كم هي رائعة التعديلات الجديدة لأنظمة البناء التي أعتمدها مؤخراً أمين مدينة جدة بعد أن أعدها فريق من الأمانة بمشاركة بعض رجال الأعمال ونخبة من المختصين في الجامعات والمكاتب الاستشارية، وقد أجرت الأمانة هذه التحديثات حرصا منها على تسهيل إجراءات المواطنين وملاك الأراضي. ومن أبرز التحديثات، توحيد ارتفاعات العمائر السكنية لتكون أربعة طوابق وزيادة ارتفاعات المباني على الشوارع والمحاور التجارية، السماح بزيادة الارتفاعات في المنطقة المركزية، وفي مناطق التنمية الخاصة ومناطق المشروعات المتميزة، والسماح ببناء فيلا سطح من دورين على نسبة 50٪ من مسطح الطابق العلوي في العمارات كوحدة سكنية واحدة، وإعفاؤها من معامل الكتلة ومن العدد الأقصى لطوابق البناء، وإعطاء حرية لملاك الأراضي التي يتم تقسيمها بتخطيطها كمناطق فيلات أو عمارات حسب رغبة المطور، والسماح بتواجد الاستعمالات المتميزة (كالمطاعم المتخصصة ومحلات التجميل النسائية والمكاتب الإدارية) داخل حدود المباني والمناطق السكنية وفق الضوابط المحددة لذلك، والسماح بالبناء على حد الجار في الطابق الأرضي مع الالتزام بالارتدادات الأمامية والارتدادات النظامية في الطوابق المتكررة، والسماح للجيران أن يتفقوا فيما بينهم على إلغاء الارتدادات الجانبية في مناطق الفيلات.. وقد سمحت الأمانة بزيادة مساحات البناء بالمباني بموجب تنظيمات شراء حقوق الانتفاع التي ستصدرها خلال الأشهر القادمة.. لقد عاني المواطن كثيرا (وما انفك يعاني) من جمود وتعسف بعض أنظمة واشتراطات البناء، وتكبد بسبب التنظيمات (غير المدروسة جيدا) تكاليف إضافية باهظة، بالإضافة إلى أن بعض أنظمة البناء كانت سببا مباشرا وغير مباشر في العديد من المشكلات الصحية والبيئية والأمنية والاقتصادية علي مستوى المدينة، وقد أحسنت أمانة جدة عندما تبنت هذه الإصلاحات العمرانية والاقتصادية الهامة، وكم أبهجتني فكرة تقليص الارتدادات والسماح بالبناء على حد الجار في الطابق الأرضي مع الالتزام بالارتدادات الأمامية والارتدادات النظامية في الطوابق المتكررة، وتمنيت أن تتبني أمانة مدينة الرياض هذه الفكر بالذات، فصاحب الأرض بحاجة ماسة لكل شبر مربع في أرضه لاسيما وأن قطع الأراضي السكنية في مدينة الرياض استفحش الغلاء فيها وبات امتلاكها عسيراً جدا على المواطن غير البسيط.. إن المتأمل في مثل هذه التحديثات سيدرك أنها تصب في مصلحة اقتصادنا الوطني، وتوفر على المواطن أموالا طائلة، وتمكنه من استغلال مساحات أرضه بشكل أفضل مما كان عليه الماضي، وقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن قيمة الانتفاع (Use Value) من مساحات المساكن في السعودية متدنية جدا مقارنة بالمعدلات العالمية، وعزى الكثير من المختصين أسباب ذلك إلى الارتدادات الجانبية والخلفية التي تلتهم مساحة كبيرة من قطعة الأرض.. فيا أمانة مدينة الرياض ألم يأن الأوان لتقليص الارتدادات؟.