أكثر من 400 هزة أرضية شهدتها باكستان عقب الزلزال المدمر الذي وقع في منطقة كشمير وامتد حتى إسلام أباد في الجنوب مخلفاً وراءه أكثر من 53 ألف قتيل وقرابة 75 ألف جريح وفقا لآخر احصائية رسمية فيما لا تزال هناك آلاف القرى المعزولة والتي لا يعرف حجم خسائر الأرواح فيها لعدم تمكن رجال الانقاذ حتى الآن من الوصول إليها. «الرياض» شهدت خلال 8 أيام عددا كبيرا من الهزات الأرضية في إسلام أباد العاصمة وكذلك مناطق في الشمال مثل «مانسهره - بلاكوتا - ملكا - بتل» والتي زرعت الرعب في قلوبنا وقلوب المواطنين الذين فضلوا المبيت في العراء والعودة إلى منازلهم في النهار بسبب تتابع الهزات وشعورهم بها بشكل يومي مما جعلهم في ترقب خوفا من تكرار مأساتهم التي لا زالوا يعيشون آثارها. وفي ذات السياق حذر الخبراء الجيولوجيون من ان العاصمة الباكستانية إسلام أباد أصبحت معرضة لهزات زلزالية خطيرة وان تم تصنيفها حاليا ضمن المناطق الزلزالية الأولى التي تعتبر شديدة الخطورة كونها وسط موجة لا تنتهي من الصدمات الزلزالية والهزات الارتدادية والزلزال متوسطة القوة التي ضربت باكستان في غضون الاسبوعين الماضيين وبالتحديد اعتبارا من يوم السبت 8 اكتوبر الذي حدث فيه الزلزال المدمر فقد سجلت أجهزة مكتب المسح الجيولوجي وجود زلزال منخفض القوة مركزه العاصمة الباكستانية إسلام أباد نفسها. ولم يخف المراقبون الباكستانيون قلقهم البالغ إزاء ما يمكن أن تتعرض له العاصمة في المستقبل حيث يمكن ان تكون هي نفسها ذات يوم مركزا لزلزال مدمر يعصف بها كما عصف زلزال الثامن من اكتوبر بمدن مظفر أباد وبلاكوت ومانسهره وباغ وباتاجرام وان تتحول بدورها إلى مقبرة جماعية تضم ملايين القتلى. وعبّر المراقبون عن مخاوفهم من أن تتعرض العاصمة لمثل هذا الزلزال في وقت قريب بما يمثل كارثة مضاعفة للباكستان. ولا زلت اتذكر لحظة وصولنا إلى أحد الفنادق في راولبندي «30 كم جنوب إسلام أباد» ضمن الوفد الطبي السعودي فلم نكمل الساعة إلا وحدثت هزة شعرنا بها في غرفنا لنهرول مسرعين للنزول إلى بهو الفندق لنجد نزلاء الفندق وقد سبقونا إلى خارج الفندق فيما تسمر الكثيرون أمام شاشات التلفاز التي نقلت أخبار تلك الهزة وبات أغلب سكان روالبندي وإسلام أباد في الشوارع والميادين العامة واضطرت السفارة السعودية في إسلام أباد لنقل موظفيها وعوائلهم من الشقق متعددة الأدوار التي يسكنونها إلى النادي السعودي الأكثر أمانا وقضوا تلك الليلة في النادي أما نحن والوفد الطبي السعودي فلم نذق للنوم طعما لتكرار الهزة عند الصباح الباكر اي بعد الهزة الأولى بأقل من 4 ساعات وفي مدينة مانسهره الواقعة في سرحد بالشمال الغربي مقر المستشفى السعودي الميداني اعتدنا على أن نصحو من النوم بسبب قوة الهزات الأرضية وتأكيدا لما يراه الخبراء أكد المدير العام لمكتب المسح الجيولوجي وقوع مركز إحدى الهزات على مسافة قريبة جدا من إسلام أباد إلا أن هدأ من المخاوف قائلا لا شيء جدي