجل متدين جدا والحمد لله، ويمنحني الدين القوة بل إنه يبقيني على الأرض». بداية ثروته كانت قرضا بقيمة مليون ريال أي ما يعادل 300 ألف دولار من «سيتي بنك»، كان هذا المبلغ الوزنة التي راكمها الوليد باجتهاده وكدّه وذكائه، ولم يكن ذلك سهلا، «كنت أعيد توظيف كلّ المال الذي أحصل عليه من المقاولات في العقارات والسوق المالية على السواء. لذا كنت أوظف الأموال التي أحصل عليها على الفور وآخذ ما يكفي فقط. هل تعلم أنني لم أسافر لمدة ثلاث أو أربع سنوات في بداية الثمانينات مخافة إنفاق المال إذا فعلت ذلك؟، لذا قلت لا سأحتفظ بالمال لكي أعيد توظيفه». تحفل قصة الوليد كما كتبها ريز خان الذي فتح له الأمير أبوابا موصدة في حياته العملية والعائلية طوال عام كامل بالمواقف المثيرة التي يكتسب منها كل شخص طموح مستعد للاجتهاد والتعب» فيلم ال«دي في دي» المرفق بالكتاب يحوي بدوره على وثائق مصورة مهمة من حياة الأمير، « توضح أمه الأميرة منى الصلح من خلال الفيلم المصوّر لإبنها وهو طفل صغير، بأن الوليد كان يمتلك العزيمة منذ نعومة أظافره. ويظهر الفيلم القديم الأمير كطفل دارج وهو يطارد عنزة ويفشل في الإمساك بها مرارا، لكنه يثابر حتى يضع يديه عليها في نهاية الأمر. وقد تمكّن كرجل من الإمساك بمعظم الأشياء التي ثابر على ملاحقتها». سيرة «الوليد:» الملياردير رجل الأعمال الأمير« تستحقّ القراءة والتمعّن في سيرة نجاح باهرة لكن «أصيلة»، سيرة قد تكون فصولها في بداياتها إذ كما كتب ريز خان:«يلزم وقت طويل لاستيعاب الصورة الكاملة للأمير، لكن حتى عندئذ لن تبوح تلك الصورة بكلّ مكنوناتها. ولا يمكنها ذلك. فقصّة الوليد، رجل الأعمال، والملياردير، والأمير - السياسي؟- قد تكون في بداياتها».