تعرض مسلسل طاش ما طاش بالنقد إلى كثير من الأجهزة، ويتوقع أبطال المسلسل من هذه الأجهزة تقبل النقد بقبول حسن والاستفادة منه في تطوير الخدمات وحل المشكلات، والقضاء على التناقضات. وفي ظني ان المسلسل بحاجة إلى حلقة خاصة ينتقد فيها نفسه، ويراجع فيها ما قدمه عبر ثلاث عشرة سنة من حيث هوية المسلسل، وجمهوره المستهدف، والأفكار المطروحة فيه، وأسلوب الطرح ومستوى الحوار واللغة، والاخراج وغير ذلك من تفاصيل العمل. فهل نرى حلقة من هذا النوع. ولتحقيق الفكرة دعونا نساعد أبطال المسلسل بهذه الآراء. بداية المراجعة تتعلق بهوية البرنامج فهو في هذا الجانب يتأرجح، وغير ثابت على هوية واحدة أو خط واحد، فهو يعتمد أحياناً على ثبات الشخصيات، مع تغير المواقف وهنا يكون التركيز على الموقف، وفي أحيان أخرى يكون التركيز على الشخصية، فالممثل في هذه الحالة يتقمص دوراً مختلفاً في كل حلقة لنقد حالة معينة أو شريحة من الناس، أو نمط من أنماط السلوك. المسلسلات الناجحة كما أعلم وبعضها يستمر أكثر من ثلاثين سنة تعتمد على شخصيات ثابتة ومواقف متغيرة حيث تبرز في هذه المواقف كافة فئات المجتمع عبر تفاعلات الحياة اليومية المتنوعة. أما الجمهور المستهدف في المسلسل فهو موجه للجميع، وفي بعض الحالات يكون هناك حلقات خاصة للأطفال. وليس من العيب ان يوجه المسلسل لكافة المشاهدين ولكن المؤكد أن بعض المشاهدين ينسحبون من مشاهدة بعض الحلقات لأنها مملة بالنسبة لهم، وليس فيها ما يشدهم إلى المتابعة، ومن ذلك مثلاً حلقة «الطرد» وقد لوحظ أيضاً على المسلسل في هذا العام والذي قبله تكرار لا مبرر له لشخصيات سبق عرضها أكثر من مرة مثل شخصية فؤاد، وشخصية سعيدان، وفهد الحيان في شخصية الولد الشامي، وإذا كانت هذه الشخصيات قد لاقت قبولاً في السابق فإن إعادتها مرة أخرى لابد ان ترتبط بفكرة قوية تبرر الإعادة. الموضوعات التي تطرح في المسلسل يتم تناولها بشكل منقوص ومن ذلك قضية تعيين المعلمات في المناطق النائية مع العلم ان البديل لهذه المشكلة - إن كانت مشكلة - هو في تعيين معلمات غير سعوديات وهذا يتناقض مع سياسة السعودة. أما يوم لك ويوم عليك فمع قناعتي بأن اللوحة الفنية لابد ان تضاف إليها لمسات المبالغة والاثارة فإن اللوحة الجميلة (الحلم) حيث تقدم الخدمات للمواطن محاطة بالزهور، وتحقيق كل الرغبات لكل فرد هو من نوع المبالغات غير المقبولة ولا تستقيم مع المنطق، ولا حتى مع عنوان الحلقة. المسلسل يقدم الكوميديا الهادفة احياناً ويقدم كوميديا للإضحاك فقط وهذا يعيدنا مرة أخرى إلى هوية المسلسل، وطبيعته، وجمهوره، واختيار موضوعاته، ويلاحظ تفاوت في مستوى الموضوعات وفي الحوار تبعاً لاختلاف معد الحلقة، فالإعداد يتنقل من اسم إلى آخر وكل معد يجتهد من منطلق قدراته وخبراته دون وجود إطار عام ومعايير مهنية صارمة ينطلق منها الجميع. ويلاحظ أن بعض الحلقات قوية جداً بكل عناصرها مما يدل على الجهد المبذول في إعدادها وتنفيذها وإخراجها، وحلقات أخرى تشعر انها ضعيفة جداً ولم يبذل فيها ما يجعلها جديرة بالعرض. السطور السابقة هي تعبير عن الاعجاب والتقدير لهذا المسلسل الناجح والذي يحتاج إلى جهد كبير لكي يستمر في النجاح، ومن نفس المنطلقات التي ينطلق منها المسلسل في نقد المجتمع، فإن المجتمع يريد ان يرتقي مستوى هذا المسلسل إلى المستوى الذي يحترم عقول المشاهدين. [email protected]