يدعو للقلق مشيرا الى أن الخبراء يراقبون التطورات الزلزالية بشكل مباشر ودقيق في المنطقة بأكملها بما في ذلك العاصمة اسلام اباد وتشير إحدى الصحف الباكستانية الكبيرة (نيوز) إلى أن قمر الزمان كان يريد عدم الكشف عن هذه الحقائق حتى لا يثير الذعر وسط سكان العاصمة الا أنه أوضح أن هزة إسلام اباد كانت الأولى من نوعها وانها كانت منخفضة القوة ولم تتكرر بعد ذلك حسب قوله حتى يوم الجمعة الماضي. ويرى تشودري ان الهزة التي وقعت في إسلام أباد كانت صدمة ولم تكن هزة لضعفها وان أغلب الهزات الارتدادية والصدمات الزلزالية تم تسجيلها في المركز بمظفر اباد وبيشاور وكويتا وكراتشي ولاهور وانها تقوم بمسح المنطقة جغرافيا وجيولوجيا ولم يستبعد «تشودري» العاصمة إسلام اباد من المنطقة الزلزالية الأولى التي تعتبر خطيرة جدا وبخصوص الإغاثة الميدانية لضحايا الزلزال فلقد ساعدت الأجواء المناخية في المناطق الشمالية والشمالية الغربية الفيدرالية وأزاد كشمير على وصول رجال الانقاذ سواء بالسيارات أو بالبغال أو على الأقدام إلى عدد كبير من القرى المعزولة وبدأ رجال الجيش في تجهيز مواقع للطائرات المروحية على سفوح الجبال وفي بطون الأودية حتى يتمكنوا من نقل المتضررين وخصوصا المصابين من جراء الزلزال وتحلق عشرات المروحيات فوق تلك المناطق بحثا عن طالبي النجدة فيما تقوم طائرات أخرى بالقاء الملابس والأغذية على المناطق الوعرة.ومن العاصمة اسلام اباد إلى تلك المناطق تحتاج إلى ساعات طويلة للوصول إلى مدينة مانسهره 150كم شمال اسلام اباد وذلك للزحام الشديد بسبب قوافل الاغاثة التي تتقاطر على «مانسهره» وبلاكوت وللوصول الى بلاكوت من مانسهره 30ك تحتاج إلى 3 ساعات ذهابا وايابا وعلى الرغم من مرور 16 يوما على كارثة الزلزال الا أن الأجهزة الباكستانية وفرق الانقاذ الدولية ما زالت عاجزة عن فتح الطرق في أودية (كاغان ونيلوم وجيهلوم) في ازاد كشمير للوصول بالمساعدات الإنسانية إلى المنكوبين هناك. ومن الناحية الصحية تم اكتشاف 5 حالات مصابة بمرض الكزاز في مظفر اباد ووفاة 3 أشخاص في أحد المستشفيات الميدانية مما سبب حالة من الفزع لدى الجهات المعنية بالأمور الصحية والطبية كونه مرضا قاتلا وأعرب الأطباء عن قلقهم ازاء تردي الأوضاع الصحية للأشخاص المحاصرين تحت الأنقاض في المناطق الجبلية الوعرة والوديان المغلقة ومن الناحية البيئية وهي التي تثير المخاوف في مثل هذه الكوارث حذرت جماعة كشميرية من أن الزلزال يمكن أن يكون قد غير من أوضاع وأماكن الألغام الأرضية التي زرعتها القوات الهندية والباكستانية على طول خط المراقبة في شطري الاقليم.ويتوقع أن تستمر الهزات الارتدادية لمدة 4 أسابيع قادمة معظمها سيكون خفيفا غير أنها تستطيع عرقلة عمليات الاغاثة الجارية في المناطق المنكوبة واحداث تصدعات في المباني.ومما يعانيه رجال الانقاذ تسبب الهزات الارتدادية في انهيارات ترابية تزيد من صعوبة الوضع الاغاثي وتزيد من معاناة المنكوبين.