ربما يُنسى جميع المعلمين ومدير المدرسة ولكن لن يُنسى معلم التربية البدنية من الذكريات المدرسية للطلاب، فهو يتميز من زملائه بمحبة الطلاب له وقربه منهم ومشاركته لهم، فالرياضة والترويح محببة لدى جميع الطلاب، واليوم الدراسي الذي به حصة التربية البدنية يكون مميزاً، فيبدأ التحدي وتقسيم الفرق من الحصة الأولى وتبدأ عبارات التنافس بين المتبارين بعبارات التحفيز والحماس، لحظات جميلة يعيشها الطلاب تساعد المدرسة لتكون بيئة جاذبة ومتوافقة مع مستوى النمو العقلي والعاطفي لهم. نجوم كبار في كرة القدم السعودية حصدوا كثيراً من المنجزات والميداليات والبطولات تخرجوا في ملاعب المدرسة وتم اكتشافهم من قبل معلهم المحبوب في التربية البدنية، ولطالما كُتب في سيرهم الذاتية أن نقطة التحول الحقيقية في مشوارهم الرياضي من ملعب المدرسة، من مُلاحظة معلم ومن تشجيع جمهور طلابي، ومن النادر جداً أن تجد لاعباً مشهوراً لم تكن للرياضة التنافسية المدرسية أثراً في مشواره الرياضي فهي من مصنع النجوم في الرياضات المختلفة. وفي كرة القدم على وجه التحديد، فيها يتعلم الطالب أبجديات الاحتراف في الرياضة، وعلى يد معلم التربية البدنية كيفية الإحماء والتمديد والإطالات والمهارات الأساسية قبل البدء بالركض خلف الكرة ويتعلم أخلاقيات المنافسة ومبادئ العمل التعاوني من خلال اللعب الجماعي ويتعلم روح الفريق والانجاز ومشاعر الفرح والحزن الجماعي ويتعلم توزيع الجهد والعطاء والتركيز في الأهداف واحترام القانون والنظام ومبادئ وقيم رياضية عديدة. الرياضة المدرسية لا تقتصر فقط على كرة القدم واجوائها التنافسية بل تشمل جميع الرياضات الاولمبية والعاب الدفاع عن النفس والمعلم مُطالب بتعزيز المهارات الرياضية التي هي المثال الحي للتعايش العالمي، فمبادئها وقيمها ومهاراتها تتفق عليها جميع الدول، وبالتالي تتوافق مناهجها الدراسية وتصنيفاتها العمرية ومهاراتها الاساسية والمتقدمة. والرياضة المدرسية ستحظى بوافر من الحظ بعد عملية دمج وزارتي التربية والتعليم وزارة التعليم العالي حيث التصنيف العمري للرياضات سيمتد طول رحلة الطالب التعليمية ويكون تحت وزارة واحدة ويكمل معها مشوار التألق والإبداع والتميز ما سينتج لنا أبطالا رياضيين وخطة العمل الرياضية للطلاب ستكون واحدة ومقسمة حسب المراحل والفئات العمرية التعليمية ووفق معايير التصنيف العالمي ما يسّهل عملية المتابعة والبناء والتجويد والإعداد للبرامج التدريبية الرياضية والفعاليات التنافسية. وكما هو معروف عالمياً أن التميز الرياضي هو أحد المحكات القوية للقبول في الجامعات العالمية (امريكا على سبيل المثال) إيماناً بالدور المهم الذي تقوم به الرياضة في التسويق للجامعة وللبلد الحاضن والراعي للمواهب الفذة. من الأمور الإيجابية التي يستفيد منها الطلاب من عملية دمج الوزارتين الاستفادة من المنشآت الرياضية الجامعية واستثمارها بالشكل الصحيح، وبناء أجيال وهذا سينقل الرياضة المدرسية إلى عالم الاحتراف، فما كانت تعانيه المدارس من عيوب في تصميم المباني المدرسية لا تساعد على تنفيذ كثير من المنافسات والفعاليات الرياضية ستتلاشى بالتكامل الفعّال بين المدرسة والجامعة، وسيكون بوسعنا بناء الخطط الرياضية الوطنية وربما اكتمل الجزء المفقود من الحلقة الاحترافية لصناعة الابطال الرياضيين= (طالب رياضي + مدرب + "منشآت رياضية") ولنا أن نتخيل الابطال الرياضيين الصغار وهم يتدربون على صرح رياضي نموذجي مثل استاد جامعة الملك سعود ومدى التأثير الإيجابي في نمو الطموح والفكر، ودمج الوزارتين على مستقبل الرياضة في السعودية سيتيح للوزارة إعادة بناء الهيكل التنظيمي والاداري والفني المسؤول عن قطاع البطولات الرياضية الطلابية، وبناء السياسات والإجراءات الموحدة في إدارة البطولات الرياضية الطلابية، ووضع التصور المقترح للاستراتيجية المستقبلية المتكاملة للحصول على الأبطال والفرق والمنتخبات الوطنية، والاستثمار الأمثل للكوادر البشرية من طواقم التدريب الوطنية في إعداد الفرق والمنتخبات، وانتقاء العناصر والمواهب من الرياضيين والأبطال من القطاعات التعليمية بالمدارس والجامعات وتقديم الرعاية الشاملة لهم. كل هذه الأثار وأكثر ستجعل الرياضة المدرسية تدخل عالم الاحترافية، فهي ستتحول إلى خط انتاج موحد ذي هدف واضح وفق اجراءات موحدة وحصد المزيد من الميداليات والمنجزات والبطولات.