والمسلمون ليسوا في حرب مع واشنطن.. خطابات تبرئة تنفي السياسة والدين والواقع وحتى الكلام، فحروب الحضارات انفجرت كقناعات فلسفية في الولاياتالمتحدة وكموت ودمار في العالم الإسلامي، اعلنها صموئيل هنتجتون نظرياً وطبقها عملياً جورج بوش الابن. في مؤتمره في واشنطن حول مكافحة الإرهاب الخميس، طالب الرئيس أوباما رجال الدين في العالم الإسلامي برفع الغطاء الشرعي والديني عن الجماعات الإرهابية، فقد دخل السيد الرئيس في هذا التصريح بحرب صريحة مع الإسلام، ليس لأن الدين الإسلامي يحلل الإرهاب بل العكس هو الصحيح فعلماء الإسلام من عشرات السنين أعلنوا خروج المتطرفين من الإسلام، ومن عشرات السنين أيضاً تعيدهم السياسة إلى الدين ليملؤوا العالم خوفاً وقتلاً باسم الإسلام، فالتطرف يشتعل لأسباب سياسية وليست دينية، فمحاكمة الدين الإسلامي محاكمة سياسية اتجاه يجعل المواجهة مع الإسلام شيئاً حتمياً، مثل ما تعمل اليوم الدوائر السياسية الغربية، فكلما ضعفت جماعة متطرفة أعلنوا عن ولادة لجماعة متطرفة جديدة، فوفقا للسياسة الأمريكية أو الفهم السياسي الأمريكي للإرهاب، فالحرب على الإرهاب هو حرب مع مخلوقات من الجن تطير من مكان لمكان بدون طائرات وتصنع من الهواء سلاحاً، تتنقل بقوة سحرية لا يقدر عليها إلا الجن، فإذا اقتعنا أن حرب واشنطن على الإرهاب هو حرب على الجن سوف نقتنع بأن واشنطن ليست في حرب مع الإسلام. قضية العالم الإسلامي مع سياسة واشنطن في محاربتها للإرهاب تكمن في نظرتها للمسلمين وبعض الدول الإسلامية، فهي تنظر لهم بشكلين، الأول متوحش والثاني غبي، الأول يصعب تحديده والثاني محظور عليه التفكير إلا بموافقة واشنطن.. فبين الغباء والتوحش تخلق سياسات ومصالح ومعارك.. صدق الرئيس أوباما في توجهه المطالب بنزع الغطاء الديني عن الإرهاب إن كان القصد تبرئة الدين من الإرهاب وحصر أعماله بالجانب السياسي، فالغطاء السياسي هو الذي يحدد أهداف الجماعات الإرهابية ويوضح خطوط تمويلها ووسائل تنقلها من مكان لمكان بسرعة فائقة واستخدام الطرق بشكل آمن، فالاعتبارات السياسية توضح الخريطة الدولية لمكافحة الإرهاب، فطهران تعمل إلى جانب واشنطن في العراق، لمكافحة الإرهاب، وطهران تدعم جماعة الحوثي الإرهابية في اليمن برضاء أمريكي، وفي ليبيا تدعم واشنطن الحل السياسي وتتردد في التدخل العسكري التي تطالب فيه مصر، تحت غطاء دولي. فليطمئن الرئيس الأمريكي فعلماء المسلمين الثقاة لم يدينوا الجماعات المتطرفة فقط كما يطالب، بل أخرجوهم من الدين واعتبروا قتالهم واجباً شرعياً، وإن كان القصد بالمطالبة مشايخ الجماعات الإرهابية، فهؤلاء رقم أساسي في الجماعات الإرهابية وشرهم مجرم شرعاً والتعامل معهم جريمة يعاقب عليها القانون في الدول الإسلامية، فالغطاء السياسي الذي تتحرك الجماعات الإرهابية تحت حمايته غطاء سياسي وليس دينياً. لمراسلة الكاتب: [email protected]