الكلمة الضافية التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه - إلى المواطنين بحضور سمو ولي العهد، وسمو ولي ولي العهد، وأمراء المناطق، ومفتي عام المملكة، والعلماء والمشايخ والقضاة، كلمة حددت ملامح المستقبل السعودي بكل وضوح وجلاء؛ هي كلمة أجابت عن مرتكزات البناء السعودي وأوضحت مجموعة القيم الوطنية ورسمت استراتيجية التنمية التي يراها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ويمكن أن نسجل هنا مسارات المستقبل السعودي من خلال الخطاب الملكي في الآتي: - التأكيد على المنهج الذي تأسست عليه المملكة العربية السعودية المستمد من الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ومن عهد الامامين الكريمين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب -رحمهما الله- وهو العهد الذي سار عليه ملوك وقادة هذه البلاد منذ تأسيسها في العهد الحديث على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- مروراً بنهج الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله -رحمهم الله- وهو الذي رضيه الشعب واختاره قادة هذه البلاد وحكموا الشريعة من خلاله وأسسوا لمنهج القيم الوطنية وفق مثله. - التوكيد على رابط الوحدة الوطنية من حيث البعد عن تصنيف الناس او تصويرهم في منهج بعيد عن قيم الاسلام وأسس القيم الوطنية التي تأسست عليها البلاد والنظر الى كونهم أبناء وطن واحد يحملون همّ البناء لهذا الوطن مع تمثل قيم حرية التعبير وحرية الرأي فيما لا يخالف مبدأً ولا قيمة وطنية ولا راسخاً من مثل هذا الوطن. - التوكيد على الاعلام بكافة وسائله وكذا وسائل التواصل الاجتماعي في النأي عن كل مسببات الفرقة والعمل على تقريب وجهات النظر فيما يخدم وحدة البلاد ويحقق التماسك الوطني ويعلي من منهج البناء وفق رؤية موحدة تأخذ في حسبانها أننا أبناء وطن واحد منهجاً ومساراً. - الدعوة الى التوجه التام نحو الانتاجية الفاعلة افراداً وجماعات سواء في الجهات الحكومية او القطاع الخاص وبناء منظومة تتعدد فيها نواحي الاعتماد على الشباب السعودي في مواطن الانتاجية المختلفة. - تضمنت الكلمة رسائل تطمين للشعب والعالم من حولنا، أن المملكة العربية السعودية، كيان شامخ، قائم على مقومات راسخة ومعايير رصينة، يتوارثها الجميع أبًا عن جد. ومهما كانت التحديات الإقليمية والدولية، والتطورات السياسية المتلاحقة إلا أن خطاب خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، يعيد التأكيد على أن هذا الوطن سائر على خطى النمو بكل ثبات، وأنه قد وضع نصب عينيه الإصرار على مواصلة العمل على الأسس التي قامت عليها المملكة، في السعي نحو التنمية الشاملة والمتوازنة في مناطقها كافة، وهذا كله يعبر عن قرارات سبق أن صدرت وأثلجت صدور المخلصين لهذا الوطن المراهن على المستقبل بشبابه الواعد، وما سبق الإعلان عنه من إنشاء المجلسين المهمين: مجلس الشؤون السياسية والأمنية؛ ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. - لفت النظر أن من أولويات العهد الجديد ؛ للملك سلمان بن عبدالعزيز، تلمُّس احتياجات المواطنين، وتيسير سبل عيشهم، ودراسة أحوالهم عن كثب، مما يبشر بسنوات مقبلة زاخرة بالإنجازات؛ عمادها تحقيق العدالة لجميع المواطنين، فهو الذي يؤكد على أنه "لا فرق بين مواطن وآخر، ولا منطقة وأخرى"، وأنه وجه سمو وزير الداخلية بالتأكيد على أمراء المناطق بالاستماع إلى المواطنين كما "أكد على المجلسين الأمني والاقتصادي بالتيسير على المواطنين، وأنه لن يقبل أي تهاون في توفير سبل الحياة الكريمة لهم"؛ مشدّدًا على القضاء على الفساد؛ وحفظ المال ومحاسبة المقصرين، مؤكّدًا أن "الأمن مسؤولية الجميع، ولن نسمح بالعبث بأمننا"؛ و" أن الأمن نعمة عظيمة، وهو الأساس في رخاء الشعوب واستقرارها، وعلى الدوام أظهر المواطن السعودي استشعارًا كبيرًا للمسؤولية، وشكل مع قيادته وحكومته سدًا منيعًا أمام الحاقدين والطامعين. - جاء الخطاب الملكي متضمناً الرغبة الصادقة على توفير تعليم نموذجي؛ وكذا توفير فرص العمل للمواطنين، وحثّ رجال الأعمال على الالتزام بمسؤولياتهم الوطنية ،كما أكّد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على ضرورة إيجاد "حلول عاجلة لتوفير السكن للسعوديين"؛ وعلى "توفير تعليم تتوافق مخرجاته مع خطط التنمية وسوق العمل"، مؤكدًا أن "الوطن ينتظر من رجال الأعمال الكثير، وعليهم المبادرة في مجالات التوظيف". كما أكد حفظه الله على حرصه على تجنيب اقتصاد المملكة تداعيات هبوط النفط، إلى جانب تشجيع المؤسسات المتوسطة والصغيرة ودعم الشباب، وتكوين قاعدة اقتصادية متينة لشريحة كبيرة من المجتمع، وتنويع مصادر دخل المملكة بوجه عام. وأن ما تحقق للمملكة من تنمية وازدهار كان بفضل استشعار المواطن السعودي للمسؤولية "استشعارًا كبيرًا"، مشيرًا إلى ارتفاع أسعار البترول خلال السنوات الماضية، والذي ترك "آثاراً إيجابية على اقتصاد المملكة في المشاريع التي تحققت"، مؤكدًا العزم على "بناء اقتصاد قوي، قائم على أسس متينة، تتعدد فيه مصادر الدخل، وتنمو من خلاله المدخرات وإيجاد فرص العمل في القطاعين العام والخاص، وتشجيع المؤسسات المتوسطة والصغيرة على النمو، ودعمها؛ لتكوين قاعدة اقتصادية متينة لشريحة كبيرة من المجتمع". - حظيت قضايا الأمة العربية والإسلامية وتطوراتها، بنصيب من اهتمامه، حفظه الله، وهو يرسم ملامح السياسة السعودية المقبلة، حيث أبدى التزامًا قويًا على الصعيد الدولي بمناصرة هذه القضايا "في المحافل الدولية بشتى الوسائل، وفي مقدمة ذلك تحقيق ما سعت إليه المملكة دائما من حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف"؛ مؤكّدًا التزامه وسعيه إلى" تحقيق التضامن العربي والإسلامي بتنقية الأجواء وتوحيد الصفوف؛ لمواجهة المخاطر والتحديات المحدقة بهما"؛ تفاعلاً مع ما يجري على الصعيدين العربي والإسلامي من أحداث جسام، داعيًا إلى "الالتزام بنهج الحوار وحل الخلافات بالطرق السلمية". - وفي تقديم رؤيته حفظه الله للعالم، أشار إلى أن المملكة جزء من هذا العالم تعيش مشاكله والتحديات التي تواجهه، ونشترك جميعا في هذه المسؤولية، وسنسهم بإذن الله بفاعلية في وضع الحلول للكثير من قضايا العالم الملحّة، ومن ذلك قضايا البيئة وتعزيز التنمية المستدامة". وأكد عزمه الاستمرار "في العمل على ذلك مع المنظمات والمؤسسات الدولية والشركاء الدوليين". إن مضامين هذا الخطاب التاريخي الضافي بأبعاده المحلية والعربية والإسلامية والعالمية؛ تؤكّد أن المملكة العربية السعودية، الركن العربي والإسلامي، القوي، الذي منح الأمّة في العالم بأسره الأمن والأمان والسلامة والاطمئنان والثقة للمجتمعات؛ وتبرهن أن المملكة قد انتقلت إلى مرحلة تطويرية جديدة على يد قائد كبير، هو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله ورعاه، الذي أهمّه حال المواطن السعودي، فبشّره بسنوات مقبلة زاخرة بالإنجازات؛ كما أهمّه عالم عربي مسلم، على مساحة الوطن العربي، ينمو بأنماط مختلفة واتجاهات عدة، يحتاج إلى الكثير من الجهود؛ ليأخذ مكانه اللائق به في عالم اليوم ، وأنه يحتاج إلى تنقية الأجواء وتوحيد الصفوف لمواجهة المخاطر والتحديات المحدقة"، و"الالتزام بنهج الحوار وحل الخلافات بالطرق السلمية". وأيضًا راعه هذا العالم الواسع المضطرب، المحموم، الذي لم يستكن إلى الوئام مع ذاته؛ فأكّد معايشته مشاكله وتحدياته؛ ومشاركته في هذه المسؤولية، والإسهام بفاعلية في وضع الحلول للكثير من قضايا العالم الملحّة.. هذه الكلمة السامية رسمت ثوابت وطنية بهذا الخطاب التاريخي، وعبّر فيه بصدق عن بناء تنمية مستدامة ، تعلي من الوطن ومكانة ناسه وأهله وتجعل منهم طاقة متجددة تعمل بكل صدق ووفاء لهذا الوطن قيماً ومكاناً ومكانة وهو المؤمل من هذه الرؤية التي اشتمل عليها الخطاب الملكي الكريم. نسأل الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وأن يمد في عمره ويمتعه بالصحة والعافية ويجزيه عنَّا خير الجزاء؛ ليواصل غراسه الطيبة التي تثمر خيرًا في وطن الخير والنماء..