سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إمام المسجد الحرام: للبيعة واجبات ومسؤوليات وتبعات أهمها وأولاها السمع والطاعة مع حفظ هيبة الإمام حذر شباب هذه الأمة السمحة من الانجراف وراء الشعارات الخاطئة
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه، وقال في خطبة الجمعة يوم أمس بالمسجد الحرام لقد قصدت شريعتنا الغراء تحقيق أعظم المصالح وأسمى المقاصد وتزكية أسمى النفوس دون البوائق والمفاسد فهي خاتمة الرسالات لأنها الرسالة المباركة الميمونة ولأنها إنطوت التطور والمرونة واتسمت بمواكبة أحداث العصور ومستجداتها واستيعاب القضايا ومتغيراتها، وإن من عظيم محامدها استدلاجها في استصلاح أحوال العباد في المعاش والمعاد مستجلبة لهم أكبر المصالح والخيرات واهتمامها الحثيث في تحصيل بوارق الحق الذي لا يبور ودفع المعرات عنهم، وإن من أعظم القضايا الجوهرية قضية الإمامة والحكم وسياسة الرعية بالشريعة الماجدة والخلافة الراشدة. وأضاف فضيلته أنه لو لم يكن للناس إمام مطاع لثلمت شرائع الإسلام وتعطلت الأحكام وفسد أمر الأنام ولم يحج البيت الحرام، ولقد كانت قضية الإمامة من أهم القضايا التي اهتم بها الدين وأرسى أسسها سيد الأنبياء والمرسلين عليه أفضل الصلاة والسلام وعلى هذا النهج القويم سار الصحابة رضوان الله عليهم بعد اإنتقال النبي صلى الله عليه وسلم للرفيق الأعلى حيث اجتمعوا في ثقيفة بني ساعدة وبايعوا أبا بكرالصديق قبل تجهيز النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبيتوا ليلتهم مع جلل المصاب وعظم الفاجعة إلا وفي أعناقهم بيعة لإمام، واستخلف الصديق عمر رضي الله عنهما وجعل عمر في ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعت الأمة عثمان بن عفان ثم علي ابن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين وقال إمام وخطيب المسجد الحرام إن بيعة الإمام تعني العهد على السمع والطاعة بالمعروف في المنشط والمكره والعسر واليسر وعدم منازعة الأمر لأهله وهي واجبة في الكتاب والسنة وإجماع الأمة فالبيعة قررتها الشريعة وأوجبتها نصوص الكتاب والسنة فهي أصل من أصول الديانة ومعلم من معالم الملة يوجب الشرع التزامها والوفاء بها لأنها أصل عقدي وواجب شرعي وها لحمة على السمع والطاعة تنص وعلى الإجلال والمحبة تحض وعلاقة عقدية تعبدية تقوم على ركيزة إعلاء مصالح الدين ورفع صرح الشريعة وإعلاء راية الحسبة وتتجافى عن المصالح الذاتية والمطامع الشخصية والحب المزعوم والمديح الكاذب والإطراء المزيف والاقتداد على فتات موائد المواقف والأحداث. وبين الشيخ السديس أن للبيعة واجبات ومسؤوليات وتبعات أهمها وأولاها السمع والطاعة في غير معصية مع حفظ هيبة الأئمة ومكانتهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله) مع المناصحة بالضوابط الشرعية دون تشنيع لقول النبي صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة قلنا: لمن يارسول الله، قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)، وقال الإمام الشوكاني -رحمه الله (ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يناصحه ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد، بل يأخذ بيده ويخلو به ويبذل له النصيحة) ومن ظن أن النقدلأهل الربط والعقد والعلماء والدعاة ورجال الخير والحسبة على هذا المنوال فقد جانب الصواب وأبعد النجعة وعين النصيحة نبذ الفضيحة بإفضائها بتماسك الأمة واجتماعها وترابطها إلى لباب الفرقة والخلاف ورعونات الآراء والأهواء ولخلوصها إلى انتقاص من جاء الشرع برعاية حقوقهم وحفظ هيبتهم. وأشار فضيلته إلى أن الإمام إبن القيم قال:"الإنكار على الولاة بالخروج عليهم أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر أو أنه يكمن بالتنصل من الدين والمحكمات والتميع في تطبيق الشريعة وتقديم التنازلات تلو التنازلات والإنفلات من الثوابت والإنسياق وراء الانفتاح دون مراعاة لخصوصية الأمة المسلمة". وطالب فضيلته بالدعاء لهم لقول الإمام الطحاوي "في الدعاء للأئمة وندعو لهم بالصلاح والمعافاة"، وقال الإمام أحمد رحمه الله "لو أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للإمام". وأكد السديس أنه يجب التعاون مع ولي الأمر وتأليف القلوب له وعدم تأليب العامة عليهم لتنتظم مصالح الدين والدنيا ولا ريب أن عليهم تجاه شعوبهم ورعاياهم آداء الأمانة وإقامة العدل وتحكيم الشرع وتأمين الثغور ورفع المظالم ونصرة المظلوم ورعاية مصالح المسلمين ودرأ المفاسد والأضرار عنهم. وقال فضيلته إن هذه القضية وجب التذكير بها للفهم وغلبت الوهم لاسيما في عالم يموج بالتحديات والصراعات ويعج بالمشكلات والأزمات وتعصف به التيارات والانتماءات والولاءات لجهات وتنظيمات ضالة تسلك سبيل الغلو والعنف والإرهاب والتطرف والبغي والظلم والطغيان فتسفك الدماء وتبعثر الأشلاء وتسعى للفساد في الأرض قتلاً وتحريقاًً بغيا وتفريقاً باسم الإسلام مع شديد الأسى بكل وحشية وبربرية تجاوزت الحدود الشرعية والأخلاقية ولا يقرها دين ولا قيم ولا إنسانية أيا كان فاعلها، وقد ثبت في الصحيح أنه لا يعذب بالنار إلا رب النار. ودعا فضيلته شباب هذه الأمة السمحة بأن لا ينجرفوا وراء هذه الشعارات الخاطئة وأن يتبعوا مبادئ الدين السمحة والاعتدال والوسطية، وألا يركنوا للشائعات المغرضة، فالإسلام دين العفو والرحمة والتسامح.